ومع دخول المنطقة فى حالة من الجمود السياسى على صعيد الملفات الإقليمية وعلى رأسها الملف السورى والليبى طرحت القيادة المصرية مبادرة للتوصل لحل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية عبر إحياء عملية السلام المجمدة بين الجانبين على تولى حكومة اليمين المتطرف مقاليد الحكومة فى تل أبيب، وكانت رؤية القاهرة صائبة فى السعى للوصول لسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذى يعد أساس الصراع المسلح فى منطقة الشرق الأوسط بين كافة القوى والفصائل المسلحة التى تستخدم ورقة فلسطين وتحرير ترابها من الاحتلال الإسرائيلى فى تبرير دخولها آتون الصراع المسلح ولاسيما فى سوريا والعراق.
وفى ظل حالة الجمود السياسى وتوتر العلاقات بين الجانب الفلسطينى والإسرائيلى والتى وصلت لتلويح رام الله بإعادة النظر فى تقييم العلاقة مع إسرائيل، طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى منتصف مايو الماضى مبادرة لنزع فتيل الأزمة بين الجانبين وتمثلت رؤيته على مستويين الأول رأب الصدع الفلسطينى بتوحيد الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتى فتح وحماس لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتفعيل الاتفاقات الموقعة بين الحركتين وأبرزها اتفاق القاهرة الموقع مايو 2011، وهو ما بدأت به المؤسسات الأمنية المصرية من خلال عقد اجتماعات مكثفة مع قادة الفصائل الفلسطينية والذين أبدوا ترحيبا واسعا بمبادرة الرئيس السيسى فى رأب الصدع الداخلى الفلسطينى لتوحيد الصف للتفرغ للقضية الأهم وهى نيل الشعب الفلسطينى حريته وتحقيق حلم إقامة الدولة المستقلة، والمستوى الثانى هو فتح اتصالات مع الجانب الإسرائيلى والقوى الإقليمية والدولية الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وفرنسا والأردن لتنسيق المواقف المشتركة نحو الدفع بإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وزارت وفود دبلوماسية وأمنية إسرائيلية القاهرة خلال الأسابيع الأخيرة للتشاور حول مبادرة الرئيس السيسى وعقد لقاءات مشتركة مع المسئولين المصريين، وتعد زيارة وزير الخارجية سامح شكرى 29 يونيو الماضى إلى رام الله ولقاءه بالرئيس الفلسطينى محمود عباس خطوة إيجابية وجادة لتشجيع الجانب الفلسطينى على إحياء عملية السلام وفق المرجعية الدولية، إضافة للقائه برئيس الوزراء الفلسطينى الدكتور رامى الحمد الله للإطلاع على الإنتهاكات الإسرائيلية التى تمارسها حكومة نتنياهو فى الأراضى المحتلة عبر توسيع رقعة المستوطنات والاعتقالات والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين.
وتحمل زيارة وزير الخارجية سامح شكرى إلى إسرائيل عدة رسائل هامة منها جدية مصر فى إحياء عملية السلام بين الجانبين ورغبة القاهرة فى إعادة اهتمام المجتمع الدولى بالقضية الفلسطينية لسابق عهدها والتأكيد على أن الأزمات التى ضربت المنطقة مرتبطة بالصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لذلك بدأنت تدفع الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا للدفع نحو إحياء عملية السلام فى المنطقة.
وصرح المستشار أحمد ابو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن سامح شكرى وزير الخارجية أجرى اتصالا هاتفيا اليوم الاثنين مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، استعرض خلاله نتائج زيارته الأخيرة إلى إسرائيل والمحادثات التى أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حول سبل دفع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
وأوضح أبو زيد، أن وزير الخارجية أكد خلال الاتصال على حرص مصر على القيام بدور داعم ومشجع لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وأن المواقف المصرية سوف تظل دائما داعمة لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، ولهدف تحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وتم الاتفاق خلال الاتصال على مواصلة التنسيق بين الجانبين المصرى والفلسطينى خلال المرحلة القادمة لاستكمال الجهود فى هذا الشأن.
فيما أجرى وزير الخارجية سامح شكرى اليوم الاثنين اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأردنى ناصر جوده، حيث أطلعه على نتائج المباحثات التى أجرها مع رئيس الوزراء الإسرائيلى خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل فيما يخص سبل دفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وصرح المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن الوزيرين أكدا دعم البلدين لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، واتفقا على مواصلة التنسيق بين مصر والأردن، لدعم الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وإعادة عملية السلام إلى مسارها بهدف تحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
بدوره أكد سفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية جمال الشوبكى، أن لمصر دور محورى فى تحريك عملية السلام فى إطار التحضير للمؤتمر الدولى للسلام المنبثق عن اجتماع باريس، خاصةً وأن كافة اللقاءات المتعلقة كانت برئاسة مصر للجنة الوزارية العربية المعنية بالتحرك لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى المكلفة من قمة شرم الشيخ بعضوية فلسطين والأردن والمغرب والأمين العام للجامعة العربية، مع وزير الخارجية الفرنسى السابق لوران فابيوس والحالى جان مارك ايرولت والتى تمت فى القاهرة.
وفى رد على أسئلة للصحفيين أجاب السفير الشوبكى: " إننا نفهم زيارة الوزير سامح شكرى والتى تمت بعد زيارة رام الله وبالتنسيق معنا دعماً لجهود الإسراع بعقد المؤتمر الدولى للسلام ووضع مرجعيات للتفاوض وفق القانون الدولى والشرعية الدولية وفى إطار جدول زمنى محدد، نتابع النتائج ونأمل أن نطلع كجانب فلسطينى عما أسفرت عنه خاصةً وأن كافة القرارات الصادرة حول القضية الفلسطينية بإجماع عربى تمت بدعم وتنسيق مصرى، ونرحب دوماً بالدور المصرى".
وحول التقرير الأخير للجنة الرباعية، أكد السفير الشوبكى أن التقرير لا يلبى الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية ويوازى فى تقييمه بين الضحية والجلاد، وأنه يتناقض مع القانون الدولى والشرعية الدولية ومبادرات السلام العربية والدولية.
وقال الشوبكى أن التعنت الإسرائيلى أدى إلى جمود عملية السلام، وتزايد وتيرة الاستيطان غير الشرعى وعمليات تهويد القدس والمضايقات المستمرة للمواطن الفلسطينى فى كافة أوجه العيش، مما يجعل الخروج من تلك الدائرة أمراً ملحّاً وضرورة قصوى، مطالباً كافة الأطراف المعنية بإلزام اسرائيل بالشرعية الدولية والقانون الدولى وصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى.
فيما أجرى سامح شكرى وزير الخارجية، جلسة مباحثات موسعة مع رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتنياهو فى إسرائيل الأحد، امتدت لأكثر من ساعتين، أعقبها مباحثات مطولة على عشاء أقامه رئيس الوزراء الإسرائيلى لوزير الخارجية بمنزله الخاص، تناولت كافة الجهود المرتبطة بتفعيل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية وكيفية البناء على الرؤية التى طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى دعوته التى أطلقها يوم 17 مايو على الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بهدف التوصل إلى حل شامل وعادل ونهائى للقضية الفلسطينية، من شأنه أن يحقق حلم إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار للشعب الإسرائيلى.
وصرح المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأن المحادثات المصرية الإسرائيلية، والتى جرى الشق الأكبر منها فى إطار ثنائى منفرد جمع وزير الخارجية سامح شكرى وبنيامين نتانياهو وحدهما، تناولت تقدير نتائج الاجتماع الوزارى الخاص بدعم عملية السلام فى باريس يوم 3 يونيو، وتقرير الرباعية الدولية، والزيارة التى قام بها وزير الخارجية إلى رام الله يوم 29 يوليو، وأكد خلالها شكرى على التزام مصر بتقديم كافة أشكال الدعم للجانبين الفلسطينى والإسرائيلى لتشجيعهما على استئناف المفاوضات، وأن نقطة الانطلاق لأى مفاوضات قادمة ينبغى أن تتأسس على احترام مقررات الشرعية الدولية والمرجعيات الخاصة بها، واتخاذ إجراءات واضحة على مسار بناء الثقة، وأنه من المهم أن يشعر كل طرف بأنه لا مجال لتحقيق رؤية الدولتين إلا من خلال المفاوضات الجادة والمباشرة.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، بأن المباحثات بين شكرى ونتنياهو تناولت أيضاً عدداً من الملفات المرتبطة بالعلاقات الثنائية، ومن ضمنها جهود مكافحة الإرهاب والوضع الخاص بدير السلطان التابع للكنيسة القبطية المصرية فى القدس، كما تم مناقشة عدد من الملفات المرتبطة بالأوضاع الإقليمية. وقد حرص الوزير شكرى على نقل رؤية مصر تجاه الكثير من القضايا الإقليمية وكيفيةً حلها.
موضوعات متعلقة
الخارجية: المحادثات مع نتنياهو تناولت طرح رؤية السيسى لإحياء عملية السلام
سفير فلسطين بالقاهرة: زيارة سامح شكرى لإسرائيل تمت بالتنسيق معنا لتحريك السلام
وزير الخارجية يطلع نظيره الأردنى على نتائج مباحثاته فى إسرائيل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة