بعبارات مسمومة، اختار حسن نصر الله، أمين عام حزب الله اللبنانى، التعليق على الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها المملكة العربية السعودية قبل يوم من عيد الفطر المبارك، قائلاً إن الدول والحكومات الداعمة للإجرام التكفيرى أصبحت من أبرز ضحاياه، الأمر الذى ردده "نبيل قاووق" رئيس المجلس التنفيذى للحزب قبل يومين، زاعماً أن النظام السعودى ارتكب خطأ استراتيجياً عندما أدرج "حزب الله" على قوائم الإرهاب، معتبراً أن المملكة تضلل الأمة العربية والإسلامية.
"نصر الله" الذى تحدث عن دعم المملكة العربية السعودية للإرهاب، أغفل تولى حزبه تدريب نجل عبدالملك الحوثى قائد الانقلاب على الشرعية فى اليمن داخل الأراضى اللبنانية، فضلاً عما يقدمه "حزب الله" من دعم مسلح للحوثيين للقيام بأعمال عنف ضد السلطة اليمنية، وعلى الحدود السعودية مع اليمن فى إرهاب واضح يموله الحزب خدمة لمصالح إيران.
يدرك الأمين العام لحزب الله قبل غيره أنه بدد الكثير من ميراث البطولات الذى سطر تاريخه منذ المشاركة بقوة فى تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلى، وصولاً إلى حرب "الوعد الصادق" عام 2006.. حينها كان حسن نصر الله بطلاً فى نظر عموم العرب، عندما كان حزبه يرفع لواءً عربياً لم تدنسه الطائفية، ولم تحركه بوصلة إيران وأطماعها فى المنطقة.
يعلم "نصر الله" أن الانتساب إلى "آل البيت" ـ إذا صدق ـ لن يسقط عنه قول نبى الرحمة: "إذا التقى مسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار"، وأن البطولة لا تكتمل حين تكون على رأس تنظيم يقاوم الاحتلال تارة، وينتهك دول الجوار تارة أخرى.. يعلم أن مجده زائف ومصيره إلى زوال كلما تأمل قوام طاقم الحراسة الخاص به، أو اضطر لـ"دواع الأمن" مخاطبة اللبنانيين عبر كلمة مسجلة أو من وراء ستار زجاجى.
يوماً تلو الآخر، يدون "نصر الله" جرائم جديدة فى سجله الخاص، تغريه خرائط "سايكس ـ بيكو" الممزقة والتى تطفئ شمعتها المائة إلى ارتكاب المزيد من المغامرات العابرة للأقاليم. لم تعرف حدود الدول العربية ضعفاً منذ عهود الاستعمار مثلما ألم بها فى أعقاب الربيع العربى، فيدفع الأمين العام للحزب رجاله إلى الحرب السورية ويختار معسكر بشار الأسد، ناسياً أن وقوف روسيا فى المعسكر نفسه لن يدوم طويلاً لما يربط الحكومة الروسية من علاقات واسعة مع العالم السنى وفى القلب منه مصر ودول الخليج.
من مقر إقامته غير المعلن، يعجز "نصر الله" عن أن يطل على لبنان عبر النوافذ بعدما أصبح رأسه مطلوباً من قبل تنظيمات ودول بينها الشقيق وغير الشقيق. يتأمل الأمين العام لحزب الله الشاشات ووكالات الأنباء، يعلم أن امتلاك منابر إعلامية خاصة وأخرى ممولة لن يضمن له ما يلزم من مساحيق التجميل، وأنه دوماً يحتاج إلى "شو" جديد. يغازل القاهرة عبر البيانات والخطب، بعد ثورة 30 يونيو.. يدرك ما لكلمة "الشقيقة الكبرى" من أثر فى نفوس البسطاء وكيف تكسب تعاطفهم، إلا أنه عجز أن يحرك ساكناً.. يختبر الصبر إلى أن تأتى وفاة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ليرسل وفداً من قادة الحزب إلى القاهرة لتقديم واجب العزاء، فى محاولة لإحراج الحكومة المصرية، وتوريطها، لكنه أيضاً يفشل.
يحتاج الأمين العام لحزب الله أن يدرك أنه خسر لدى العرب والمصريين على وجه التحديد الكثير من رصيده قبل ثورة 25 يناير وبعدها، ولن تشفع له خطابات الغزل أو وفود المعزين، ما لم يكف الأذى، وما لم يقدم المطلوبين فى وقائع اقتحام السجون فى أعقاب الثورة والمطلوبين فى قضية "خلية حزب الله" التى هربت من سجن المرج عام 2011ـ.
يحتاج "نصر الله" تذكيراً بحدود الصبر، وهو يطلق عملاءه فى شتى العواصم العربية لزعزعة استقرارها، وارتكاب أعمال عنف وإرهاب وتحريض لصالح إيران، بعدما تكشفت مؤامراته واحدة تلو الأخرى فى سوريا والعراق، فضلاً على المؤشرات التى تؤكد تورطه فى ارتكاب عدد من الهجمات التى شهدتها المملكة العربية السعودية فى الآونة الأخيرة.
على سماحة السيد ـ كما يلقبه مريدوه ـ أن يتأمل لبنان بأعين عربية لا شيعية، ليرى كيف ورط بلاده فى معارك دبلوماسية، يدفع ثمنها اللبنانيون وحدهم، حين اختار وزير الخارجية جبران باسيل أن يكون موظفاً لدى الحزب وليس شعب لبنان، ويمتنع ـ فى مشهد لافت ـ عن التصويت على قرار للجامعة العربية بإدانة الهجمات التى طالت مقار دبلوماسية للمملكة العربية السعودية داخل إيران، لربط قرار الجامعة، نشاطات حزب الله بالإرهاب.
يحتاج "نصر الله" وهو يرفع شعارات حربه المزعومة ضد تنظيم "داعش" أن يعوض اللبنانيين عن قرارات وقف المساعدات الخليجية، ومنع السعودية والإمارات والكويت وغيرهم رعاياهم من السفر إلى لبنان، رداً على خروجه عن الصف العربى.. يحتاج أن يتحمل نصيبه من مسئولية تعقيد المشهد اللبنانى الذى وصل ذروته حين عجز اللبنانيون عن انتخاب رئيس للدولة منذ منتصف 2014، بعدما أجل البرلمان جلسة انتخاب الرئيس لما يزيد على 33 مرة.
بإمكان نصر الله أن يفخر بالعداء مع إسرائيل، بلا شك، وأن يرفع ما يريد من شعارات، لكن عليه أن يشعر بالعار حين تعجز عباءته السوداء عن إخفاء ما عليها من آثار دماء العرب والمسلمين، منذ لاحقته تهم المشاركة فى عمليات اغتيال من بينها تصفية رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريرى، وغيرها.
موضوعات متعلقة :
مقتل قيادى بارز بصفوف ميليشيات حزب الله فى معارك بحلب
المحكمة الدولية توقف ملاحقة مسئول بحزب الله متورط فى اغتيال الحريرى
تصعيد إيرانى ضد السعودية ومسئول سابق بالحرس الثورى يحذر من اغتيالات ببلاده
مقتل جندى سعودى فى انفجار لغم أرضى على الحدود مع اليمن
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة