هل الاقتراض من صندوق النقد المخرج الوحيد لأزمة الاقتصاد المصرى؟.. تراجع دعم الخليج وأزمتا السياحة والعملة تجعله الحل الأمثل.. وخبراء: شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب ويمكن "المركزى" من إدارة السوق بمرونة

الخميس، 14 يوليو 2016 09:40 م
هل الاقتراض من صندوق النقد المخرج الوحيد لأزمة الاقتصاد المصرى؟.. تراجع دعم الخليج وأزمتا السياحة والعملة تجعله الحل الأمثل.. وخبراء: شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب ويمكن "المركزى" من إدارة السوق بمرونة صندوق النقد الدولى
كتبت ياسمين سمرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

•"هيرمس": تغيير فى سياسة الصندوق واهتمام أكبر بالبعد الاجتماعى وحماية محدودى الدخل

• "كابيتال إيكونوميكس": اتفاق مع الصندوق يحسن آفاق النمو فى مصر على المدى المتوسط.. وبعض الألم نتيجة تشديد السياسات المالية وخفض الجنيه مجددا

• "بلتون": التدفقات الدولارية المرتقبة لا تكفى لحل الأزمة مع الاتجاه لخفض الجنيه



تباينت ردود الأفعال على استعداد الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولى، رغم أنه لم يتم التقدم بطلب رسمى حتى الآن، بين مؤيد يراه "المخرج الوحيد للأزمة" ومعارض يراه "الجحيم"، لكن ثمة إجماع بين الأوساط الاقتصادية وبيوت الخبرة ومراكز الدراسات على أنه الحل الوحيد والعاجل لاحتواء أزمة العملة الصعبة وإنعاش الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية ليتجاوز عثراته الحالية.

وتشكل أزمة نقص العملة الأجنبية صداعا مزمنا فى رأس حكومة المهندس شريف إسماعيل التى تسعى فى كل اتجاه لتدبير سيولة دولارية لتعزيز أرصدة الاحتياطى النقدى التى تدهورت خلال الخمس سنوات الماضية لتصل إلى 17.5 مليار دولار نهاية يونيو الماضى، بالكاد تكفى واردات مصر الأساسية لمدة 3 أشهر فقط، مقارنة بنحو 36 مليار دولار قبل ثورة يناير.

وتوسعت الحكومة فى الاقتراض من الخارج فى الآونة الأخيرة، فى ظل سعيها لتدبير الفجوة التمويلية التى تقدر بـ30 مليار دولار لمدة 3 سنوات، بمتوسط 10 مليارات دولار سنويا.

وتفاقمت أزمة العملة خلال الشهور الماضية بسبب التراجع الحاد فى إيرادات السياحة إثر حادث انفجار الطائرة الروسية فى أكتوبر الماضى، بالتزامن مع تراجع تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس، وزيادة الصادرات على حساب الواردات.

هذا ولا تزال الاستثمارات الأجنبية التى تعد واحدة من أهم مصادر البلاد من العملة الصعبة، هشة وفى حالة من الترقب لتحرير سعر الصرف بما يعكس العرض والطلب الحقيقيين، إذ دفعت قبضة البنك المركزى على سعر الصرف بهدف دعم العملة العديد من المستثمرين للهروب من السوق المصرى، فيما أحجم آخرون عن ضخ أموالهم فى تلك المرحلة التى تزايدت فيها فجوة سعر الصرف بين السوق الرسمية والموازية إلى ما يزيد عن 2.5 جنيه.

وبسبب أزمة النفط تراجعت حزم المساعدات من دول الخليج واتخذت أشكالا أخرى منها الاستثمارات التنموية والودائع، فيما تراجعت المنح.

كيف يدعم اتفاق صندوق النقد الاقتصاد المصرى؟



وأكد محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلى فى بنك "هيرمس" للاستثمار، أن الاتجاه لصندوق النقد الدولى سيكون "الحل الأمثل" لتحسين أوضاع الاقتصاد الحالية.

وقال أبو باشا فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن قرض صندوق النقد سيوفر موارد من العملة الصعبة بصورة عاجلة، بما يسهم فى زيادة مستوى احتياطيات الدولار ويعزز قدرة البنك المركزى فى إدارة سوق الصرف بمرونة.

وأضاف أن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق يعد شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، بما يعزز ثقة المستثمرين الأجانب ويفتح الباب لتدفقات استثمارية مباشرة وغير مباشرة فى المحافظ المالية، إذ يعد الاتفاق مع الصندوق بمثابة ضمان بتحمل مخاطر أقل وذلك بموجب الإصلاحات التى يتم الاتفاق على تنفيذها بموجب الاتفاق.

ونوه أبو باشا إلى أن قرض صندوق النقد يدعم التصنيف الائتمانى لمصر، كما يمهد للحصول على التمويل من الخارج بتكلفة أقل، ويرفع شهية المستمرين الأجانب للاكتتاب فى السندات الدولية التى تعتزم الحكومة طرحها لسد الفجوة التمويلة، فى ظل انخفاض أسعار الفائدة عالميا.

إصلاحات جريئة بدأت بالفعل



وفيما يتعلق بالمخاوف من الإجراءات التقشفية التى قد تنجم عن إبرام اتفاق بين القاهرة وإدارة صندوق النقد الدولى، أكد "أبو باشا" أن سياسة الصندوق تغيرت خلال السنوات الماضية وأصبح هناك اهتمام أكبر فى مراعاة البعد الاجتماعى وحماية محدودى الدخل فى برامج الإصلاح الاقتصادى وفقا لظروف كل دولة، الأمر الذى يضمن نجاح البرنامج والقدرة على السداد فى الوقت ذاته.

ويعد إصلاح النظام الضريبى بهدف زيادة إيرادات الدولة، وتبنى سياسة صرف مرنة تعكس العرض والطلب، وإصلاح منظومة الدعم، من أهم شروط صندوق النقد لإتاحة التمويل المطلوب، مع تحديد جدول زمنى لتنفيذ تلك الإصلاحات وهو ما يتوافق مع اولويات برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى.

ومن تلقاء نفسها ودون اشتراطات من أى جهة، بدأت مصر بالفعل فى تنفيذ تلك الإصلاحات منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم منذ عامين، من خلال التحرير التدريجى لأسعار الكهرباء وتقليص دعم الطاقة وإعداد قانون ضريبة القيمة المضافة، الذى يتوقع إقراره من مجلس النواب خلال الأيام المقبلة، وأخيرا إعادة تقييم الجنيه أمام الدولار عدة مرات، كان آخرها وأكثرها جرأة فى مارس الماضى، حينما خفض طارق عامر، محافظ البنك المركزى، الجنيه بنسبة 12% دفعة واحدة، ليصل إلى 880 قرشا للدولار فى السوق الرسمية، فى خطوة استهدفت بالأساس تخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية والحد من الواردات برفع تكلفة الاستيراد.

وأكد "أبو باشا" أن الاتفاق الوشيك مع صندوق النقد لن ينطوى على إصلاحات خارج هذا السياق، وإنما سيتم استكمال جولات خفض دعم الطاقة وتحرير أسعار الكهرباء، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى التحول إلى سياسة أكثر مرونة فى سعر الصرف، وهو ما ألمح إليه محافظ البنك المكرزى مؤخرا، مؤكدا أن دعم العملة المحلية خلال السنوات الخمس الماضية كان خطأ فادحا، وأنه سيركز خلال الفترة المقبلة على إنعاش الاقتصاد بدلا من استقرار سعر الصرف.

وتزايدت التكهنات بخفض وشيك للجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة بعد تصريحات عامر، التى أكد خلالها أنه لن يستهدف سعرا محددا للعملة المحلية أمام نظيرتها الأمريكية، وتوقعت بنوك استثمار خفضا إلى 950 قرشا للدولار قبل نهاية 2016، ما قفز بالدولار فى السوق الموازية إلى 11.5 جنيه وسط توقعات باستمرار صعوده ترقبا للخفض.

ويرى أبو باشا أن تلك الإصلاحات خطوات استباقية تمهد للتفاوض مع صندوق النقد وتعزز فرص نجاح الاتفاق، مستبعدا حدوث خلاف حول الإصلاحات المطلوبة، متوقعا أن تدور المفاوضات على ترتيب الأولويات وطرق تنفيذ تلك الإصلاحات.

وأكدت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية للدراسات الاقتصادية، فى تقرير بالإنجليزية، أن إبرام اتفاق بين مصر وصندوق النقد، من شأنه تحسين وضع ميزان المدفوعات المصرى، وزيادة آفاق النمو على المدى المتوسط، لكن ذلك على حساب بعض الألم نتيجة تشديد السياسات المالية وخفض الجنيه مجددا، ورجحت المؤسسة فى التقرير أن التوصل إلى اتفاق مع المؤسسة الدولية "هو أقرب إلى النجاح فى الوقت الحالى أكثر من أى وقت مضى".

ضغوط خارجية تجعل قرض الصندوق "حتمية"

ورغم أن مصر تترقب تدفقات نقدية بإجمالى 5.5 مليار دولار خلال الشهور القليلة المقبلة، كما وفرت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى 10 مليارات دولار لخزانة الدولة منذ تكليفها فى مارس الماضى، أكد هانى جنينة، رئيس قسم البحوث فى بنك "بلتون" للاستثمار، أن تلك المبالغ لا تكفى لحل أزمة العملة خاصة مع اتجاه البنك المركزى لخفض الجنيه مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، وهو ما يتطلب توفير سيولة دولارية تمكنه من تلبية الطلب داخل القطاع المصرفى والسيطرة على المضاربات على العملة فى السوق السوداء.

وتتضمن تلك التدفقات 2 مليار دولار تمثل باقى دفعات المنحة السعودية البالغ قيمتها الإجمالية 2.5 مليار دولار، ووديعة دولارية من الإمارات بقيمة 2 مليار دولار، بالإضافة إلى قرضين لدعم الموزانة بقيمة 1.5 مليار دولار من البنكين الدولى والتنمية الإفريقى بواقع مليار دولار من الأول و500 مليون من الأخير، من المنتظر صرفهما بمجرد إقرار ضريبة القيمة المضافة.

وأكد هانى جنينة فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أنه لا بديل عن اللجوء إلى صندوق النقد خلال الفترة المقبلة فى ظل تراجع الدعم الخليجى واستمرار الضغوط الخارجية على مصر، فى إشارة منه إلى استمرار أزمة السياحة وتحذيرات السفر التى أطلقتها بعض الدول إلى رعاياها بعد حادث الطائرة الروسية.

وتابع: "بالطبع هناك ضغوط خارجية على مصر.. تركيا فيها انفجار كل يوم والسياحة إليها لم تتوقف".

واختتم حديثه قائلا: "لقد حاولت الحكومة المصرية بجهود ذاتية احتواء أزمة العملة خلال الشهور الماضية وسعت فى كل اتجاه لتدبير العملة الصعبة، لكن يبدو أن اللجوء لصندوق النقد أصبح المخرج الوحيد للأزمة، لأنه إلى جانب توفير سيولة دولارية بشكل عاجل، سيعزز ثقة المستمرين الأجانب فى السوق المصرية، كما يسهم فى خفض تكلفة الاقتراض من الخارج".



موضوعات متعلقة..

3 شواهد تؤكد استعداد مصر للجوء لصندوق النقد.. التلميح لخفض الجنيه.. والاتجاه لرفع الدعم وتطبيق "القيمة المضافة".. وتراجع الاحتياطى النقدى والاستثمارات الأجنبية أبرز الدوافع


دفاع البنك المركزى عن قراراته والأنباء عن اللجوء لصندوق النقد يعزز التكهنات بخفض محتمل للجنيه.. بنوك استثمار تتوقع هبوطه رسميا لـ950 قرشا للدولار قبل نهاية 2016.. وتؤكد: الظروف مواتية لتحرير سوق الصرف


مسئول حكومى: بعثة من صندوق النقد والبنك الدوليين تزور مصر 18 يوليو المقبل






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة