كيف يؤثر قانون ضريبة القيمة المضافة على التضخم مع خفض متوقع للجنيه؟ رفع الفائدة أداة للسيطرة على ارتفاع الأسعار.. القضاء على "الدولرة" وسحب السيولة إجراءات قادمة.. وتعزيز الرقابة ضرورة لضبط الأسواق

الجمعة، 22 يوليو 2016 09:47 ص
كيف يؤثر قانون ضريبة القيمة المضافة على التضخم مع خفض متوقع للجنيه؟ رفع الفائدة أداة للسيطرة على ارتفاع الأسعار.. القضاء على "الدولرة" وسحب السيولة إجراءات قادمة.. وتعزيز الرقابة ضرورة لضبط الأسواق عمرو الجارحى وزير المالية
تحليل يكتبه – أحمد يعقوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعد التضخم – ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات – أحد أهم المؤشرات التى تؤثر على حياة شرائح المجتمع كافة، خاصة الفئات ذات الدخل الأقل، فى ظل معدلات زيادة فى الأجور والمعاشات أقل من متوسط نسبة التضخم، ما يشكل عبئًا على المواطنين خلال الفترة الحالية، مع توقعات مستقبلية بارتفاعات وموجات تضخمية قادمة فى ظل تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، وخفض آخر للجنيه أمام الدولار.

وتسجل معدلات التضخم الأساسية فى مصر، وفقًا لمؤشرات البنك المركزى المصرى على المستوى السنوى 12.371% فى شهر يونيو الماضى، مقابل 12.23% فى شهر مايو السابق له، وهو يعد أعلى المعدلات منذ نحو 7 سنوات، ويسجل نحو 14.8% وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حيث وضع البنك المركزى المصرى مؤشرًا لقياس التضخم استبعد منه بعض السلع التى تتحدد أسعارها إداريًا، بالإضافة إلى بعض السلع التى تتأثر بصدمات العرض المؤقتة، والتى لن تعبر عن أسعارها الحقيقية وتتصف بأنها الأكثر تقلبًا.

وعندما يتم تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، المتوقع فى بداية سبتمبر 2016، فإن التقديرات تشير إلى نسبة تضخم لمرة واحدة تتراوح بين 1% ولن تزيد عن 3%، وهو ما يتطلب منظومة حماية ورقابة على الأسواق من قبل الأجهزة الرقابية المختلفة لمنع الجشع وتخزين السلع، خاصة وأن نسبة 90% من السلع الغذائية معفاة من ضريبة القيمة المضافة، وسوف يكون التضخم الناتج عنها محدودًا على محدودى الدخل، فى ظل فلسفة "أن الأكثر دخلا يدفع ضريبة أكبر من الأقل دخلاً على أساس حجم الاستهلاك"، وأن قائمة السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة تصل إلى نحو 52 مجموعة سلعية.

وتعد أداة سعر الفائدة الأهم لدى البنك المركزى للسيطرة على مستويات منخفضة من التضخم – ارتفاع مستويات أسعار السلع والخدمات – والعمل على تحقيق استقرار الأسعار، وهى الأداة التى استخدمها طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى كثيرًا خلال استراتيجيته لضبط الأسواق والأسعار، ومن المقرر أن تبحث لجنة السياسة النقدية يوم الخميس القادم أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض وسط مؤشرات رفع جديد فى معدلات العائد لامتصاص الآثار التضخمية الحالية والمتوقعة.

وكانت لجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى، قررت يوم 16 يونيو الجارى، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 100 نقطة أساس أى بنسبة 1%، من 10.75%، و11.75%، إلى 11.75% و12.75% على التوالى، وسعر الائتمان والخصم من 11.25% إلى 12.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى من 11.25% إلى 12.25%.

ويلجأ المصريون فى أوقات التباطؤ الاقتصادى، وارتفاع معدلات التضخم التى وصلت الشهر الماضى إلى 14.8%، إلى توظيف فوائض أموالهم فى ملاذات استثمارية آمنة ومربحة مثل الأوعية الإدخارية أو الذهب أو الدولار والعقارات، تحقق لهم عائدًا يمتص الآثار التضخمية – ارتفاع مستوى أسعار السلع والخدمات – وتعمل تلك الأوعية الاستثمارية على تنمية الموارد المالية عبر عدة وسائل.

ومع إجراء خفض قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 107 قروش منتصف مارس الماضى، وهو أعلى معدل لخفض العملة المحلية فى تاريخ سوق الصرف المصرية، توقعنا فى تحليل سابق أن ارتفاع الأسعار سيكون بنسبة لن تقل عن 15% على المدى المتوسط، وهو ما تحقق بالفعل، وهو ما دفع البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة بنحو 3.5% على مدار 4 مرات منذ تولى طارق عامر مهام المسؤولية، إلى جانب استهداف الحد من ظاهرة "الدولرة" – تعنى زيادة حيازات المواطنين للدولار كمخزن للقيمة فى ظل انخفاض القوة الشرائية للجنيه – فى ظل عمل البنك المركزى عن طريق إجراءات وقرارات كثيرة خلال الفترة الماضية لتعزيز الطلب والقوة الشرائية للجنيه المصرى عن طريق طرح شهادات وأوعية إدخارية بالعملة مرتفعة العائد لزيادة الطلب على العملة، ساهمت فى اجتذاب ودائع تقدر بنحو 200 مليار جنيه خلال الفترة الماضية.

وارتفع إجمالى ودائع المصريين بالبنوك – بما فيها الودائع الحكومية - لمستوى تاريخى جديد لتصل إلى 2.014 تريليون جنيه للمرة الأولى فى تاريخها، فى نهاية شهر أبريل 2016، مقارنة بـ 2.006 تريليون جنيه – التريليون يساوى 1000 مليار – وذلك بنهاية شهر مارس 2016، بزيادة تقدر بنحو 6 مليارات جنيه، وفقًا لتقرير البنك المركزى المصرى الصادر قبل أيام.

وفى نوفمبر الماضى رفعت البنوك الحكومية الـ3 "الأهلى المصرى" و"مصر" و"القاهرة" أسعار الفائدة على شهادات الادخار البلاتينية – مدتها 3 سنوات - بعائد سنوى 12,5% يصرف شهريًا، والذى يعد ثانى أعلى معدلات الفائدة حاليًا على الأوعية الادخارية فى السوق المصرية، بعد إصدار البنك "الأهلى" وبنك "مصر" شهادة ادخار بالجنيه بعائد 15% بشرط التنازل عن العملات الأجنبية، والأخيرة تستهدف زيادة حيازات البنكين من العملات الأجنبية، واجتذبت نحو 2 مليار جنيه.

ويبحث المواطن المصرى دائمًا عن مستوى دخل مناسب لمستوى معيشة جيد، وأسعار لمنتجات وخدمات فى متناول يديه، ويتيح هذا التحريك لأسعار الفائدة جذب فوائض الأموال والمدخرات التى فى حوزة المواطنين، وتعد ملاذًا استثماريًا هامًا يعمل على تنميتها بشكل شهرى يساعد فى التغلب على أعباء المعيشة ويسهم فى مواجهة مصاعب التضخم وارتفاع الأسعار المتوقع، والعمل على سحب جزء كبير من السيولة من الأسواق لصالح تلك الشهادة الادخارية، مما يسهم فى تقليل حجم الكاش – النقدية – مع المواطنين وتقليل الطلب على السلع والخدمات، وبالتالى انخفاض أسعارها أى خفض مستوى التضخم والذى يعد هدفًا أصيلًا للبنك المركزى.

وتلك الإجراءات المصرفية والتحركات الخاصة بأسعار الفائدة تستلزم مسارًا آخر من الحكومة بالرقابة وضبط الأسعار ومنع جشع التجار بزيادة الأسعار اعتمادًا على خفض قيمة الجنيه، والعمل على تعزيز الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، عن طريق خطة استراتيجية متكاملة تراعى مصلحة المواطن وتأثره بالأسعار.

وتعمل تلك الخطوة أيضًا على اجتذاب شريحة جديدة للتعامل مع القطاع المصرفى وتنمية الرقم الحالى الذى يبلغ نحو 10 ملايين مواطن، حيث يستهدف البنك المركزى والبنوك اجتذاب شريحة المواطنين التى كانت لا تتعامل مع البنوك، وتشجيع ثقافة الادخار فى إطار ما يسمى مصرفيًا بـ"الشمول المالى" أى زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك.

ومن المتوقع أن تشهد البنوك العاملة فى السوق مزيدًا من التنافسية فى رفع مستويات الفائدة، للعمل على الحد من ظاهرة "الدولرة" والحد من آثار خفض آخر متوقع للجنيه أمام الدولار، بعد الخفض السابق للجنيه بنحو 105 قروش، والذى خلف آثارًا تضخمية فى الوقت الحالى، وهو ما يعمل على زيادة مستوى التنافسية بين البنوك العاملة فى القطاع المصرفى لصالح تقديم خدمات أفضل للمواطن.


موضوعات متعلقة..


- اكتناز العملة والمضاربات ونشاط السوق السوداء آثار لتلميحات خفض الجنيه.. البنوك تلجأ لسياسة ترشيد استخدامات الدولار فى تلبية الطلب للسلع الأساسية والاستراتيجية فقط.. وقرض صندوق النقد الحل العاجل للأزمة





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة