شهر العسل هو فترة تشهد رومانسية من المتزوجين حديثاً للاحتفال بحبهما وزواجهما وبدء حياة جديدة. لكن ربما لا يخطر على بال أحد أن تشهد فترة كهذه العامل المحفز لولادة منتخب وطني لكرة القدم.
مكالرى يجلب كرة القدم لأيرلندا من شهر العسل
ففي شهر عسل في اسكتلندا في 1887 خطرت ببال جون مكالري، أول قائد في تاريخ الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم، فكرة جلب كرة القدم إلى جزيرة أيرلندا. مستمداً الإلهام من اللعبة الجميلة وبعد مشاهدته لأول مباراة أثناء وجودة في إدنبره، بدأ مكالري، صاحب النظرة المستقبلية، في وضع أسس كرة القدم في جزيرة الزمرد، حيث استهلّ ذلك بدعوة فريقين عريقين من اسكتلندا هما كاليدوينانز وكوينز بارك لخوض مباراة استعراضية في بلفاست.
بالنظر إلى الطريقة التي رحّب بها الجمهور في بلفاست بالمباراة، كان واضحاً أن كرة القدم جاءت لتبقى، ولذا فإن خطوة مكالري التالية تمثلت في إنشاء البنية التحتية الكروية في البلاد، وسرعان ما أسّس مكالرى، لاعب الكريكت فى نادي كليفتونفيل، نادي كليفتونفيل لكرة القدم والألعاب الرياضية، وهو أقدم نادى كرة قدم فى أيرلندا، كما كان هو القوى المحركة لإطلاق بطولة الكأس المحلية.
وفي 18 نوفمبر 1880، شُكّل الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم في فندق كوين في بلفاست، حيث شغل مكالري منصب السكرتير الشرفي للمنظمة التي تم فيها وضع القواعد واللوائح الرسمية لكرة القدم. وفي ملحق محضر الدقائق الأولى للاجتماع التاريخي كتب مكالري: "إذا قمنا باستغلال الروح التي هيمنت على الحضور، فإن النتيجة ستكون اتحاداً قوياً للترويج للعبة التي أحببناها."
مباراة دولية تاريخية تنتهي بالدموع
مع تواجد البنية التحتية، بدا طبيعياً أن تكون الخطوة التالية هي كرة القدم الدولية ومن بين ثلاثة اتحادات راسخة في البحر الأيرلندي، وقع الاختيار على منتخب إنجلترا ليصبح أول خصم لأيرلندا. وتقلد مكالري، لاعب الكريكت المتميز، ولاعب الكرة مع كليفتونفيل إفي سي، حين كان عمره 23 عاماً قيادة منتخب أيرلندا في أول مباراة لها في 18 فبراير2018 حيث لعب في مركز الظهير الأيمن.
كانت الظروف هي المعتادة في شهر فبراير في بلفاست، حيث ذكرت صحيفة التايمز في تقرير لها كيف أن الطقس كان "بارداً للغاية" مع "هبوب عاصفة مصحوبة بمطر وبَرَد". وسرعان ما تحول هذا اليوم التاريخي لكرة القدم الأيرلندية ولمكالري نفسه إلى مصدر خزي خين خسر أصحاب الأرض المباراة بنتيجة (13-0) على يد المنتخب الإنجليزي الأكثر خبرة.
وذكرت صحيفة جلاسكو هيرالد: "كان من المتوقع أن يخسر المنتخب الأيرلندي بيد أنه لم يعتقد أحد أن يفوز المنتخب الإنجليزي بنتيجة 13 هدفاً دون مقابل." أما صحيفة سبروتسمان فكانت أكثر تعاطفاً مع المنتخب الأيرلندي؛ إذ ذكرت "يجب ألا يشعر الأيرلنديون بالإحباط من النتيجة، فليس هناك شك بأنه سيأتي الوقت الذي يستطيع فيه منتخبهم موازنة الأمور، لكنه من المؤسف أن المنتخب الإنجليزي لم يرسل فريقاً أقل قوة في المباراة الأولى." وتبقى هذه النتيجة إلى الآن هي الأكبر في تاريخ إنجلترا وأثقل هزيمة في تاريخ أيرلندا.
مكالرى يبكى للهزيمة
وبعد هذه الهزيمة المنكرة، ورد أن مكالرى المحطم قد انهمر في البكاء في غرفة خلع الملابس. ففي الوقت الذي بذل جهداً مضنياً لتدشين كرة القدم في إيرلندا، كان واضحاً أن هناك حاجة للقيام بمزيد من الأمور لمنافسة المنتخبات الأخرى في البحر الأيرلندي.
وقاد مكالري المنتخب الأيرلندي للمرة الأخيرة في المباراة الدولية التالية أمام ويلز في ريكسهام والتي خسرها المنتخب الأيرلندي بنتيجة 7-1. وكانت هي أخر مباراة له في كرة القدم الدولية.
قرر مكالري تركيز جهده على الأمور خارج البساط الأخضر ليظل عنصراً أساسياً في كرة القدم الأيرلندية بشغل منصب سكرتير الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم بجانب العمل كحكم دولي.
ربما كانت مسيرة مكالرى مع منتخب أيرلندا قصيرة للغاية، حيث خاض خلالها مباراتين دوليتين فقط، إلا أنه ليس مجرد أول قائد لمنتخب بلاده، بل كان هو الروح النابضة التي جلبت اللعبة إلى أيرلندا. وربما كان ازدهار كرة القدم في أيرلندا سيتأخر كثيراً لولا فضل الرجل الذي وقع في حب المستديرة الساحرة أثناء قضائه شهر العسل في 1878.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة