نقلا عن العدد اليومى
...
يتصاعد الجدل المجتمعى حول الصناديق والحسابات الخاصة بقطاعات الدولة التى أصبحت مثارا للعديد من الانتقادات ،فيما يتعلق بأسلوب إدارتها ورقابتها المالية وأساليب الصرف منها، حيث تتسم بيانات الصناديق والحسابات الخاصة فى مصر بقدر كبير من السرية.
وهو ما ضاعف من الانتقادات الموجهة لأداء هذه الصناديق والحسابات الخاصة، لهذا فإن تحسين أداء الصناديق والحسابات الخاصة من الممكن أن يساعد على توفير غطاء مالى للخزانة العامة للدولة يساعدها على الحد من الاقتراض مادام وجدت هذه الأموال غير المستغلة من جانب الجهات، ومن ثم يساعد على تخفيض أعباء الدين العام.
وقال صلاح حيدر المحلل المالى، إنه وفقا لقانون موازنة عام 2015-2016 فإنه اعتبارا من 1/7/2015 يؤول للخزانة العامة للدولة نسبة 10% من جملة الإيرادات الشهرية للصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص حتى ولو كان ذلك مغايرا لما هو وارد فى لوائحها المعتمدة، ويلغىكل حكم يخالف ذلك فيما عدا حسابات المشروعات البحثية والمشروعات الممولة من المنح والاتفاقيات الدولية والتبرعات.
وأشار إلى أنه طوال السنوات الماضية منذ موازنة عام 2012/2013 كانت الخزانة العامة تحصل على جزء من إيرادات بعض الصناديق والحسابات الخاصة لدعم الموازنة العامة، وذلك بمقتضى تأشير خاص يصدر بموازنة الجهة، أما الآن فقد تم وضع الأساس التشريعى لهذا الإجراء من خلال قوانين ربط الموازنة العامة للدولة، اعتباراً من السنة المالية 2012/2013 الذى ينص على أيلولة 10% من الإيرادات الشهرية لتلك الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة، إلى جانب ما سبق من أيلولة نسبة 25% من جملة أرصدة تلك الصناديق والحسابات الخاصة بالبنك المركزى فى30 يونيو 2013 للخزانة العامة ولمرة واحدة فقط، مما أدى إلى توريد نحو 10.6 مليار جنيه للخزانة العامة خلال العامين الماليين الماضيين، مما أسهم فى زيادة موارد الموازنة العامة، وبالتالى تخفيض العجز الكلى.
وأشار إلى أن عمليات الخصم تستبعد عددا من البنود، حيث تم إصدار منشور يوضح حالات الاستثناء من خصم الـ10% وهى المبالغ الخاصة بالتأمينات والأمانات والمبالغ المحصلة لحساب الغير ومبالغ القروض وأقساطها وحسابات رأس المال الدائم بالمدارس الفنية، وأيضا عدم إخضاع ذات الإيراد لخصم نسبة الـ 10% أكثر من مرة، درءا للازدواجية، وكذلك استثناء من الخصم قيمة الأدوية والمستلزمات الطبية بقيمتها الشرائية من إيرادات حسابات صناديق تحسين الخدمة بالمستشفيات وكذلك المكون السلعى بالوحدات الإنتاجية، حفاظا على رؤوس أموال هذه الكيانات.
وأوضح حيدر أنه تحاول وزارة المالية حاليا اتخاذ بعض التدابير والآليات اللازمة ما يحفز الجهات الإدارية بإغلاق حساباتها ونقل أرصدتها إلى حساب الخزانة الموحد، حيث صدر القانون رقم 65 لسنة 2014 ونصت المادة 12 منه على أنه فى حالة عدم التزام الجهات بنقل أرصدتها فى موعد غايته شهر من صدور القانون يؤول للخزانة العامة نسبة 50% من أرصدة هذه الحسابات، على أن يؤول كامل الرصيد للخزانة العامة فىحالة عدم الالتزام بعد مضى 6 أشهر من صدور القانون، وهذا القانون سيسهم فى قيام هذه الجهات بنقل أرصدتها إلى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى.
أما محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار فقال، إنه بخصوص المطالبات بضم أرصدة الصناديق والحسابات للموازنة العامة نشير إلى أن هناك بعض التحديات التى تعوق الاستجابة لهذه المطالب أهمها أن عددا كبيرا من هذه الصناديق تمثل كيانات اقتصادية مثل مشروعات رصف الطرق التابعة لصناديق تحسين الخدمة بالمحافظات، فهى تمتلك آلات ومعدات وأصولا ثابتة تمثل فى طبيعتها شركات مقاولات، ومن أجل الحفاظ عليها يجب استمرارها خاصة أنها تؤدى خدمات فعلية بقطاع المقاولات، وتعد أحد الآليات التى تعتمد عليها الدولة فى تنفيذ خطط رصف وتحسين شبكة الطرق، كما أن البعض الآخر يحصل على تمويل من خلال اتفاقيات ومنح دولية لا يمكن معها إلغاء أو ضم تلك الصناديق للجهات الحكومية.
وأضاف أن هناك أيضا بعض الصناديق ذات غرض اجتماعى مثل صناديق تحسين الخدمة للمستشفيات الصحية وهى تتلقى تبرعات من المواطنين ويجب احترام رغبتهم فى بقائها، موضحا أنه فيما يتعلق بمطالبة البعض بضم الحسابات الخاصة بالجهات الإدارية المفتوحة خارج البنك المركزى فإنه يجب أن يتم أولاً دراسة الهياكل التمويلية لهذه الحسابات أو الصناديق لمعرفة ما لها من حقوق وما عليها من التزامات حتى لا تتحمل الدولة عبء سداد هذه الالتزامات.
وأضاف عادل أن هناك ضرورة لتشكيل لجنة عليا تضم ممثلى وزارة المالية والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة والجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة التخطيط والبنك المركزى، وممثل لمجلس الدولة وممثل لهيئة الرقابة المالية لدراسة أوضاع كل الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص من الناحية القانونية والمالية والإدارية لوضع تنظيم متكامل لها وتوفيق أوضاع ما لم يوفق منها واتخاذ إجراءات التصفية الخاصة بمن يمكن أن يتم تصفيته منها مع مراجعة ما أنشئ منها باتفاقيات دولية بالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتعاون الدولى فى هذا الخصوص والنظر فى اللوائح المالية والرقابية الخاصة بالصناديق العاملة حاليا التى سيستمر عملها مستقبلا بالتنسيق مع الإدارة المختصة بوزارة المالية، مع إعداد المسودة النهائية للقانون المنظم لتسوية أوضاع الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص فى ضوء الدراسة المتكاملة لأوضاع تلك الصناديق والحسابات والوحدات، ووضع الضوابط والقواعد لتنظيم الهياكل الإدارية الخاصة بهذه الصناديق والوحدات ذات الطابع الخاص وأسس المرتبات والمكافآت والحوافز للعاملين بها مع تطبيق الحد الأقصى للأجور عليها.
وأشار إلى أنه من أعمال اللجنة تصميم النظام الخاص بالرقابة المالية المستمرة وضوابط إعداد القوائم المالية لتلك الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص مع تنظيم عمليات الصرف من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة، بحيث تخضع عمليات الصرف للقواعد القانونية المطبقة على كل الجهات العامة ووضع الضوابط الخاصة بالاستثمارات والتعاقدات المتعلقة بالصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص وأسس تخطيطها حسب طبيعة كل منها.
وأضاف أن اللجنة خلال عملها يجب أن تتقدم بمقترحات نهائية تتضمن:
• إغلاق أو دمج بعض الصناديق أو الحسابات الخاصة أو الوحدات ذات الطابع الخاص المتعثرة أو غير المحققة لجدوى استمرارها على أن تؤول كل أصولها وحقوقها وتلتزم الدولة بالتزاماتها فى حدود أصولها وحقوقها المالية.
• الإبقاء وإعادة الهيكلة لبعض الصناديق أو الحسابات الخاصة أو الوحدات ذات الطابع الخاص التى تعانى تعثرا، ولكن يجب دعمها من الدولة حفاظا علىالخدمات التى تؤديها للمواطنين والمجتمع.
• اقتراح تطوير أو تحديث أو دمج أو تصفية بعض الصناديق أو الحسابات الخاصة أو الوحدات ذات الطابع الخاص.
وأوصى عادل بأن يتضمن عمل اللجنة المقترحة عددا من الإجراءات بالتعاون مع الإدارة المركزية للخبرة المالية التابعة لوزارة المالية أهمها:-
اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو استصدار قرارات إنشاء بعض الحسابات والصناديق المخالفة لأحكام المادة 24 من اللائحة التنفيذية للقانون 53 عام 1973، ومعدل بالقانون رقم 87 عام 2005 بشأن الموازنة العامة للدولة التى لم يصدر لها قرارات جمهورية بإنشائها.
ب -إعداد اللائحة المالية لبعض الحسابات التى أسفر الفحص عن عدم وجود لائحة مالية لها معتمدة من وزارة المالية بالمخالفة للقانون، وذلك إحكاما للرقابة على عملية الصرف والإيداع.
ج - الحد من المعاملات المالية والحد من النفقات السنوية التى يرخص بها بموجب تشريعات أخرى بخلاف قانون الموازنة، خاصة أن الإقلال من المعاملات التى تتم خارج الموازنة يؤدى لمزيد من الشفافية.
د- تفعيل المنشور الوزارى رقم 12 عام 2011 الذى وضع الضوابط القانونية على عمل هذه الصناديق إذ نص على عدم جواز صرف أى مكافآت لمجالس الإدارات أو ممثلى وزارة المالية منها:
ز- بناء علاقة تكامل بين الصناديق والحسابات الخاصة من ناحية والأهداف المالية للحكومة من ناحية أخرى، حيث إن العلاقة بين الطرفين فى مصر تتوقف عند حدود ترحيل الفائض أو سداد العجز.
ع- تفعيل الآليات القانونية لتقليل احتمالات وجود أو تأسيس صناديق وحسابات خارج الموازنة بشكل غير مبرر بما يضر بتكامل النظام الموازنى على المستوى الكلى، على سبيل المثال يجب أن تطور الحكومات سياسة عامة حول الحد الأدنى من المتطلبات اللازم توافرها فى تلك الصناديق.
غ- ضرورة صياغة إطار قانونى للصناديق والحسابات يتضمن المبادئ الضرورية للنظام الجيد للحوكمة والإدارة المالية. على أن يغطى ذلك الإطار كلا من الصناديق والحسابات ككيانات اقتصادية وقانونية والصناديق والحسابات كمعاملات مالية.
و- هناك ضرورة أيضا لتشجيع الحكومة على القيام بمراجعة منتظمة للصناديق والحسابات الخاصة التابعة لها بهدف تخفيض عددها إلى الحد الأدنى الضرورى فقط لتحقيق الأهداف الضرورية للسياسة.
ي- تضمين البيانات الخاصة بكل الصناديق والحسابات الخاصة داخل وخارج الموازنة بوثيقة الموازنة، وذلك لأهداف التحليل المالى وعرض المعلومات فى التقارير المالية، ولهذا الغرض لابد من إعداد قائمة شاملة بالصناديق والحسابات خارج الموازنة.