الدكتور أحمد زويل العالم كان ثانى مصرى يحصل على جائزة نوبل وحصل عليها فى الكيمياء، ولم يكن مشهورا قبلها، بالرغم من حصوله على جوائز أمريكية وأوروبية وعربية. قليلون من كانوا يعرفونه أو يسمعون عن الفيمتو ثانية.
قبل زويل حصل الروائى العالمى نجيب محفوظ، على نوبل فى الأدب 1988، بينما حصل عليها الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين فى السلام، بعد اتفاقية السلام، وحصل عليها الدبلوماسى ورجل القانون الدكتور محمد البرادعى أثناء رئاسته للهيئة الدولية للطاقة النووية.
فرح المصريون واحتفوا بحصول زويل على جائزة نوبل، وكان أحد أكثر العلماء تأثيرا وإثارة للإعجاب، لأنه بعد أن اشتهر ظهر دائما فى صورة العالم المجتهد المتواضع، ثم إنه تعلم فى مصر وتخرج من جامعة الإسكندرية، ودائما كان يمتدح التعليم المصرى فى الستينيات، وأيضا صورة زويل الطالب اليتيم المجتهد الذى انتقل من دمنهور لدسوق وتفوق داخل منظومة علم تقليدية حكومية، واعترف هو بأنها كانت متقدمة، الأمر الذى جعله نموذجا مهما يضاف إلى ذلك مساع وعروض الدكتور أحمد زويل منذ حصوله على جائزة نوبل أن يقدم جهده فى تدعيم البحث العلمى ويقدم منحا للمتفوقين.
ويشبه الدكتور أحمد زويل الروائى العالمى نجيب محفوظ فى حرصه على فصل حياته الخاصة عن سيرته العملية، وتظل المعلومات المتوفرة عن حياته الخاصة شحيحة، وهى فقط ما سمح هو نفسه بإعلانه، ولد زويل فى دمنهور بالبحيرة 1946 وانتقل لإكمال تعليمه فى دسوق بكفر الشيخ ثم الجامعة بالإسكندرية، وتخرج من قسم الكيمياء بكلية علوم الإسكندرية عام 1967، وسافر فى بعثة واصل العلم حتى حصل على جائزة نوبل فى الكيمياء عام 1999 لتوصله إلى «الفيمتو ثانية»، هو جزء من مليون مليار جزء من الثانية، مبتكرا لنظام تصوير يعمل باستخدام الليزر، وله القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض.
تزوج مرتين ولديه بنتان من زيجته الأولى، وولدان من زوجته الثانية.
تزوج أولا من تلميذته ميرفت وكانت طالبة عنده، ونشأت بينهما قصة حب وتزوجها، وواصل كل منهما أبحاثه، وعندما كان يستعد لمنصب أستاذ مساعد فى معهد كاليفورنيا التكنولوجى، بجامعة كالتك مرت علاقتهما بفترة عصبية وكما يذكر وصلت الحياة بينهما إلى طريق مسدود واستقل كل منهما بعالمه، حسب ما سجله فى كتابه «عصر العلم» وهى أستاذة كيمياء تصغره بعامين. وأنجب منها ابنتين الأولى مها، 38 سنة، متزوجة منذ 1994 من أستاذ كيمياء أمريكى، وهى أستاذة بجامعة سوزويستيرن بجورجتاون بولاية تكساس، والثانية أمانى 37 سنة طبيبة أمراض نساء وتوليد تخرجت من جامعة شيكاجو، ومتزوجة من نديم حجازى.
كان زويل حصل على جائزة الملك فيصل للعلوم عام 1988، وهناك التقى زوجته الثانية ديمة الفحام، وهى طبيبة سورية كانت ترافق والدها الدكتور شاكر الفحام الوزير السابق ورئيس مجمع اللغة العربية فى سوريا الذى ذهب هو الآخر لتسلم «جائزة الملك فيصل» فى اللغة العربية وكانت ابنته ترافقه لتسلمها، وهناك تعارفا وتواصلا بالاتصالات حتى تزوجا فى العام التالى 1989 وانتقلت للإقامة معه بالولايات المتحدة. وأنجبا نبيل 23 سنة المقيم فى كاليفورنيا، وهانى 22 سنة، فى سان فرانسيسكو بكاليفورنيا.
وحرص زويل وأسرته على الاحتفاظ بتفاصيل حياتهم الخاصة، وكان يذكر فضل زوجته الثانية ديمة الفحام، وقال فى حديث تليفزيونى: «أنا ما كنتش موجود النهاردة كإنسان عايش من غير ديمة، لأنها شافت كتير».
تم تكريم زويل ومنحه قلادة النيل فى عهد مبارك والاحتفاء به وعندما اقترح إقامة مدينة زويل العلمية بدا الأمر مبشرا، لكن مرت السنوات وتعثر المشروع، وكان زويل يرى أن البيروقراطية تعطل مشروعه وكانت علاقته بالأمر بين صعود وهبوط، حتى عاد الأمر للسطح بعد 25 يناير فى عهد رئاسة وزراء الدكتور عصام شرف، وتم منحه جامعة النيل، الأمر الذى أثار جدلا وانتقل للإعلام والقضاء.
ولم يسلم الدكتور زويل من حملات واتهامات، منها أنه يحب التلميع، وأن الإعلام هو الذى ضخم صورته ووصف البعض الاحتفاء به بأنه مولد سيدى زويل، وكانت هذه ضريبة مغادرة العلم إلى عالم السياسة، وهو درس يتكرر كثيرا مع الشخصيات العامة.
تنوعت الحملات ضد زويل بين حملات سياسية باعتباره لا يقدم شيئا ويحرص على الأضواء. وأقوال أنه لم يكن ليحصل على نوبل إلا برضا أمريكى، وتم إدخال إسرائيل فى المعادلة، خاصة أن زويل حصل على جائزة ولف الإسرائيلية، بالرغم من أنه حصل قبلها على 10 من أرفع الجوائز العالمية.
وقضية الرضا الأمريكى كانت مبالغة لأن الدكتور زويل كان أمريكيا عاش وأجرى أبحاثه هناك، وظل يحرص على الوجود والظهور والحديث بمصر.
حصل الدكتور أحمد زويل على أكثر من 30 جائزة دولية علمية مهمة منها جائزة ماكس بلانك فى ألمانيا، وجائزة الملك فيصل فى العلوم وجائزة الامتياز باسم ليوناردو دافنشى وجائزة كارس السويسرية من جامعة زيورخ، وجائزة بنجامين فرانكلين. وغيرها، ومع هذا احتفظ البعض بسيرة جائزة إسرائيل التى سبقتها عشر جوائز كبرى، مع تأكيده على مصريته فقد كان أمريكيا يحترم قواعد مجتمعه، فى مصر حصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1995، وقلادة النيل العظمى من جامعة الإسكندرية الدكتوراه الفخرية.
والحق أن الدكتور زويل كان بالفعل صادق النية فى حرصه على خدمة العلم فى مصر، وتقديم ما يستطيع. ولهذا عرض إنشاء جامعة زويل ومدينة زويل. ولا أحد يعرف من اقترح نقل جامعته مكان جامعة النيل التى كانت جامعة أهلية وبها طلاب ثاروا ورفعوا دعوى انتهت بأن ربحوها، الدكتور زويل تراجع فى النهاية، لكن رذاذ الأزمة كان لم يبتعد عنه.
وظل الدكتور زويل وفيا لمصر، معترفا بفضلها، وظل يتذكر بفخر قصة الخطاب الذى أرسله الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1956، وكان زويل فى العاشرة من عمره وبقول إنه «كان متحفزا لرؤية الرئيس جمال عبدالناصر، وقرر أن يرسل إليه خطابا قال فيه، ربنا يوفقك ويوفقك مصر».
وفوجئ بالرئيس فى العاشر من يناير 1956 يرد عليه برسالة ختمها «أوصيكم بالمثابرة على تحصيل العلم مسلحين بالأخلاق الكريمة، لتساهموا فى بناء مصر الخالدة فى ظل الحرية والمجد».. ظل زويل يتذكرها، مؤكدا أن هناك رجفة سرت فى بدنه وهزت مشاعره هزا عنيفا لدى رؤيته لاسمه وقد خطته يد الرئيس. واعترف مرات بأهمية التعليم فى الستينيات.
وأثناء وعد 25 يناير عاد زويل وعقد لقاءات وانضم إلى لجان، واقترح عليه البعض أن يرشح نفسه للرئاسة وقدم خطابات وأحاديث وبيانات وضعته على سطح السياسة الأملس فى عالم لا يعرفه زويل جيدا يغير من طريقة التعامل، لأن الآراء السياسية نسبية، بينما العلم أمره محسوم والعالم له هيبته، وليس له منافسين، بينما رجل السياسة ضمن بحر يحتاج الكثير من المناورات والصراعات لم يكن زويل مستعدا لها.
ثم إن العالم تحيطه هالة ما تتكسر مع انجرافه نحو السياسة خاصة فى زمن لم يعد للرموز هيبتها السابقة، حيث يمكن أن يتطور النقد إلى تطاول من بعض الصغار وهى أمور يدركها من يتعاملون مع اليومى والسياسى والآراء لا اتفاق ولا إجماع على شىء أيا كان تصور صاحبه عنه، ضمن حالة تزدحم بالسيولة ولا تخلو من الاستسهال.
لكن يعرف من اقتربوا من العالم الكبير أحمد زويل أنه كان ودودا بسيطا يقطع المسافات مع الناس، فضلا عن أنه كان دقيقا وحريصا على أن تخرج كلماته محسوبة، ولاشك فى أن الدكتور أحمد زويل كان صادق النية فى سعيه لمساعد بلده مصر، ودعم المتفوقين، وكان صادقا وودودا لأهله لدرجة أنه وهو العالم الذى عاش أكثر من نصف عمره بأمريكا، حرص على أن يدفن فى مصر، وهو شعور مقدر لمن يعرفون هذا، وإحساس يؤكد اعتقاداته.
كان الدكتور زويل نجما، وتعرض لانتقادت وحملات بعضها كان غيرة من شهرته، ضمن عصر لم يعد يقدس أو يحتفظ بهالات لنجومه، فضلا عن أنه لم يكن محترفا فى فنون الدعاية والتسويق التى يجيدها من هم أقل منه قيمة وإنجازا، يحترفون توظيف الإعلام وادوات العصر. وإن كان البعض لم يتعلم مندرس زويل أن الانتقال من العلم للسياسة هو انتقال من المطلق للنسبى.
موضوعات متعلقة..
اليوم.. أسرة زويل تتلقى العزاء فى وفاته بالمركز الإسلامى بلوس أنجلوس
عدد الردود 0
بواسطة:
طرازان
مع أحترامى ... مقارنة فى غير موضعها !!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
زينات صدقي
مش زويل ده اللي دافع عن مرسي