دعوى بيضاء أو سوداء بكلمات مكتوبة بشكل ساخر.. "أتشرف بدعوتكم لمشاركتى الاحتفال بالخلاص من الهم اللى انزاح.. طلاقى من زوجى.. ملاحظة ممنوع اصطحاب الرجالة النكدية".. بهذه الكلمات سطرت بعض الزوجات بطاقات الدعوة الخاصة للاحتفال بخراب البيوت، والتى لم تقتصر فقط على الفئات الأكثر دخلا، بل طالت طبقات الغلابة لتصبح وثيقة الانفصال حدثا يتباهى به من مروا بتجربة زواج فاشل وتمكنوا من خلع أزواجهن .
سيدة ترسل لزوجها دعوى حفل الطلاق
فى مقر عملهدعاوى أمام محكمة الأسرة تجسد الواقع الأليم التى وصلت إليه الزوجات والأزواج والنكاية والكيد الذى يتصارع فيه كلا منهم للانتقام من الآخر، وكانت قضية الزوج "فتحى. ش" صاحب الـ33 عاما، والموظف البسيط بإحدى المصالح الحكومية، وهو أحد ضحايا حفلات الزواج، والذى وصلته بطاقة دعوى الحضور فى جواب مسجل بعمله ليصبح أضحوكة الجميع رغم عدم صدور حكم قضائى للزوجة فى دعوى الخلع التى أقامتها أمام محكمة الأسرة بزنانيرى ضده.
ادعى "فتحى" أثناء جلسات التسوية قائلا: "زوجتى منزل والديها يقع بجوار منزلى بالسيدة زينب، وبعد خلافات بيننا بسبب طلباتها المبالغ فيها تركتنى، وفى النهاية كان عقابى الذل وسط جيرانى بسبب قيامها بعمل حفلة فى منزلها للاحتفال بالخلاص منى، مستغله الأموال التى أرسلها لطفلى، والتى أوفرها بعد عذاب بالعمل أكثر من 16 ساعة فى طقوس خارجة عن الأدب .
زوج لمحكمة الأسرة: زوجتى باعت أملاكى بتوكيل منى ثم احتفلت بالطلاق
بدأ "محمد. و" حديثه لمحكمة الأسرة بالمعادى، فى دعوى الطلاق للضرر، قائلا: "مراتى ضحكت على وغدرت بيا وبيعتنى كل اللى أملكه منها لله".
وتابع: لم تكتفى بكل ذلك بل أخذت أولادى وحرمتنى منهم، وقامت بعمل احتفال بالطلاق الذى لم تحصل عليه لتكيدنى وتشعرنى بالقهر والحسرة على خطأ بالزواج منها ورؤيتى لها، وهى تنفق أكثر من 100 ألف جنيه فى حفلة وأنا على الحديدة .
نهال: "من حقى أبحث عن زوج آخر فأقمت حفلة طلاق"
تحدثت الزوجة "نهال. ف" لمحكمة الأسرة بمدينة نصر عن أسباب الاحتفال بطلاقها، والذى استغله زوجها كذريعة لطلب إسقاط حضانتها على طفلتها فى الدعوى رقم 8376 لسنة 2016 قائلة: "عشت 9 سنوات أعانى مع زوج لا يملك ضمير، ويريد أن يستعبدنى، وعندما تمردت عليه طلقنى بعد أن تركنى معلقة طوال 3 سنوات، وعندما أمسكت بالوثيقة التى أعطتنى حريتى أقمت حفلا كبيرا لكى أظهر قوية ومتماسكة وأقضى على نظرات الشفقة وأبحث عن زوجا يعوضنى عن ما رأيته معه من عذاب بعد أن يعلم الجميع أننى أصبحت متوفرة" .
منسقة حفلات طلاق: يصل تكلفة بعضها لـ250 ألف جنيه وأقلها 1000 جنيه
تحدثت "رشا. س" صاحب مكتب لتنسيق الحفلات بمصر الجديدة، عن ظاهرة حفالات الطلاق قائلة: انتشرت منذ سنوات ورغم أنها ظاهره جديدة ومستحدثة، إلا أن مكتبنا فقط قد أشرف على أكثر من 100 حفل خلال السنة الحالية بخلاف الأعوام السابقة، ولسنا الوحيدين فقط فى هذا المجال، فكثيرا من زملاء المهنة يأتى لهم أضعاف تلك الأرقام.
وتابعت: تأتى لنا المطلقات سواء من حصلن بالفعل على الطلاق أو من مازالت أمام المحاكم، وتطلب شكل معين للحفل سواء لبطاقات الدعوى أو القاعة أو الزينة بالمنزل، وأكثر عقبة تواجهنا هى الفستان واختياره بشكل يناسب الحدث .
وأكملت: تكلفة الحفلات تتراوح ما بين الـ250 ألف جنيه للطبقات العليا، بسبب ارتفاع تكلفة القاعة ونوعية الطعام والديكور المطلوب، بالإضافة إلى ثمن الفستان، كما تتراوح المبالغ فى الطبقات الوسطى وأحيانا الفقيرة بشكل ملفت الفترة الماضية من 500 لـ1000 جنيه، وذلك نظرا لعمل الحفل بالمنزل.
وقالت منسقة حفلات الطلاق: السيدات التى تترددن على مكاتب مثل مكتبى معظمهن يحتفلن رغبه منهن فى الانتقام وعدم الشعور بالحزن، وأحيانا يكتبن فى كروت الدعوى مطلوب عريس، ويسردن مميزاتهن وحالتهن الاجتماعية، مؤكدة أن أبرز المشاكل التى تتعرض لها أحيانا هى قيام الزوج بالتعدى عليهم أثناء ترتيبات الحفل عندما يعلم بإقامته.
عضو جمعية سيدات معنفات: تعيد الثقة بالنفس وتخفف الشعور باللوم
فيما قالت "نجوى. ف" عضو جميعة نساء معنفات، إن هذه الحفلات ما هى إلا وسيلة للتخفيف من أوضاع المعاناة عند الانفصال والطلاق، وذلك من خلال إحياء حفلات تعيد الثقة بالنفس للمطلقة مع بداية مشوار جديد فى حياتها، والبحث عن المتعة من خلال الانتقام من الزوج بطريقة مضحكة، ومن طقوس تلك الحفلات صنع كعكة كبيرة ووضع صورة الزوجة وهى ممسكة برأس الزوج الخائف عليها، أو تورتة عليها صورة الزوج وهو ملقى فى سلة المهملات، وتلك الحفلات تخلص المطلقة من حالات الشعور باللوم ومعاتبتها لنفسها.
متخصص فى علم الاجتماع: استخفاف واضح بمنظومة العائلة وقيمتها الاجتماعية
فيما قال الدكتور "شادى. م" متخصص فى علم الاجتماع: هذا النوع الغريب من الحفلات يمثل اضطراب واستخفاف بمنظومة العائلة وقيمتها فى المجتمع، فالطلاق ما هو إلا كارثة تتعرض لها المطلقة والمطلق والطفل.
وتابع: بعض العلاقات تكون شبه مستحيلة وتستوجب الانفصال، لكن لا يحتاج الأمر إلى حفلة من هذا النوع حتى إذا كان طلاقها مصدر راحة لها وبداية لحياة أفضل، خاصة إذا كان هناك أطفالا، لأنهم عندما يروا ذلك سيتأثرون ويصبحون هم الخاسر الأكبر.