ما بين تحذير شركاء الاتفاق النووى الأوروبيين (مجموعة 5+1 روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين بالاضافة إلى ألمانيا)، وتوعّد إيران وتهديدها باتخاذ رد فعل حاسم وقوى تجاه أى إجراء أمريكى ضد الاتفاقية الموقعة فى 14 يوليو 2015، بدأ العد التنازلى لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حيال الاتفاق، والكشف عن استراتيجيته للتعامل مع طهران المقرر الاعلان عنها غدا الخميس بحسب مصادر إعلامية امريكية.
ويبدو أن الرئيس الأمريكى الذى يرفض وبشدة هذه الاتفاقية التى وقعتها الإدارة السابقة بقيادة اوباما مع إيران، تمهل فى التفكير فى سيناريوهات التعامل مع إيران منذ صعوده لرئاسة الولايات المتحدة فى نوفمبر 2016، لذا نراه أكد للكونجرس مرتين قبل ذلك صلاحية الاتفاق ووفاء إيران بالتزاماتها الموقعة بموجب الاتفاق الذى يخول له تقديم شهادة أمام الكونجرس كل 120 يوم، وبالتالي مدد الكونجرس رفع العقوبات عن إيران، لكنه هذه المرة قال ترامب فى مقابلة مع "وول ستريت جورنال" في يوليو الماضي إنه لا يتوقع أن يشهد بذلك فى أكتوبر، ما يؤكد أن مساعديه وضعوا أمامه سيناريوهات متعددة للتعامل مع إيران.
اجتماعات أمنية وسياسية فى طهران لمناقشة الرد
من جانبها، تحدثت مصادر فى إعلام إيران عما يدور وراء الكواليس خلال الساعات الأخيرة داخل طهران، وكشفت عن أن العمل يسير على قدم وساق لوضع سيناريوهات الوضع الجديد الذى قد يفرضه عليها ترامب بعد ساعات، وكشفت عن عقد جلسات مكثفة على أعلى المستويات الأمنية والسياسية من أجل اتخاذ قرار حول رد الفعل الذى سوف تتخذه طهران تجاه موقف الرئيس الأمريكى، كما تعمد اعلام طهران الترويج لصورة لقائد الحرس الثورى الإيرانى ووزير الخارجية جواد ظريف مبتسما، ونشرتها معظم الصحف إضافة للمواقع الاخبارية والوكالات الرسمية، وذلك لإيصال رسالة إلى العالم فحواها التوافق والانسجام بين إيران الدبلوماسية وإيران العسكرية والتوحد للوقوف أمام قرارات واشنطن الجديدة، مغايرة للواقع الذى شهدته طهران بعد توقيع الاتفاق النووى الذى نددت به وانتقدته مؤسسة الحرس الثورى فى مناسبات عدة.
جواد ظريف وقاد الحرس الثورى الإيرانى
إطلاق التحذيرات وتصعيد الخطاب العدائى
وعلى جانب آخر واصلت إيران إطلاق التحذيرات، حيث كثف المسئولون الإيرانيون من الخطاب العدائى والذى يحمل الوعيد للولايات المتحدة الأمريكية، حيث توعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة برد قاس من إيران إذا أدرجت "الحرس الثورى" على قائمة الإرهاب، فى تصريحات نشرتها وكالة فارس على النسخة الانجليزية، ورفض ظريف الإفصاح عن تفاصيل الرد الإيرانى، وقال "سترون بأنفسكم رد إيران".
وفى جلسة مغلقة للبرلمان الإيرانى، صباح، الأربعاء، شارك فيها ظريف، أكد وزير خارجية إيران رفضه لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي مع المجموعة السداسية الدولية، وشدد على وجود قرار قاطع بعدم الرضوخ للضغوط الأمريكية، مشيرا إلى أن ايران مستعدة للرد على أي قرار تتخذه الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي، وقادرة على الصمود أمام أي تهديد.وقال: "في حال اتخذت أمريكا أي قرار ضد الاتفاق النووي فرد إيران سيكون ساحقا وحاسما".
جواد ظريف
تحذيرات ظريف جاءت بعد 48 ساعة من تحذيرات أطلقتها مؤسسة الحرس الثورى الإيرانية باستهداف الجيش الأمريكى فى المنطقة ، جائت على لسان القائد العام للحرس الثورى محمد علي جعفرى، قال فيها إن فرض أمريكا عقوبات جديدة ضد إيران يعني انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.. محذرًا من أن واشنطن سيكون عليها مغادرة المنطقة والبقاء على بعد ألفي كيلو متر من إيران، إذا فعّلت قانون مكافحة الخصوم الأمريكيين عن طريق الجزاءات (كاتسا) ضد إيران.وقال القائد العام للحرس الثوري: "مثلما أعلنا سابقا، فإنه في حال تنفيذ قانون إجراءات الحظر الجديدة من قبل أمريكا’، فإن عليها نقل قواعدها الإقليمية إلى أبعد من مدى الصواريخ الإيرانية البالغ ألفي كيلو متر".
وأكد القائد العام للحرس الثوري أن سلوك أمريكا مع إيران يثبت أننا لا يمكننا تنظيم علاقاتنا فقط على أساس الاتفاق النووي، وأضاف أن "على الأمريكيين أن يعلموا أن إيران ستستفيد من سلوك حكومة ترامب المتسم بالحماقة تجاه الاتفاق النووي لإيجاد قفزة في برامجها الصاروخية والإقليمية والدفاعية التقليدية".
التوتر القائم بين طهران والولايات المتحدة ألقى بظلاله على القطاع المصرفى والاقتصادى، حيث عادت العملة الإيرانية (التومان) من جديد للانخفاض أمام الدولار لأول مرة منذ توقيع الاتفاق النووى، ولليوم الثالث على التوالى واصلت العملة انخفاضها الملحوظ أمام الدولار، وشهد سوق العملة فى طهران تقلبات حادة على واقع التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكة واعتزام ترامب الانسحاب من الاتفاق.
العملة الايرانية
وبحسب مواقع إيرانية ارتفع سعر الدولار إلى أكثر من 4 آلاف تومان، مسجلاً قفزة كبيرة بحوالى 1500 تومن إيرانى مقارنة بالأيام الماضية الماضى، ومن جانبه، حاول رئيس البنك المركزى الإيرانى ولى الله سيف التهوين من الأسباب التى أدت إلى ذلك فى تصريحات له اليوم الاربعاء، نشرتها صحيفة عصر اقتصاد الإيرانية، معتبرا أنها ليست شئ عجيب يحدث لأقوى العملات فى العالم، لكنه فى الوقت نفسه اعترف بتأثير تصريحات الرئيس الأمريكى على الانخفاض الحاد التى تعانى منه العملة الإيرانية.
واعتبر سيف، أن تصريحات ترامب حول الاتفاق النووى لديها تأثير ضئيل على سوق العملة فى إيران، موضحًا أن أقصى تأثيرها هو إحداث إثارة فى القطاع المصرفى ومن الممكن أن يحدث ذلك، لكن هذا التأثير لن يكون طويل الأمد، ولن تترك تصريحات كهذه تأثير طويل على أى اقتصاد، فتأثيرها مؤقت على حد تعبيره.
3 سيناريوهات ترسم استراتيجية ترامب تجاه إيران
ودأب المحللون الإيرانيون لوضع سيناريوهات حول قرارات واستراتيجية ترامب التى من القرر الاعلان عنها غدا، الخميس، وقال نوذر شفيعى النائب السابق وأستاذ الجامعة فى مقابلة لصحيفة جوان المتشددة التابعة للحرس الثورى، أن هناك 3 سيناريوهات قد تكشف عما سيفعله ترامب، الأول هو معارضة الاتفاق النووى وأن يعلن ترامب الانسحاب منه، أما الثانى هو أن يعيد النظر فيه، أى يرفض الاتفاق حتى يمهد لإعادة النظر فيه، والسيناريو الثالث هو رفض الاتفاق النووى وهنا سيمارس ترامب الضغوط على طهران ويضع عقوبات واسعة من بينها العقوبات الصاروخية ويحتفظ بحق ممارسة الضغوط على طهران لنفسه. وتنتظر طهران إحدى السيناريوهات التى قد تكون وضعت الرد المناسب عليها.