لا يزال الحديث عن تدهور أوضاع مرفق السكة الحديد مستمرًا، لكن أن يصل الأمر إلى عدم توافر قطع الغيار التى تحتاجها القطارات خلال صيانتها وتجهيزها فى الورش قبل القيام برحلاتها اليومية هذا ما يمكن أن ينذر بكارثة فى أى لحظة، خاصة أن أغلب أجزاء الجرارات والعربات وقطع غيارها الموجودة بها انتهى عمرها الافتراضى منذ سنوات لذلك تتكرر أعطالها.
تجهيز القطارات قبل الرحلات
"اليوم السابع" اطلع عن قرب لمشاكل صيانة القطارات فى جولة بورش سكة حديد أبو غاطس بالقاهرة الكائنة بجوار محطة مصر بشارع أحمد حلمى، حيث تستخدم الورشة فى تجهيز العربات المميزة وبعض العربات المكيفة والجرارات قبل قيامها برحلاتها اليومية بالوجهين القبلى والبحرى، فأى قطار مميز "عادى" أو مختلط "يضم عربات مميزة وأخرى مكيفة" يتم تجيهز عرباته وجراره قبل قيامها بالرحلة داخل هذه الورش، ولذا كانت جولتنا التى كشفت عن عدة أزمات تواجه ورش صيانة القطارات أبرزها: نقص قطع الغيار، ونقص العمالة الفنية، وانتهاء العمر الافتراضى للقطارت.
عجز 50% بالعمالة الفنية فى الورش
وفى بداية الجولة استطلعنا رأى المهندس محمد ذكى، رئيس الإدارة المركزية لصيانة الوحدات المتحركة بمنطقة القاهرة بالسكة الحديد، حيث قال: "نحن نناضل من أجل توفير كل قطعة غيار.. وعندنا عجز فى العمالة الفنية فى الورش"، ملخصا بهذه الجملة حال ورش صيانة القطارات على مستوى الجمهورية، وأن العاملين يعانون معاناة كبيرة خلال تجهيز القطارات للقيام برحلاتها اليومية بسبب عجز قطع الغيار وتقادم حالة القطارات.
"ذكى" أضاف خلال مرافقته "اليوم السابع" فى جولتها داخل ورش أبو غاطس: "قبل قيام كل قطار برحلته يتم تجهيزه داخل الورش والكشف عليه وفحصه جيدا.. ويتم إصلاح أى ملاحظات أو عوارض يتم اكتشافها به خلال تجهيزه"، لافتا إلى أن كافة ورش الهيئة تعانى من عجز فى العمالة الفنية بها يصل إلى حوالى 50%، بالإضافة عجز فى قطع الغيار.
انتهاء العمر الافتراضى للجرارات
واستطرد: "الصعوبة أن العربات والجرارات متقادمة.. وهذا يصعب تجهيزها وصيانتها قبل القيام بكل رحلة.. احنا عندنا جرارات انتهى عمرها الافتراض منذ سنوات.. الهيئة فيها جرارات هنشل ألمانى تعمل منذ عام 1974 و1977 رغم أن العمر الافتراضى للجرار 25 سنة.. كل قطعة غيار فى هذه الجرارات انتهى عمرها الافتراضى"، مشيرا إلى أن سبب تكرار أعطال الجرارات خلال رحلاتها هو انتهاء عمرها الافتراضى منذ سنوات وتقادمها.
وأوضح ذكى أنهم بدأوا لا ينظرون إلى العمر الافتراضى لقطعة الغيار الموجودة فى الجرار لأنه انتهى فعليا منذ سنوات، إنما ينظرون هل هى تعمل وحالتها تسمح باستمرارها فى الجرار أم لا؟!، لافتا إلى أن تقادم هذه الجرارات يصعب عملية تجهيزها يوميا وصيانتها ويؤدى إلى تكرار أعطالها وعوارضها المفاجئة، وأن ذلك يتزامن مع عجز قطع الغيار التى تحتاجها الورش لإجراء صيانتها واستبدال قطع غيار الجرارات العطلانة بها.
الاستعانة بأجزاء من الجرارات العطلانة
فيما يواصل المهندس هشام على، مدير إدارة ورشة صيانة الجرارات فى ورش أبو غاطس، الحديث عن أزمة ورش الصيانة لـ"اليوم السابع" قائلاً إنهم يعانون من عجز الجرارات لذلك يلجأون إلى الاستعانة ببعض الأجزاء وقطع الغيار الموجودة فى بعض "الجرارات العطلانة" داخل الورش، متابعا: "نحاول توفير قطع الغيار وتجهيز الجرار ليقوم برحلته مع استوك العربات المجهز وفق الإمكانيات المتاحة.. لكن لا نسمح بخروج جرار من الورش وإلا صالح للتشغيل إلا أنه أحيانا تحدث به عوارض خلال رحلته، لأن ذلك وارد بسبب حالة الجرارات وتقادمها".
مدير ورشة الجرارات لفت إلى أنه يجرى فحص جيد لأى جرار قبل خروجة من الورش واستبدال أى قطعة غيار غير صالحة للتشغيل سواء كانت متوفرة فى مخازن الورش أو يتم استعارتها من أحد الجرارات العطلانة، مشيرا إلى أن العاملين فى الورش يعملون تحت ظروف صعبة ومسئولون عن صيانة جرارات وعربات حالتها متقادمة جدا وأغلب أجزاءها توقفت الشركات المصنعة لها عن إنتاجها نهائيا على مستوى العالم.
مطالب بمشاركة القطاع الخاص فى تطوير السكة الحديد
وخلال الجولة التقينا عدد من العمال للحديث عن المشاكل والصعوبات التى تواجههم يوميًا وأبرز الحلول لتفاديها، حيث اقترح محمد طه، فنى لحام فى ورشة الجرارات، السماح للقطاع الخاص بالاشتراك فى تطوير الورش نفسها والقطارات للتغلب على مشكلة التمويل التى تعانى منها هيئة السكة الحديد، ومن أجل شراء قطارات جديدة بدلا من القطارات التى انتهى عمرها الافتراضى منذ سنوات، داعيا إلى السماح للمستثمرين بتولى إدارة خطوط سكة حديد كاملة وتطويرها.
أما رجب فتوح، فنى لحام وملاحظ برادين فى ورشة صيانة العربات المميزة بورش أبو غاطس، أشار إلى أن ورشة التجهيز اليومى للعربات تعمل على مدار 24، متابعًا: "فيه ورديتين كلا منهما يعمل 12 ساعة.. والوردية فيها 9 عاملين فقط رغم أن قوتها كانت 17 عاملا.. لكن انخفض عددها بعد خروج أغلب العاملين على المعاش وعدم تعيين غيرهم.. يعنى العجز تقريباً فى الوردية 50%".
انخفاض مرتبات الفنيين وعجز التمويل
فيما سلط كامل عبد الباسط، مفتش صيانة بورشة العربات فى ورش أبو غاطس، الضوء على انخفاض مرتبات وحوافز العاملين بالورش رغم أنهم يتعرضون لمخاطر كبيرة خلال عملهم، وبعضهم يتعرض لإصابات مستديمة، ورغم ذلك يحصلون على بدل مخاطر أقل من باقى طوائف التشغيل، موضحًا أن إجمالى مرتبه بعد 33 سنة من عمله فى الورشة حوالى 4 آلاف جنيه، فى حين أن العامل حديث التعيين يتراوح إجمالى دخله بين 1000 و1500 جنيه.
وفى نهاية الجولة، كان لنا لقاءً مع المهندس سيد سالم، رئيس هيئة السكة الحديد، وواجهناه بكم المشكلات فى ورش السكة الحديد، إلا أنه أرجع عجز قطع الغيار إلى عدم توافر التمويل اللازم على مدار سنوات مضت، مضيفًا أن الهيئة طلبت تدبير اعتمادات مالية مرارا لكن لم تتوفر كافة احتياجاتها من التمويل المطلوب، وأن هناك عقودا أبرمتها لشراء قطع غيار وبعضها منذ عامين لكن لم يتم تفعيلها حتى اليوم بسبب عدم وجود التمويل اللازم لدفع الدفعة المقدمة لتفعيل التعاقد وبدء توريد قطع الغيار المتعاقد عليها.
10591497-العاملون-فى-ورش-السكة-الحديد-فى-أبو-غاطس-(8)