بعناد لا يعرف حكمة، وانهيار لا ترده اجراءات احترازية، تطوى إمارة قطر صفحة 5 أشهر من المقاطعة العربية التى تقودها كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ، بسلسلة من الخسائر قدرها مراقبون بما يزيد على 77 مليار دولار، موزعة بين ما فقدته الإمارة فى قطاعات تشكل اقتصادها الذى كان فى عداد الاستقرار قبل بضعة أشهر، بخلاف ما اضطرت لضخه من الاحتياطى النقدى الخاص بها لاحتواء ما تعانيه من أزمات.
ومنذ الخامس من يونيو، وحتى الآن، تكبد الاقتصاد القطرى صدمات ونكبات شديدة أدت لهروب رؤوس الأموال للخارج وسحب الودائع من البنوك وانهيار البورصة وتصاعد أزمة السيولة.
جانب من اجتماعات الرباعى العربى فى القاهرة
ومنذ اليوم الأول من قرار المقاطعة ويعانى الاقتصاد فى إمارة الإرهاب من وضع سيئ، وظلت الخسائر تلاحق البنوك القطرية وهبط معدل ربحها لـ 67 %، فقد ذكرت تقارير لوسائل الإعلام الغربية أن استمرار الأزمة بين قطر والرباعى العربى أفقد اقتصادها 51 مليار دولار منذ الخامس من يونو حتى الآن.
كما خفض صندوق النقد الدولى توقعاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى لقطر خلال العام الجارى بواقع 0.9% ليسجل 2.5%، مقابل توقعاته السابقة عند 3.4%، كما خفض معهد التمويل الدولى تقديراته لنمو الاقتصاد القطرى إلى 1.3% بالعام الجارى بدلا من توقعاته السابقة عند 2.2%.
هروب رؤوس الأموال
وقد كشفت العديد من التقارير الاقتصادية الغربية خلال الفترة الأخيرة، إلى هروب وتوقف رؤوس الأموال الاستثمارية عن استكمال خططها ومشاريعها فى قطر، ما دفع الدوحة نحو الاقتراض، وطرح مزيد من أدوات الدين فى السوق العالمية، على الرغم من ارتفاع حجم الدين الخارجى الذى بلغ ما نسبته 150% من الناتج المحلى الإجمالى.
تميم بن حمد
وحسب وكالات أنباء عالمية ووسائل إعلام خليجية فإن الدوحة تعتزم جمع تمويل تبلغ قيمته نحو 9 مليارات دولار على الأقل من بيع الصكوك، ما ينبئ بزيادة جديدة فى حجم الدين الخارجى الذى يهدد الاقتصاد القطرى.
وقامت كبرى مؤسسات الائتمان العالمية منذ اليوم الأول للمقاطعة بخفض تقييمها لعدد من المؤسسات القطرية المهمة، فخفضت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية لـ9 بنوك قطرية إلى سلبية، وفى المقابل أودعت حكومة قطر نحو 7 مليارات دولار بالبنوك المحلية فى يوليو، لتعويض استمرار التدفقات النازحة من الجهاز المصرفى القطرى.
هبوط الاحتياطى الأجنبى
وهبطت الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملة الأجنبية فى بنك قطر المركزى فى الربع الثالث من 2017 بنسبة 11.4% تقدر بـ16.7 مليار ريال أى حوالى 4.6 مليار دولار.
بنك قطر المركزى
وأظهرت بيانات بنك قطر المركزى، أن إجمالى الاحتياطيات الدولية والسيولة سجلت فى سبتمبر 129.6 مليار ريال أى حوالى 35.6 مليار دولار، وهو أدنى مستوى فى 6 سنوات، مقابل قيمتها فى نهاية يونيو السابق عند 146.3 مليار ريال ما يقدر بـ 40.2 مليار دولار، وقد تأكل احتياطى قطر 4.6 مليار فى 3 أشهر الأخيرة.
انهيار البورصة القطرية
وهبط مؤشر بورصة قطر منذ بداية العام حتى نهاية شهر أكتوبر الماضى 21.8%، وفقا لبيانات إحصائية، كما خسرت القيمة السوقية للأسهم المدرجة فى بورصة قطر 33 مليار دولار، حيث تراجعت من نحو 155 إلى 122 مليار دولار.
ولا تزال هذه السوق الأسوأ أداء فى المنطقة منذ بداية العام حتى تاريخه، حيث تكبدت بخسائر فى 7 من أصل 10 أشهر خلال عام 2017، ويأتى ذلك وسط قلق المستثمرين من التعامل على الأسهم القطرية نتيحة تراجع مؤشرات الاقتصاد والتصنيفات السلبية الممنوحة للدوحة.
وتعمقت جراح السوق المالى، الشهر الماضى، حيث أنهت جميع المؤشرات تداولات أكتوبر على تراجع، وخسر مؤشر قطر 20 الشهر الماضى نسبة 1.8% من قيمته على أساس شهرى، وأنهى تداولات أكتوبر مغلقا عند مستوى 8165 نقطة، علما بأن مستوى المؤشر كان قد بدأ العام الحالى عند 10436 نقطة.
بورصة قطر
وذكر تقرير صادر عن وحدة الدراسات والأبحاث فى شركة المركز المالى الكويتى "المركز" أن مؤشر قطر لجميع الأسهم، الذى يعكس أداء أكثر شمولا للسوق، تراجع بمعدل أكبر؛ حيث انخفض بنسبة 3.5% الشهر الماضى.
وكان معامل انتشار السوق ضعيفا مع ميله نحو الأسهم المتراجعة التى بلغ عددها 35 سهما، مقابل ارتفاع 8 أسهم فقط خلال الشهر.
خسائر البنوك
كما شهد قطاع البنوك والخدمات المالية فى السوق تراجعا بمعدل أقل من السابق، لينخفض 1.6% الشهر الماضي.
وأدى تراجع ثقة المستثمرين بالاقتصاد القطرى إلى هبوط صافى ربح 44 شركة مدرجة فى البورصة خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وحسب إحصائية بلغت أرباح الشركات الـ44 فى الربع الثالث من 2017 نحو 9.30 مليار ريال ، مقابل أرباح تلك الأسهم بالفترة المناظرة من العام الماضى البالغة 9.32 مليار ريال
وهبطت تداولات بورصة قطر فى شهر أكتوبر الماضي، محققة 10.5 مليار ريال (2.8 مليار دولار) خسائر سوقية.
نزيف أموال الصندوق السيادى
وسحبت ة قطر نحو 20 مليار دولار من صندوقها السيادى، لمحاولة تخفيف تبعات المقاطعة وسد شح السيولة فى المصارف الناتجة عن المقاطعة التاريخية لها.
وقال وزير المالية القطرى على شريف العمادي، فى تصريحات سابقة لصحيفة "فاينانشال تايمز"، إن بلاده لجأت لودائع الصندوق لتوفير سيولة بالبنوك القطرية، حيث تراجعت ودائع الأجانب بنحو 30 مليار دولار.
شريف العمادى وزير مالية قطر
وكان العمادى قد أعلن أن 20 مليار دولار أخرى سيتم ضخها فى السوق القطرية قريبا من صندوق الثروة السيادي، بخلاف ضخ أموال سائلة فى النظام البنكى القطري.
وباع الصندوق السيادى القطرى فى الفترة الأخيرة حصصه فى كل من مصرفى "كريدى سويس" و"ذا سويس بنك" وشركة "روسنفت" الروسية للطاقة و"تيفانى آند كو".
بيع السندات
وهبطت استثمارات الحكومة القطرية فى سندات وأذون الخزانة الأمريكية بنهاية شهر أغسطس الماضى إلى 203 ملايين دولار، متراجعة بنسبة 85% (1.2 مليار دولار)، آخر 3 أشهر؛ حيث كانت 1.38 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، بما يعنى تسييل 85% من رصيدها.
وبذلك تكون حيازة قطر من سندات الخزانة الأمريكية قد تراجعت خلال شهر أغسطس بنسبة 57% (270 مليون دولار)، حيث كانت 473 مليون دولار فى نهاية يوليو الماضي؛ أى أنها سيلت 57% من رصيدها فى شهر.
هروب الودائع
وانكمشت ودائع العملاء الأجانب لدى البنوك فى قطر فى أغسطس، وغالبيتها العظمى فى صورة ودائع بالعملة الأجنبية، إلى 157.2 مليار ريال (43.2 مليار دولار) مقارنة مع 170.6 مليار ريال فى يوليو.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن مصارف قطر تواجه أزمة حادة فى الوقت الراهن نتيجة نزوح الودائع الأجنبية؛ ما أثر على حجم السيولة المتداولة.
وتوقعت الصحيفة الأمريكية أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من تراجع أرصدة الودائع الأجنبية بمصارف قطر، نظرا لاستبعاد المحللين تجديد العملاء فترة إيداع أموالهم عند حلول موعد استحقاقها.