لماذا يفقد أطفال حياتهم بعد استئصال اللوزتين.. فريدة فى غيبوبة منذ شهر.. طبيب بالقليوبية يتسبب فى وفاة طفلين خلال شهرين.. يوسف حلم بنوم هادئ فسكن للأبد.. وأطباء: الأماكن غير مجهزة وسوء تقدير الحالة أهم الأسباب

الإثنين، 11 ديسمبر 2017 04:00 ص
لماذا يفقد أطفال حياتهم بعد استئصال اللوزتين.. فريدة فى غيبوبة منذ شهر.. طبيب بالقليوبية يتسبب فى وفاة طفلين خلال شهرين.. يوسف حلم بنوم هادئ فسكن للأبد.. وأطباء: الأماكن غير مجهزة وسوء تقدير الحالة أهم الأسباب الأطفال فريدة ويوسف عمرو ويوسف إبراهيم والطبيبان محمد جلال وأحمد حسين
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"كانت جاية تاخدنى فى حضنها لقيت دمها اللى فى حضنى" بحسرة يكرر "هشام عبد التواب" والد الطفلة فريدة عبارته وهو يسترجع المشهد الدامى أمام عينيه بعد أيام من خضوع صغيرته لجراحة لاستئصال اللوز فى مستشفى خيرى بالمعادى، لتدخل بعد هذا المشهد فى غيبوبة مستمرة منذ شهر تقريبًا وحتى كتابة هذه السطور.
 
يحكى الأب لـ"اليوم السابع": استأصلنا لها اللوزتين فى المستشفى وبعدها شعرت الأم أن الطفلة متعبة، وقالت للطبيب إنها لا تأكل نهائيًا فأمرها أن تطعمها رغمًا عنها، ولكنها لم تنجح فى ذلك، فاتصلت بى، وكنت مسافرًا لعمل، وقالت لى البنت مش عايزة تاكل مش هتاكل غير لما انت تكون موجود"، يوضح الأب بحزن "البنت متعلقة بيا جدًا وأنا روحى فيها"، ولهذا اتخذ قراره بقطع سفره والعودة للبيت لتأكل الصغيرة، متابعا: "قلت لها كلى عشان خاطرى يا فريدة، فغصبت على نفسها وكلت رغم إنها مش قادرة، فبقت تاكل وتتقيأ".
 
الطفلة فريدة
الطفلة فريدة
 
شعر الأب أن طفلته ليست على ما يرام بالفعل، فاصطحبها للطبيب من أجل استشارة "قلت له البنت تعبانة ومابتاكلش قالى أكلوها بالعافية، قلت له يعنى مش هتكشف عليها قالى لأ دى زى الفل".
 
فى اليوم التالى بلغ القلق ذروته حين كانت الطفلة تقترب من والدها لدى وصوله البيت لتحتضنه، فوجئ بدمها يغرقه قائلا: "كانت بتنزف من الأنف والفم"، وحاول الأب أن يسعفها بأسرع وقت ممكن ولم يتمكن من توفير سيارة فحملها فى حضنه وانطلق على دراجة نارية "جريت بيها على مستشفى اليوم الواحد، وهى فى حضنى حسيت قلبها وقف، ولما رحت المستشفى قالوا لى إن قلبها فعلاً وقف نص ساعة ودا أدى إن المخ وقف فدخلت فى غيبوبة من 20 يومًا لحد الآن".
 
بعد الكثير من المفاوضات تمكن الأب من نقل طفلته إلى قصر العينى ولكنها حتى الآن فى غيبوبة قائلا: "محتاج دكتور مخ وأعصاب يفيدنا ونقلها من المستشفى خطر عليها". وإلى جانب صراعه مع الزمن ومحاولاته المستميتة لإنقاذ الطفلة التى يصفها "بنتى وروحى وصاحبتى" حرر "هشام" المحضر رقم 19589 جنح المعادى ضد الطبيب الذى أجرى الجراحة بتهمة الإهمال الطبى.
 

طبيب فى القليوبية يتسبب فى وفاة طفلين خلال شهرين

 
قصة فريدة العالقة بين الحياة والموت فى انتظار من ينقذها تكررت مع العديد من الأطفال خلال الفترة الماضية، وباتت تلك الجراحة البسيطة التى ارتبطت لدى أطفال الثمانينيات والتسعينيات بالكثير من الآيس كريم، جراحة قاتلة، أحيانًا ما يفقد الأطفال حياتهم أثناء إجرائها، إما بسبب خطأ فى إجراء الجراحة أو فى التخدير، كما حدث مع الطفل "يوسف إبراهيم"، 3 سنوات، من القليوبية الذى تحكى والدته "وفاء عبد الستار" لـ"اليوم السابع" تفاصيل يومه الأخير "بندم طول عمرى إنى ماكنتش موجودة فى العيادة وقتها".
 
 
الطفل يوسف إبراهيم
الطفل يوسف إبراهيم
 
وأضاف: أجرينا له العملية عند "دكتور معروف فى بنها" أعمامه كانوا معه حين خرج الطبيب من غرفة العمليات وقال إن يوسف حالته خطرة "القلب بيروح ويجى" أخذوه لمستشفى ولكنه فارق الحياة قبل أن يصل. أعمامه أخذوا الولد وغسلناه ودفنناه ولم نتخذ ضد الطبيب أى إجراء. وتبرر الأم ذلك "أنا كنت مصدومة ومش مصدقة اللى حصل، وكذلك أبوه ماكناش حاسين بالدنيا"، أما الطبيب فحاول التواصل مع الأسرة لتعويضهم، مضيفة: "بعت لنا ناس يقول اللى عايزينه ياخدوه، لكن احنا رفضنا طبعًا".
 
المأساة على يد الطبيب نفسه لم تتوقف عند "يوسف" فتقول الأم "ربنا ماضيعش حقنا، بعد شهرين من وفاة ابنى حصلت نفس المشكلة مع ناس تانية، بنتهم كانت فى الصف الثانى الابتدائى، فأخذوا البنت وطلبوا تقريرا طبيا من مستشفى وجدوا أن البنت قتلتها جرعة زائدة من البنج، ورفعوا قضية على الطبيب فهرب". وتستطرد هامسة: "المرة دى البنت كبيرة فى ابتدائى، احنا ناس قالت لنا يوسف مات عشان كان صغير على العملية".
 

يوسف لجأ لإزالة اللحمية واللوز وحلم بنوم هادئ فنام إلى الأبد 

 
فى نوفمبر الماضى حلت ذكرى الأربعين للطفل "يوسف عمرو" ابن المحلة الكبرى الذى لم يتم عامه السادس، رحل "يوسف" أيضًا بعد جراحة لاستئصال اللوز فى مركز متخصص للأنف والأذن والحنجرة صاحبه دكتور استشارى ورئيس قسم بأحد المستشفيات العامة. هذا المركز يمر عليه "عمرو محمد" والد "يوسف" يوميًا فى طريقه للعمل ويكاد يجن وهو يرى حركة المرضى المتواصلة بشكل عادى رغم انتشار خبر تسبب الطبيب صاحب المركز فى وفاة ابنه ويقول لـ"اليوم السابع": "بتجنن وأنا شايف الدكتور شغال عادى ولا فى دماغه، ولا كأن حاجة حصلت، الناس فى المحلة كلها تقريبًا عارفة ورغم كده بيروحوا يكشفوا ويعملوا عمليات عنده". 
 
الطفل يوسف
الطفل يوسف عمرو
 
لم يرفع "عمرو" دعوى قضائية على الطبيب "لما كنا بنعمل تصريح للدفن، قلت هعمل محضر، لكن كلهم بيداروا على بعض، الموظفين فى مكتب الصحة والمستشفى كانوا شبه بيهددونا بالتشريح والبهدلة، خاصة أن المشرحة اللى كانت فى المحلة اتنقلت طنطا، يعنى البهدلة تضاعفت وأمه ماكانتش مستحملة". وعلى الرغم من أنه لم يأخذ إجراءات لإدانته قضائيًا إلا أنه يشير إلى أن الطبيب معترف بتورطه "بعت لنا مرة الممرضة وجوزها وناس جيراننا بظرف فلوس لكننا رفضنا". 
 
ويحكى "عمرو" قصة ابنه مع اللوز: "يوسف كان عنده مشكلة من صغره وهى الشخير أثناء النوم، وقررنا نعمل له اللحمية لما يكبر شوية، ولما قرب على 6 سنين قررنا نعملها عشان يعرف ينام كويس"، مضيفا: "رفضت أن أجرى له العملية فى التأمين أو أى مستشفى عام، وبحثنا عن أحسن دكتور أنف وأذن فالناس دلتنا على هذا المركز، رحنا كشفنا قالنا المشكلة فى اللوز وليس اللحمية، لأن حجمها كبير وتحتاج عملية سنزيل خلالها اللوز واللحمية".
 
لم يكتفِ الأب برأى الطبيب وذهب بطفله لطبيب آخر لتأكيد التشخيص وبالفعل قال نفس الكلام، مضيفا: "قلنا خلاص نعملها عند الدكتور الاستشارى صاحب المركز المتخصص".
 
ووصف الأب اليوم الأخير لابنه: "كان بيجرى وفرحان إنه هيعمل العملية ويخف ويعرف ينام كويس، لكنه نام للأبد"، مضيفا: "أجرى العملية واتبعنا كل التعليمات، بدأنا نقدم له أيس كريم لكنه يرفضه، طلب يشرب ماء لكنه أوجع بطنه، وبدأ يتقيأ".
 
اصطحب الأب ابنه للعيادة مسرعًا فكتب له الطبيب حقنة للقىء وأخذها الطفل لكن الشكوى استمرت وتدهورت الحالة بعد بعض الوقت حتى أن الطفل احتاج لجهاز الأكسجين لكنه كان يفيق ثم يغيب عن الوعى مرة أخرى، اصطحبوه لمستشفى لكنه كان دخل فى غيبوبة لدى وصوله.
 
احتاج الطفل للنقل إلى العناية المركزة فى المستشفى العام ولكن الإسعاف رفضت نقله حتى تستقر حالته، وأخبرهم الطبيب أن الطفل يعانى تكسيرًا فى الدم وسأل عن العلاج الذى تناوله، أخبره الأب أن الطبيب الذى وصف العلاج موجودًا ويمكن أن يسأله عن العلاج ولكن الطفل توفى.
 
لا يعرف "عمرو محمد" أين الخطأ بالتحديد ويقول: "أنا مش عارف مات ليه؟ إيه اللى عمل فيه كدة؟ علاج غلط ولا عملية غلط؟ طب بيتوجع من بطنه ويتقيأ ليه؟ قالوا لى فى المستشفى تكسير دم مش عارف سببه لكن أيًا كان السبب هو مسئولية الدكتور اللى عمل العملية واداله العلاج وحتى التحاليل قبل العملية كانت عنده فى المركز".
 
ووفقًا للأب، لم يكن "يوسف" هو الطفل الأول الذى يفقد حياته على يد الطبيب ذاته ويقول "عرفت إنه موت واحدة قبل كده فى مستشفى المبرة" ويضيف "كمان قطع شريان لطفل ثانى فى العيادة وفشل فى علاجه وقال لأهله روحوا بيه طنطا وأنقذوه هناك، وحالات تانية ما وصلتش للموت".
 

أطباء: نسبة الوفيات فى عملية اللوز لم تزد.. الوفاة يسببها أخطاء إما فى التخدير أو الجراحة 

يرى د.محمد جلال رئيس وحدة التخدير بمستشفى الطلبة جامعة الإسكندرية أن نسبة وفيات الأطفال فى جراحات اللوز لم تزد عن السابق، وإنما أصبحت حكايتها تنتشر أكثر بسبب الإعلام والسوشيال ميديا، ويقول لـ"اليوم السابع" إنه فيما يتعلق بحالات الوفاة التى تحدث نتيجة التخدير فإن هذا يحدث لأن العمليات تتم فى عيادات غير مجهزة بأماكن إفاقة مناسبة ولا تجهيزات جيدة ولا مكان ينتقل إليه المريض بعد العملية للمتابعة. ويضيف: المشكلة تحدث غالبًا فى الأماكن العشوائية غير المجهزة.
 
ويقول الدكتور طارق كامل، طبيب الأنف والأذن والحنجرة ومقرر لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء، إنه لا يوجد عدد محدد للأطباء الذين وردت بحقهم شكاوى بسبب وفاة طفل فى عملية استئصال اللوز، وإنما يسمع عن مثل هذه الحالات من وقت لآخر، ولا يرى أن هناك نسبة زيادة فى حالات الوفاة نتيجة العملية.
 
وأضاف طارق لـ"اليوم السابع": هى حالات قليلة الحدوث وعملية اللوز بطبيعتها المفترض أنها بسيطة ولكن مضاعفتها قد تصل إلى الوفاة، وهو شىء نادر الحدوث، والحالات التى تحدث محدودة ولا يمكن أن نصفها بأنها ظاهرة.
 
بأمانة شديدة إذا حدثت وفاة من عملية لوز فإنه بنسبة 99.9% هناك خطأ من الطبيب. ويوضح: الخطأ يكون ما إما من جهة التخدير أو الجراح، خطأ التخدير نعرفه فورًا فالطفل عند الإفاقة تحدث له مشكلة نتيجة سوء تقدير من طبيب التخدير أو غياب المتابعة الدقيقة من الطبيب للمريض بعد الجراحة.
 
أما بالنسبة للجراح الخطأ الذى يحدث هو أن ينزف الطفل بعد العملية والجراح يسىء تقدير الحالة ولا يأخذ قرار بإدخاله غرفة العمليات للتعامل مع النزيف وإيقافه، وهذا يحدث إما لعدم رغبته فى أن يدخل الطفل العمليات مرة أخرى ويخضعه للتخدير أو لأنه يتعامل مع الأمر باعتباره مشكلة بسيطة وفى الحالتين هناك سوء تقدير وإهمال وتقصير فى الاستعانة بشخص آخر ذو خبرة أكبر منه. أما عن سبب النزيف فيقول د. طارق: "أثناء إجراء العملية قد يدخل الطبيب جزء أعمق قليلاً فيفتح شريانًا لا يعرف كيف يتعامل معه".
 
ويشير د. طارق إلى أن هناك بعض المؤشرات على أن الحالة غير طبيعية بعد استئصال اللوز، وتحتاج إلى انتباه الطبيب، قائلا: طبيعى بعد عملية اللوزتين أن يكون هناك جرحًا فى الحلق وألم فالطفل بيبدأ يبلع بالتدريج، ولكن لا يوجد ألم طبيعى يصل لدرجة أن الطفل يمتنع تمامًا عن الأكل.
 
وفى حالات النزيف يحدث أن الطفل ينزف جزءا من الدم ويبلع جزء آخر فيحدث له قىء، بالتالى إذا أبلغ الأهل الطبيب أن هناك قىء ينبغى عليه أن يقلق وينتبه إلى أن هناك نزيف وخطأ.
 
أما د. أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء فيقول لـ"اليوم السابع"، إن النقابة تصلها عدد كبير جدًا من الشكاوى تحال للجنة التحقيق التى تفحص الأوراق المقدمة وتطلب أوراقًا من المستشفى وإذا ثبت وجود إهمال طبى يقدم لهيئة تأديبية وتتراوح العقوبة عندها من الإنذار حتى الشطب من النقابة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة