إذا كنت من عشاق كرة القدم ومتابعا جيدا لأخبارها وقد تزعم أنك خبير بها، اطرح على نفسك تساؤلا: "هل كنت تتوقع لمحمد صلاح نجم المنتخب الوطنى وليفربول الإنجليزى الحالى النجاح الباهر عندما انتقل من المقاولون العرب إلى بازل السويسرى فى بداية حياته الاحترافية؟"، الإجابة ستكون "لا"، إنما بالعزيمة والإصرار تحقيق أى شىء يُصبح ممكنًا، وعلى غرار هذا النموذج مع الفارق فى الظروف يمكن تنصيف سارة عصام، أول محترفة مصرية فى البريميرليج كأحد النماذج الملهمة للآخرين فى مجالها.
سارة عصام صاحبة الـ 18 عامًا، ولاعبة نادى وادى دجلة استطاعت أن تكتب تاريخ جديد للكرة النسائية المصرية بأن تصبح أول محترفة مصرية فى الدورى الإنجليزى الأقوى وذلك عبر بوابة نادى ستوك سيتى العريق- المركز الرابع حاليًا بالدورى- الذى يلعب له مواطنها رمضان صبحى، الجناح الأيمن للمنتخب الوطنى لكرة القدم.
بداية الطريق
إنجاز احتراف الفتاة المصرية فى ستوك سيتى، يعتبر تمهيدًا جيدًا لمن بعدها حتى يسيرن على خطاها، وأن يكسرن التابوهات التقليدية المنقوشة حول لاعبات كرة القدم فى مصر أنهن مجرد ديكور، ولسن محترفات كما يقول الكتاب، لاسيما أن لاعبة وادى دجلة السابقة لم تحتاج سوى 20 لقاء دولى مع المنتخب الوطنى أبرزهم كأس الأمم الإفريقية وتصفيات كأس العالم، لتثبت موهبته وقدرتها على اللعب فى أكثر من مركز أبرزهم المهاجم الصريح.
ويكمن إنجاز اللاعبة الشابة أنها ثابرت من أجل الوصول إلى حلمها خصوصا أنها خرجت من البيئة المصرية تعشق كرة القدم إنما تراها أمر يخص الرجال فقط، وعندما تُذكر النساء فى عالم الساحرة المستديرة يؤخذ الأمر على محمل التندر، وذلك ما بين السخرية من عدم فهم بعض السيدات لقواعد اللعبة، واهتمامهن بالأمور السطحية فيها، أو نماذج لمشجعات شغوفات باللعبة يتم التعامل معهن على أنهن استثناء، بينما تسقط الممارسات للكرة فعليًا من الحسابات ولا يولى الإعلام أو الجماهير أى انتباه، إلا أن اللاعبة الشابة هزمت تلك النظرة واستطاعت أن تصير ما أرادت.
الكرة هى الحياة
"الكرة هى الحياة كلها".. هكذا بدأت اللاعبة الشابة مقابلتها مع هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" متحدثة عن تجربة احترافها بالبريميرليج للكرة النسائية، مؤكدة أنه هذه المحطة كانت الحلم الأبرز فى حياتها عندما بدأت مسيرتها فى وادى دجلة.
وتقول مهاجمة ستوك سيتى :"سعيدة للغاية بالتواجد فى صفوف سيتى ذلك النادى العريق، فقد حلمت كثيرًا بالوصول إلى تلك المحطة، أثناء لعبى فى صفوف وادى دجلة، وكان لىّ ما أردت، خاصة أن ضحيت بالكثير مما يفعله من هن فى سنى، وكل هذا من أجل حلمى"، مضيفة :"من الأشياء التى أعتز بها فى عالمى هو قميص المنتخب الوطنى الذى عليه أسمى ورقمى 10، كما أنى اعتز بحذاء اللاعب العالمى نيمار وقد لعبت به لقاءات المنتخب الوطنى فى تصفيات كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية".
وحول بداية حياته الاحترافية توضح مهاجمة ستوك سيتى الإنجليزية :"أول خطوة فى طريق الاحتراف كانت فى 2015 عندما وقعت عقد احترافى فى ناشئات وادى دجلة، ثم تم تصعيدى للفريق الأول، وبعدها تم اختيارى لمنتخب تحت 17 عامًا، ثم منتخب السيدات"، مضيفة :"فى يونيو 2017 وصلت إلى انجلترا للدراسة، واغتنمت هذه الفرصة لإجراء الاختبار فى أكثر من نادى منها ديرى كاونتى وبرمنجهام وسندرلاند فى فريق الناشئات، وفى النهاية استقر المطاف فى ستوك سيتى".
حياة يومية مُجهدة ولكن اليأس خيانة
وتضيف سارة عصام :"حاليًا أدرس الهندسة وألعب مع ستوك سيتى فى الدورى، وكان لابد القيام بعملية توازن بين الأمرين خصوصا أن أهلى لم يكونوا مقتنعين فى بادئ الأمر بممارستى لكرة القدم، ووالدتى لم تكن تريدنى أن أكمل فى هذا الطريق لأنهم كانوا يرون أنى لن أصل إلى أى شىء، والأفضل بالنسبة لىّ التركيز على مذاكرتى ومستقبلى الدراسى".
وتعليقًا على تفاصيل حياتها اليومية، تقول طالبة الهندسة :"أستيقظ يوميًا فى السادسة صباحًا، حتى أذهب للجامعة، وبعدها يكون لدى تمارين فى النادى ثم أعود للجامعة، وبعدها أركب قطر حتى أعود للمحافظة التى أسكن فيها، وهذه "بهدلة"، وأنا أكيد أصابنى اليأس أحيانًا لكن أعود أقول لنفسى أن ستوك سيتى شىء يستحق أن أكمل مسيرتى".
تؤمن اللاعبة الشابة أن ما حققته يستحق عدم اليأس وتحمل كفة الصعاب فهل تستلهم باقى لاعبات المنتخب الوطنى هذا النموذج ويسيرن على نفس طريقها فى إنجاز أحلامهن، فهى تعبت واجتهد لتصل إلى حلمها، وإن تعلل البعض بالظروف والأجواء المحيطة يوجد مثل حى لقهر الصعاب فى عالم كرة القدم وهو محمد صلاح هداف الدورى الإنجليزى الحالى الذى خرج من قرية بسيطة حامل أحلامه حتى وصل إلى العالمية.