على مدار السنوات الثلاث الماضية كانت مصر موضع خلاف ونقاش محموم داخل الدوائر السياسية الأمريكية، حيث انقسمت الجماعات السياسية من خبراء مراكز الأبحاث وأعضاء كونجرس ومسئولو الدفاع السابقين حول العديد من القضايا الخاصة بمصر منذ سقوط حكم الإخوان فى يونيو 2013.
وربما كانت قضية المساعدات السنوية أكثر القضايا التى نالت جدلا واسعا داخل الدوائر السياسية الأمريكية خاصة مع قيام جماعة الإخوان بحملة شعواء بمساعدة الكثير من أتباعهم داخل مراكز الأبحاث الأمريكية التى تحث على قطع المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر عقابا للمصريين على الإطاحة بالإخوان من الحكم حيث سعوا وقتها لتصوير الأمر على أنه إنقلاب عسكرى وليس ثورة شعبية شهدت احتشاد الملايين فى الشوارع على مدار أكثر من 3 أيام.
ومع ذلك كان هناك عدد واسع من كبار أعضاء الكونجرس، أغلبيهم من الحزب الجمهورى، ممن كانوا على وعى بخطورة هذا التنظيم الإرهابى والممارسات الاستبدادية لجماعة الإخوان خلال عام من حكم كارثى لمصر.
وقام عدد من أعضاء الكونجرس، فى يوليو 2014 بالإعلان عن تأسيس مجموعة تحت اسم "كونجرس كوكس من أجل مصر"، أو "تجمع الكونجرس من أجل مصر" بهدف تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان ودعم الرئيس المنتخب حديثا، وقتها، عبد الفتاح السيسي، فى مواجهة الانتقادات، وأعربت هذه المجموعة عن إشادتها بجهود الرئيس السيسي منذ أن كان وزيرا للدفاع، على صعيد مواجهة الإرهاب.
ومنذ ذلك الحين برز النائب دانا روراباتشر، الرئيس المشارك للمجوعة، كأحد أقوى المدافعين عن ضرورة تقديم الدعم والتعاون مع مصر. ويرى روراباتشر إن الرئيس السيسي وحكومته يمثلا مصدر أمل للمصريين والشرق الأوسط، وأشار وقتها إلى أن الرخاء والديمقراطية وحقوق الإنسان ليست بعيدة المنال عن مصر.
وقام روراباتشر بعدة زيارت لمصر منذ ذلك الحين كان آخرها، فى فبراير الماضى، ضمن وفد للكونجرس يضم ممثلى الحزبين الرئيسيين فى الولايات المتحدة، الجمهورى والديمقراطى. وقد وصف الرئيس السيسي، فى تصريحات العام الماضى، بأنه أكثر أهمية للولايات المتحدة من الطائرة F-35، مشيرا إلى أن السيسي"مدافع عن كل الأشياء الجيدة الت نؤمن بها".
وفى يناير 2014، ترأس روراباتشر، وفد للكونجرس فى زيارة لمصر، قال خلالها "إن المصريين محظوظين جدا أن يكون لديهم قائد مثل عبد الفتاح السيسي، الذى ربما يرغب فى الترشح للرئاسة". وقالت النائبة الجمهورية سينسيا لوميز، عقب اللقاء: "لقد شعرنا بالفعل أنه رجل مؤثر، وخرجب من لقاءه بشعور جيدا للغاية بشأن مستقبل مصر".
وقال عضو الكونجرس ستيف ستوكمان، أحد الأعضاء الجمهوريين فى مجموعة أصدقاء مصر، خلال المؤتمر الصحفى الذى أعلنوا فيه عن الـ Cuacus: "لقد إلتف الكثيرون فى الثورة حول السيسي أكثر مما فعلوا تجاه محمد مرسى.. هذا لم يكن إنقلابا قط، لكنه ثورة".
كانت هذه المجموعة على وعى بأهمية دور مصر كمحور استقرار المنطقة وأن سقوطها فى براثن الإرهاب يعنى ضياع المنطقة كلها، وقال النائب لوى جوميرت، وهو جمهورى أيضا، وقتها: "ستكون معركتنا الحفاظ على مصر من السقوط مرة أخرى فى أيدى الإسلام الراديكالى.. هذه ليست سوى بداية المعركة".
وقالت النائبة الديمقراطية لوريتا سناتشيز، عضو لجنة الخدمات المسلحة فى مجلس النواب وأحد أعضاء المجموعة، أن القلق الأكبر يتعلق بالأوضاع الاقتصادية للمصريين، إذ أن الرخاء المادى لن يتحقق دون استقرار. مضيفة فى تصريحات للمونيتور:"إذا ما استطاع السيسي تحقيق الاستقرار دون أن يدوس على حقوق الإنسان فى مصر، فسأكون على استعداد للاستماع إليه والنظر فى كل مايعتقد أنه بحاجة إليه".
وفى يونيو 2015 تقدم بعض أعضاء مجلس النواب بمشروع قانون خاص بمخصصات المساعدات الأجنبية لمصر يقضى بإلغاء القيود الخاصة بحقوق الإنسان على المساعدات المقدمة لمصر.
وكان القانون المقترح يقضى بإلغاء الشروط المتعلقة بإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة أولا واتخاذ إجراءات لتعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان قبل أن تحصل مصر على المساعدات العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار، وهو ما اعتبره البعض عودة للعلاقات بين البلدين كما كانت عليها فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك حيث يكون مطلوبا من مصر فقط الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية ومعاهدة السلام.
وقد لاقت التغييرات المقترحة السابقة، تأييدا من كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى، حيث قالت كاى جرانجر، رئيس لجنة العمليات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى، فى تصريحات سابقة لموقع المونيتور "ما نريد أن نفعله مع مصر هو العودة إلى ما كان عليه الوضع.. ونشعر أن مصر تحاول غرس الديمقراطية فى عهد السيسي، وحافظت على الاتفاقيات الأخرى التى تصب فى مصلحة الأمن القومى الأمريكى".
وأضاف عضو اللجنة دوتش روبيرسبيرجر، للصحيفة "لو أن لديك حليف فينبغى أن تعمل معه، لا تقوم بتمزيقه، وإنما تعزيزه". وأضاف "لو انسحبنا، فهل تريدون أن تتحرك الصين وروسيا وتستولى على الحلفاء"، مشيرا إلى ضرورة النظر إلى الأمور بتلك الطريقة.
ليندساى جراهام، وهو نائب جمهورى، أيضا أحد الأسماء التى تبرز بقوة داخل الكونجرس والذى كان له موقفين متناقضين من مصر بعد ثورة 30 يونيو، فبينما كان من أشد المعارضين لها وقد حمل خلال زيارته لمصر بصحبة السيناتور جون ماكين فى 2013 الكثير من الانتقادات بشأن الثورة التى أطاحت بالإخوان، فضلا عن أنه كان أحد الداعين لتجميد الممساعدات لمصر، إلا أنه سرعان ما تدارك واقع ما يحدث فى مصر خاصة بعد لقاءه بالرئيس السيسي ضمن وفد مكون من 6 أعضاء من الكونجرس، العام الماضى.
وعقب الزيارة قال جراهام ": "أعتقد أن السيسي هو شخص يمكننا العمل معه، فهو الرجل المناسب فى الوقت المناسب، نتفهم أنه ليس مثاليا، ولكن سقوط مصر سيكون كارثة للعالم". مضيفا ": "أنا على أهبة الاستعداد للوقوف بجانب أعضاء الكونجرس لتقديم مزيد من المساعدات لمصر، لأنه لا يمكننا خسارتها"، مشددا على أن الوضع المتدهور فى المنطقة جعلهم يدركون ضرورة العمل بجد لتحقيق الاستقرار".
السيناتور الجمهورى تيد كروز، المرشح الرئاسى السابق، هو واحد من أشد الداعين لدعم مصر والرئيس السيسي فى مواجهة الإرهاب. وخلال مؤتمر لمرشحى الرئاسة فى الانتخابات الأمريكية العام الماضى، اعتبر أن السيسي نموذجا فى مكافحة الإرهاب ينبغى دعمه. وقال كروز، "دعونى أعطيكم مثالا لمسلم يجب أن نسانده، رئيس مصر السيسي، رئيس دولة مسلمة يستهدف إرهابيين إسلاميين متطرفين".
وقبل ذلك بعام تساءل كروز بوضوح: "لماذا لا نرى رئيس الولايات المتحدة يظهر نفس الشجاعة التى يحظى بها السيسي للحديث حول الشر الذى نواجهه الآن؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة