فى تصعيد لافت ربما يكشف مستقبلاً المزيد عن الدور البريطانى فى دعم الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة فى دول المنطقة ومن بينها مصر، خاصة فى ظل إيواء العاصمة لندن لقيادات وعناصر التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، اتهم مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فلاديمير سافرونكوف الحكومة البريطانية بإيواء ودعم المليشيات والجماعات الإرهابية التى "نفذت هجوما ضد الكنائس فى أحد الشعانين (السعف)"، فى إشارة إلى التفجيرات التى ضربت كنيستى طنطا والإسكندرية قبل أيام.
جاء ذلك على هامش جلسة مجلس الأمن التى ناقشت مساء الأربعاء تطورات الوضع داخل سوريا، والتى شهدت معركة كلامية حادة بين مندوبى بريطانيا وروسيا، بدأت عندما قال مندوب بريطانيا فى مجلس الأمن، ماثيو رايكروفت، إنه من المؤسف استخدام روسيا حق الفيتو بشأن مشروع القرار حول الهجوم الكيماوى فى خان شيخون السورية، وأشار إلى أن روسيا اختارت حماية المعتدين بدلا من الوقوف بجانب المجتمع الدولى.
وخلال الاجتماع العاجل الذى عقد بمجلس الأمن، شدد ماتيو رايكروفت على ضرورة إجراء تحقيق دقيق وموسع لما حدث فى خان شيخون، لافتاً إلى أن القرار يقول بأنه سيتم تأييد إنشاء لجنة تقصى حقائق. وأوضح "إننا نواجه الجانب الروسى، الذى يستخدم الفيتو للمرة الثامنة ليساند النظام السورى، ونرسم الصورة وكيف يمكن لأى إنسان أن يتحمل منظر القتلى من الأطفال باستخدام السلاح الفتاك".
وردا على ذلك، شن فلاديمير سافرونكوف، نائب مندوب روسيا الدائم فى مجلس الأمن، الذى يقوم بأعمال المندوب السابق تالى تشاركين الذى مات بشكل مفاجئ قبل شهرين ـ هجوما على رايكروفت بعد إنهاء كلمته، وقال "أنتم تخافون أن تسير الأمور نحو السلام ونحو تسوية سياسية فى سوريا، أنتم تدعمون مصالح المجموعات المسلحة ومعظمهم كانوا يقتلون الأقليات والمسيحيين فى الشرق الأوسط ويرتكبون أعمالا إرهابية فى الكنائس فى أحد الشعانين ـ فى إشارة إلى هجمات طنطا والإسكندرية ـ .. هذه المجمعات التى تعززون أنتم مصالحها".
وكانت مصر قد شهدت هجومين إرهابيين على كنيستى مارجر جس ومار مرقس بطنطا والإسكندرية مع احتفال الأقباط بأحد السعف، وأسفر عن استشهاد 45 شخصا على الأقل.
وبخلاف قطر وتركيا، تسضيف بريطانيا عدداً من قيادات التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، وماطلت الحكومة البريطانية كثيراً فى ملف تصنيف الإخوان جماعة إرهابية رغم النقاشات الكثيرة التى شهدها مجلس العموم البريطانى منذ أكثر من عام.
وفى خطابه بمجلس الأمن، أضاف سافرونكوف أن كلمته تدل فقط على أنه يعتزم عرقلة جهود مبعوث الأمم المتحدة فى سوريا ستيفان دى ميستورا لحل الأزمة، وجلب المواجهة والعداوة لمجلس الأمن.. وتابع قائلاً: "لقد طار النوم من أعينكم من أننا قد نعمل معا مع الولايات المتحدة ، أنت مرعوبون وتفعلون كل ما بوسعكم لتقويضها".
وتابع قائلا: " لا تبعد عينيك انظر إلى، لماذا تشيح بنظرك"، مستخدما كلمة "أنت" باللغة الروسية، وقالت شبكة روسيا اليوم إنها تستخدم فى الحديث مع الأصدقاء والأطفال وليس فى الخطابات العامة على الإطلاق.
وبدا مندوب بريطانيا غير متأثر بالخطاب، واستمر فى النظر بعيدا قبل أن يرد بابتسامة سخرية.
واتهم المندوب الروسى لدى الأمم المتحدة الحكومة البريطانية، بأنها "تخدم مصالح هذه المجموعات"، مشددا على أن تغيير النظام فى سوريا أمر أهم بالنسبة لها من مواقف غالبية أعضاء الأمم المتحدة.
وقال سافرونكوف: "أنت اليوم، يا سيد رايكروفت، لم تلتزم بأجندة الاجتماع، وأهنت سوريا وإيران وتركيا ودولا أخرى... إياك أن تجرؤ على إهانة روسيا!".
وطلب سافرونكوف من رئيسة مجلس الأمن الحالية، المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكى هالى، ضمان الالتزام بنظام الجلسة "عندما يتعامل البعض مع مقعده فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعدم المسئولية وممارسة الإهانات والانحدار إلى مستوى اللغة السوقية".
وفى أول تعليق من الكرملين على الجلسة الساخنة، دافعت الرئاسة عن اللغة التى استخدمها سافرونكوف، بحسب ما أفادت وكالة تاس الروسية، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف إن لهجته كانت تستند على أسس سليمة عندما يكون من الضرورى الدفاع عن مصلحة البلاد... وردا على سؤال حول ما إذا كانت حدة مناقشة القضية السورية فى مجلس الأمن يمكن أن تبرر لهجة حديثه، قال نعم نعتقد هذا، فلم تكن هناك إهانة فيما قيل، وأشار إلى أن القضايا محل المناقشة فى مجلس الأمن حادة للغاية، وفى كثير من الأحيان تكون حول جوهر ومستقبل العلاقات الدولية.
وبحسب مراقبون، يعكس الاتهام الروسى الصريح للندن بإيواء العقول المدبرة لتفجيرات الكنائس فى مصر، فضلاً عن دفاع الكرملين عن المندوب الروسى فى مجلس الامن، امتلاك موسكو معلومات استخباراتية تؤكد ما قاله سافرونكوف، ويعيد للأذهان دورها فى تحقيقات سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، ومبادرتها المشبوهة للتعاون واستباقها كافة نتائج التحقيقات التى جرت بالتعاون بين السلطات المصرية والروسية، والجزم بأن الدوافع الإرهابية وراء الحادث.
وفى تأكيد لافت على دعم لندن للإرهاب وجماعة الإخوان، خرجت الخارجية البريطانية قبل عدة أشهر فى تقرير عن نشاط الجماعة ليؤكد أنها لا يمكن تصنيفها "منظمة إرهابية"، وذلك على الرغم من تورط الإخوان فى العديد من أعمال العنف والإرهاب داخل وخارج مصر.