"الطيب".. تعرض لأبشع حرب خلال فترة حكم الإخوان وساند 30 يونيو

الجمعة، 14 أبريل 2017 02:04 م
"الطيب".. تعرض لأبشع حرب خلال فترة حكم الإخوان وساند 30 يونيو أحمد الطيب الإمام الأكبر
كتب محى الدين سعيد - زينب عبد اللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يتوقف الهجوم على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب منذ ثورة يناير وحتى الآن، هجوم يشنه الأضداد والمختلفون فى الفكر، فأصحاب كل تيار يرغبون أن يتخذ الشيخ مواقف تتناسب مع فكرهم وأهدافهم، بينما لا ينجرف الشيخ إلى هذا التيار أو ذاك، يقابل الهجوم بهدوء ولا يتحدث كثيرا أو ينجرف إلى مهاترات وعداوات.

الطيب أول من وصف من ماتوا فى التحرير بالشهداء فى بيانات رسمية صادرة ومنشورة قبل تنحى مبارك

 
يعرف قيمة منصبه وحساسيته، وصعوبة المرحلة التى تولى فيها هذا المنصب والتى ضمت تغيرات سياسية لم تشهدها مصر منذ سنوات طويلة، تغيرات سياسية وفكرية واجتماعية لبلد شهد ثورتين خلال أقل من عامين «25 يناير و30 يونيو» بعد ركود دام أكثر من 30 عاما.
 
خاض الطيب حربا خلال فترة تولى الإخوان بسبب محاولتهم اختطاف مصر بكل مؤسساتها وعدائهم الشخصى له منذ كان رئيسا لجامعة الأزهر، حيث شهدت فترة رئاسته لجامعة الأزهر تحريضا لطلاب الجماعة داخل الجامعة، حتى إنهم أقاموا عرضا عسكريا داخل الجامعة، واستمر عداء الجماعة للشيخ بعد توليه منصب شيخ الأزهر حيث كانت الجماعة تدفع شبابها كثيرا للتظاهر ضده وهو ما وصل إلى حد محاولة اقتحام المشيخة ومكتب الشيخ، ولكنه أبدا لم ينجرف إلى هذه المهاترات.
 
شهد الطيب هجوما منذ توليه المنصب الذى لم يسع إليه، وشهدت بشكل شخصى كيف تلقى الشيخ نبأ توليه المنصب وكأنه استقبل حملا ثقيلا يعرف تبعاته ومسؤولياته.
 
لا يخاف الطيب سوى الله ولا يخشى أو يهتز إلا لإراقة الدماء، ومن هذا الخوف يمكن تفسير معظم مواقفه التى تتلامس فيها حرمة الدماء مع الأطماع السياسية، فكان موقفه من ثورة يناير، حذرا مشددًا على الحقوق المشروعة للشعب فى العدل والحرية والعيش الكريم، وفى الوقت نفسه قلقًا ورافضًا لأى عمل يؤدى إلى إراقة الدماء وإشاعة الفوضى، ودعا ثوار يناير بعد استجابة مبارك لبعض المطالب لترك الميادين خوفًا من الفتنة ومن إراقة الدماء، خاصة أن مؤيدى مبارك كانوا يتظاهرون فى ميدان مصطفى محمود، فخشى الشيخ أن تحدث فتنة يقتل فيها المصرى أخاه المصرى.
 
 وكان الطيب أول من وصف من ماتوا فى التحرير بالشهداء فى بيانات رسمية صادرة ومنشورة قبل تنحى مبارك، ودعا شباب الثورة للحوار فى رحاب الأزهر، عكس ما ادعاه الإخوان الذين أرادوا تشويه صورته.
 
تعرض الطيب لأبشع حرب خلال فترة حكم الإخوان الذين حاولوا إزاحته بكل الطرق، فكان الشيخ فطنا وحافظ على مؤسسة الأزهر من الاختطاف رغم زهده فى المنصب، وحقن الكثير من الدماء خلال فترة حكم الإخوان الذين أرادوا إشاعة الانقسام المذهبى والسياسى فى مصر، وكان يصر على فتاواه بحرمة الدماء وشرعية المعارضة، وتوجها بموقفه من ثورة 30 يونيو ومشاركته فى بيان 3 يوليو بعدما أيقن الجميع ضرورة نهاية حكم مرسى حقنا للدماء وحفاظا على وحدة مصر.
 
ومن منطلق الحرص على حقن الدماء تنطلق معظم فتاوى الإمام الأكبر الصوفى الأشعرى وبياناته، ومنها ما انتقده حتى من يدعون التحرر ويلبسون عباءة المثقفين، وليس الإخوان فحسب، حيث رفض الطيب ومؤسسة الأزهر إصدار فتوى بتكفير داعش، حتى لا يفتح بهذه الفتوى باب التكفير على مصراعيه ومعه فتاوى إهدار الدماء التى تطلقها الجماعات الإرهابية.
 
وما لبث أن تجدد الهجوم على الشيخ ممن أرادوا أن يطلق الأزهر فتوى لعدم الاعتداد بالطلاق الشفوى، وكأنهم يريدون أن يصدر الأزهر وشيخه الفتاوى طبقا لرغباتهم، وتجددت المطالبات بعزله أو تحديد مدته.
 
كل هذا والشيخ ثابت على مواقفه، عف اللسان، لا ينجرف للمهاترات والعداوات، متمحملا مسؤوليات منصبه، رغم زهده فى المناصب وكل متع الدنيا، فلا يعرف الكثيرون أن هذا الشيخ الزاهد تنازل عن كل المخصصات المالية والمكافآت وحتى الجوائز المادية منذ اليوم الأول له فى المشيخة، حتى إنه تنازل لفترة طويلة عن راتبه.. فتحية للشيخ الزاهد عف اللسان القابض على الجمر الحريص على حرمة الدماء.
 

الإمام والغرب..  سافر إلى فرنسا للدراسة بـ«السوربون» واضطر للعودة بعد مرضه فى باريس.. وأخذ من علوم الغرب دون أن يعتبرها سبباً للكفر

كانت الأبيات السابقة التى نظمها على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، دستورًا فى حياة الإمام أحمد الطيب، ذلك الرجل الذى عرف بأنه عالم حقيقى، يصول ويجول فى الفلسفة والتصوف والدين والعقيدة، ويكتب المؤلفات، فلم تقتل المناصب شغفه بالعلم ولم تمنعه من استكمال رحلته التى بدأها قبل 50 عاما، تفرغ خلالها لدراسة العقيدة والفلسفة، وعمل خلالها معيدا، ومدرسا مساعدا، ومدرسا، وأستاذا مساعدا، حتى صار أستاذا للعقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، وذلك بعد أن سافر إلى فرنسا ليدرس بجامعة السوربون، التى جمع منها المادة العلمية لرسالة الدكتوراه، وأجاد اللغتين الفرنسية والإنجليزية إجادة تامة، وقام بترجمة عدد من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية، لكنه فى النهاية حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر، بعد أن مرض فى باريس واضطر إلى العودة.
اختيارات الطيب البحثية إن دلت على شىء فإنها تدل على عمقه وعناده، إذ إنه على العكس من الكثير من الباحثين لا يؤمن بالاستسهال الذى يجعله يحصد الدرجات العلمية بسهولة ويسر دون أن يقدم إضافة حقيقية للمكتبة الإسلامية، لكنه عاد بعد أن قرر أن يكون موضوع رسالة الدكتوراه عن شخصية يهودية أسلمت فى القرن الرابع الهجرى، تسمى «أبو البركات البغدادى»، وقد وصفه الطيب بأنه كان رجلا فذا، وصاحب عبقرية نادرة، لافتا إلى أن «البغدادى» وعلى الرغم من كل تلك السمات، لا يوجد عنه مؤلف واحد باللغة العربية، فى حين أن هناك مؤلفات ضخمة صدرت عنه بتسع لغات، منها الإنجليزية والفرنسية، مما سيضيف للمكتبة العربية مرجعا جديدا.
 
اختياره لشخصية «أبو بركات البغدادى» لتصبح موضوع رسالته لنيل درجة الدكتوراه كان دليلا على جديته، أما تحديه وعناده فكان فى بحثه فى سيرة الرجل، مدفوعا بما اكتشفه آنذاك حين تبين له أن الكتابات اليهودية عن الرجل زعمت أن عبقريته نتجت عن الاضطهاد الذى لاقاه فى المجتمع الإسلامى، حتى اضطر إلى دخول الدين راغمًا، الأمر الذى فنده الطيب وكذبه، مؤكدًا أن البغدادى وصل إلى أن أصبح طبيبا لزوجة الخليفة، ولا يمكن أن يكون مضطهدا، الأمر الذى يفسر علاقة الطيب الخاصة بالغرب، فهو إذن ينسب تفوقه وانفتاحه إلى الفترة التى قضاها فى فرنسا، ولكنه على عكس الكثير ممن سبقوه من المشايخ لم يقع فى فخ الانبهار الذى وقع فيه الإمام محمد عبده على سبيل المثال حين قال «رأيت إسلاما بلا مسلمين ومسلمين بلا إسلام».
 
حرص الطيب على الإمساك بالعصا من المنتصف فهو إذ ينهل من علوم الغرب ومنافعه، لا ينقلب عليه ويعتبره سببا للكفر وانتشار الإلحاد، كما يرى الكثير من المنغلقين فكريا، وكذلك لا يفتح فمه انبهارا بكل ما تقدمه الحضارة الغربية من تقدم.
 
اختيارات الطيب البحثية، تكشف أيضا عن علاقته الطويلة بالفلسفة وعشقه للتصوف، فمن لحظة اختياره لشخصية «البغدادى» موضوعًا لرسالة الدكتوراه استكمل الطيب مسيرته البحثية، وكتب عن مباحث الوجود والماهية، ومفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والماركسية، وكذلك أصدر كتابا بعنوان «مدخل لدراسة المنطق القديم»، وآخر بعنوان «مباحث العلة والمعلول من كتاب المواقف»، ليصبح عدد مؤلفاته سبعة مؤلفات قدمها للمكتبة العربية، بالإضافة إلى العديد من الأبحاث المنشورة فى المجلات العلمية، ومنها: أسس علم الجدل عند الأشعرى «بحث منشور فى حولية كلية أصول الدين «التراث والتجديد - مناقشات وردود» بحث منشور فى حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية»، وأصول نظرية العلم عند الأشعرى، مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية.
 

الطيب.. من «حصيرة الكتاب» إلى كرسى «المشيخة الأزهرية»

 ولد فى القرنة بالأقصر.. وأبوه كان عالماً أزهرياً وساحته مقصدا لحل نزاعات الأهالى.. حفظ القرآن كاملا فى العاشرة من عمره.. وحصل على «ملحق» فى «النحو» بالصف الأول من دراسته بالأزهر.. وحلم بأن يكون طيارا ..
 
ليس يسيرا على أى صحفى أو باحث، أن يكتب عن الشيخ «أحمد الطيب»، أن يبحر فى تلك الحياة الواسعة التى عاشها الإمام الأكبر منذ ولادته فى مدينة الأقصر وحتى اعتلائه منبر الجامع الأزهر، مرورًا بدراسته فى فرنسا، واعتزازه بصوفيته، وتلك المعارك التى خاضها لأجل الإسلام متمسكًا بوعيه الخاص ورؤيته المتطورة، وهى النظرة التى فرضت على الشيخ عداوات وجلبت له خصومًا لم يعرهم أى اهتمام.
 
فى هذا الملف حاولنا أن ندخل الشيخ جهاز الأشعة التشخيصية، نقرأ صمته قبل كلامه، نروى سيرته «المتاح منها الخاص والعام» التى لا يحب أن تُحكى كصعيدى يفرض ستارًا على خصوصيته، ومسيرته تلك التى عشناها معه نتلقى منه علوم الدين، نستمع له كتلاميذ وليس رعية فنمنح أنفسنا فرصة الاختلاف معه مرة، كما التصفيق له مرات.
 
عبر السطور التالية نمضى مع الشيخ خطوة خطوة، نقلب فى ذكريات طفولته، وننطلق منها لباريس حيث عاش وتعلم، نهبط فى حضرته بالأقصر تلك التى صنعت شخصيته فلم يبرحها وهو إمام للجامع الأزهر كما عاش فيها صبيًا، نستمع إلى لهاثه من أثر ما خاضه من معارك مع الإخوان والسلفيين، على حد سواء، ومع داعش التى ناقضت رؤيته الوسطية وألصقت بالدين ما لا يرضى الطيب ولا يحبه الإسلام، نحاول أن نتلمس السمع لهمس الشيخ كما صراخه، ونرصد بالقلم ما قاله وما لم يقل لعلنا نصل إلى ما يدور تحت عمامة الرجل الصوفى الكبير، الشيخ والإمام الأكبر، ورأس المؤسسة السنية الكبرى «الأزهر» وحامل مفاتيح الإسلام الوسطى المستنير فى زمن السيف والفتنة والدم.
 

«الأقصر».. من بلد السواح إلى موطن الإمام الأكبر

لم تكن مدينة الأقصر الملهمة والساحرة، تعرف أن أوصافًا جديدة سوف تضاف لاسمها كمدينة سياحية تحتفظ لنفسها بثلث آثار العالم، إلا حين أطلقت إحدى نسائها فى صباح السادس من يناير من العام 1946 صرخة الولادة، لتنجب الطفل «أحمد» الذى يصير فيما بعد إماما للجامع الأزهر، وتتحول معه الأقصر من «بلد السواح»، إلى بلد الإمام بحلول عام 2002 حين وقع الرئيس مبارك أوراق اعتماد الطيب شيخًا للجامع الأزهر.
 
 
الطفل «أحمد» ولد لعائلة عريقة بقرية «القرنة» ذات الشهرة العالمية، وهى القرية الصغيرة التى اشتهرت كبيئة حاضنة للفن الفرعونى، ويتسم أهلها بالتدين وهو ما لاحظه المهندس العالمى حسن فتحى حين نقل أهالى القرية إلى «القرنة الجديدة» فبنى لهم مسجدًا حمل أجمل النقوش المعمارية.
فى تلك البيئة ولد الطيب لأب من أهل الدين فقد كان عالما من علماء الأزهر الشريف، حرص على أن يحفظ ابنه القرآن فى كتاب القرية، فأتم الصبى حفظه وتلاوته فى عمر عشر سنوات وتحديدًا عشر سنوات وستة أشهر، وهو ما نبه والده لتعلق قلب الصبى بكتاب الله، فما كان منه إلا أن حفظه القرآن بالمتون العلمية على الطريقة الأزهرية الصحيحة.
 

من أسرار طفولته: حلمت بالطيران فسجننى والدى

«نشأت كأى طفل فى صعيد مصر على ضفة النيل، فى القرنة التى تبعد خمسة كيلو مترات عن الأقصر، حيث البيوت والنجوع فى أحضان الجبل» بتلك الكلمات يصف الطيب قريته التى ظل متعلقًا بها حتى ارتدى عمامة شيخ الأزهر، مشيرا إلى أنه تربى فى أسرة لديها تقاليدها الخاصة الصارمة، تلك التقاليد التى تزيد عن تقاليد الصعيد الحاكمة بقليل، فرب الأسرة من علماء الأزهر الشريف المتصوفين، بل إن نسلهم يمتد للحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، ليصبح التصوف جذرا ممتدا فى العائلة يرثه الطيب عن أبيه ويورثه لأبنائه من بعده، فالأسرة التى أنجبت الشيخ ليست صعيدية فحسب بل صعيدية ومتدينة فى آن واحد، الأمر الذى يعنى أن محاولة الخروج عن مسار تلك الأسرة يعنى صداما لا حد له.
 
يواصل الشيخ رواية مسيرته عن عائلته المتحكمة والحاكمة: «أنتمى للجيل الخامس بالعائلة من الدارسين بالأزهر، حياتى كلها من النوع الذى رسم لى، وعلىّ أن سير فيه لا اختيار لى ولا حرية فى أن أغير أو أبدل»، مشيرا إلى أن والده كان كبيرًا فى قومه يحل مشاكلهم، ويحكم بينهم بالشكل الذى يجعل مخالفة أوامره ضربًا من الخيال.
 
 ولأن الأب صوفى النزعة، يؤمن بالأحلام وما الورائيات، فكان على الطيب ألا يرتدى الطربوش وألا يذهب إلى المدرسة فى العام الذى قررت له عائلته له ذلك، فالأب يرى فى منامه ما يصفه الطيب «بالرؤية المزعجة» ليعود إلى الكُتاب الذى ظل فيه حتى العاشرة من عمره.
 
«وظللت فى الكتاب أحفظ القرآن إلى سن العاشرة وكنا نجلس على التراب وكانت تعرق أرجلنا ويختلط التراب بالعرق وكنا نمنع من الإفطار قبل الذهاب للكتاب» يؤكد الشيخ وهو يسرد سيرته، مضيفا: «كنت أذهب إلى الكتاب دون إفطار حيث كان أهلى يؤمنون أن الطعام يمنعنا من حفظ القرآن، أو يعوق ذلك».
 
«كان سيدنا ويقصد معلم الكتاب، يجلس على الحصير وكان الحصير بالنسبة لنا منصة تربينا على قداسة كتاب الله، وكنا نظل فى الكتاب من الصبح إلى العصر يوميا طوال السنة وننام بعد العشاء مباشرة»، يؤكد شيخ الأزهر، الذى تربى فى كتاتيب الصعيد التى سبقه إليها طه حسين وانطلق منها إلى جامعة السوربون بفرنسا تماما، كما سيحدث للطيب بعد سنوات من حفظه للقرآن وتعلقه بشيخ الكتاب، وكأن الكتاتيب قد عقدت اتفاقية تبادل مع الجامعة الفرنسية الكبيرة.
 
«كانت حريتنا مصادرة» يقول شيخ الأزهر الذى لم يستطع أن يخفى أن تلك الحرية المفقودة جعلته يحلم بالطيران، كان يتمنى أن يصير طيارًا بعدما اعتادت عيناه على رؤية الطائرات تمر بالأقصر تنقل السياح والبعثات الأثرية، ولكن والده منعه من ذلك ونقله من السماء طائرًا إلى سماء الجامع الأزهر شيخا، ليؤخذ بيديه ملايين الطلاب إلى سماء القرآن وعلومه، سماء أبقى وأحسن سبيلا.
 
 «كان شيخ الكتاب يركب ركابه ويفوت على بيوت القرية ليعلن من أتم حفظ القرآن فيحصل على العطايا فكنت من بينهم» يقول الطيب، الذى دخل إلى الأزهر الشريف عام 1956، قبل أن تعرف بلدته الكهرباء وقبل أن يكسو الأسفلت شوارعها.
 
«كنت وما زلت أقبل يد أخى الأكبر وكانت عادة تقبيل يد أمى رحمها الله كل صباح كأنها صلاة» يشير الطيب، ويؤكد: لم نكن ممن يداعبون آباءهم.
 
 يكشف الشيخ سرًا من أسرار طفولته جعله يتحول من كراهية النحو إلى التفوق فيه يقول: «حصلت على ملحق فى النحو وآخر فى الرياضيات حين كنت فى الصف الأول الابتدائى بالأزهر» وهو الأمر الذى أوقظ روح التحدى فى داخله حتى صار يحصل على الدرجات النهائية فى النحو إلى أن تخرج.
 
من حلم بالطيران، عاش سجينًا لرغبات والده، هذا هو حال الصبى أحمد الطيب الذى أراد الالتحاق بالقسم العلمى حين كان فى المرحلة الثانوية إلا أن والده أرغمه على التحويل إلى القسم الأدبى، فتغير حلمه، وقرر أن يصير أديبًا ليحلق فى عالم اللغة والكلمات ويطير فيهما بدلًا من الطيران فى الجو «كنت أريد أن ألتحق بكلية الإدارة والمعاملات فرفض والدى، فاقترحت كلية اللغة العربية لتعلقى بالأدب، فما كان منه إلا أن هددنى بعدم الإنفاق علىّ أن لم التحق بكلية أصول الدين، حيث الفلسفة والحديث الشريف، فرضخت لرغبته حتى تخرجت فيها بتفوق عام 1969» يقول الشيخ.
 
p
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة