فاطمة ناعوت

تاريخ الأقباط وجنود داعش فى مصر

الأحد، 28 مايو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حلقة جديدة، من سلسلة طويلة دامية تستهدف المسيحيين فى مصر منذ عقود طوال، أضيفت أول أمس بعد واقعة المنيا الأخيرة، التى هزّت أركان مصر عشية أول أيام رمضان، واستشهد جراءها أكثر من ثلاثين مواطنًا مصريًّا مسيحيًّا، معظمهم من الأطفال. اليوم، أصبح لدينا عدة معطيات، بلغة المنطق الرياضى، وعلينا البحث عن نتيجة.
 
المعطيات:
1 - منذ ثورة 1919، وحتى اليوم، والغد، وبعد الغد، وعدّاد التاريخ يُسجّل للمسيحيين، جيلا بعد جيل، وعهدًا فى إثر عهد، ولاءهم المدهش المشهود لهذا الوطن، واستعدادهم الدائم للتضحية بكل عزيز وغال من أجل تراب مصر. وهو ما لا ينساه لهم، أبدًا أعداءُ مصر، فى كل عصر.
 
2 - فى كل ما مرّ على أقباط مصر المسيحيين من صروف وويل على يد المتطرفين أعداء الحياة، منذ مذبحة الزاوية الحمراء أوائل الثمانينيات، وحتى مذبحة المنيا أول أمس، مرَّ مسيحيو مصر بعشرات المذابح التى يناوئنى قلمى الآن رافضًا سردها حتى لا يزدادَ الألمُ ألمًا. لكنهم كانوا يخرجون من كل مذبحة وهم أكثر صلابةً وتضامًّا مع أبناء وطنهم، وأكثر إيمانًا بمصريتهم، وأكثر استعدادًا للتمسك بتراب هذا الوطن مهما قسا عليهم مَن فيه. وهذا ما لا ينساه لهم أبدًا، أعداءُ مصر، فى كل عصر.
 
3 - حينما سرق الإخوان الإرهابيون عرش مصر، انتفض أقباط ُمصر المسيحيون مع أشقائهم المسلمين ونزلوا الميادين والشوارع لإنقاذ الوطن من غول مغول الإخوان فى ثورة 30 يونيو 2013، و3 يوليو، وفى تفويض 26 يوليو ضد الإرهاب، وأثبتوا دائمًا جاهزيتهم لخوض غمار ما يحمى مصرهم ويساهم فى ثباتها واستقرارها، وهو ما لم ينسه لهم أعداءُ مصر، الراهنون، داخل مصر وخارجها.
 
4 - كلما حكم القضاءُ المصرى على إرهابى بحكم ما، وكلما نُفّذ حكمٌ عليهم، وكلما ضربت قواتنا المسلحة وكرًا من أوكار الإرهابيين، يكون الردّ غالبًا من الإرهابيين ضد الأقباط، لإحراج مصر دوليًّا. لأن تحضُّر أى دولة وثباتها يُحسب بالنظر إلى وضع الأقليات العرقية أو العقدية فى تلك الدولة؛ والشاهدُ أن أقباط مصر، وإن كانوا أقلية عددية، إلا أنهم أصحابُ بلد أصلاء وليسوا وافدين أجانب، وهنا يزيد حجم إحراج مصر دوليًّا، حال استهدافهم، وهو ما يرجوه أعداءُ مصر الإرهابيون.
 
5 - على طول زمن ما قدّم أقباطُ مصر من شهداء فى عهد الرئيس السادات، وفى عهد الرئيس مبارك، وفى عهد المجلس العسكرى، وفى عهد الرئيس عدلى منصور، وفى عهد العياط، وفى عهد الرئيس السيسى، لم تخرج من الكنيسة، أو من الشعب المسيحى النبيل، كلمةٌ واحدة فى حق مصر ولا فى حق شعبها، بل كان، وظل المسيحيون دائما على راقى وعيهم، ونبيل مشاعرهم، وثاقب ثقافتهم، بأن عدوهم وعدو مصر: واحدٌ، علينا جميعًا التصدى له، متحدين، لا فرادى. وهو ما لم ينسه لهم أبدًا أعداءُ مصر، فى كل عصر.
 
6 - فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، عقب مذبحة أتوبيسات المنيا التى استهدفت أطفال الأقباط وحصدت أرواحهم، قال الرئيس إن هدف داعش الآن هو تمزيق نسيج مصر لهدمها من الداخل، ورسم صورة ذهنية لدى العالم أن الدولة المصرية غير قادرة على حماية مواطنيها الأقباط، لهذا يستهدفون المسيحيين لتكريس تلك الخطة. وهذا صحيح مائة بالمائة.
 
بناء على كل ما سبق من معطيات، نصل إلى النتائج التالية:
 
1 - أقباط مصر المسيحيون، إلى جوار جنود القوات المسلحة المصرية، هم الذين يدفعون الشطر الأكبر من فاتورة: إسقاط الإخوان ونهوض مصر من كبوتها وصمودها فى مواجهة السقوط. ويشهد التاريخ لوطنيتهم حتى الدم والعظام وفلذات الأكباد ودفعهم الفاتورة كاملة راضين مرضيين.
 
2 - يتطلّب كل ما سبق من معطيات أن نعرف مكانة الأقباط، ونعى قدرهم وعظمة ما يفعلون، وأن نمد لهم يد العرفان بالجميل ونرفعهم فوق رؤوسنا كونهم يدفعون فاتورتنا وحدهم ويفتدون مصر «ويفتدوننا» بأرواحهم، كأنهم جنودٌ مُكلفون بحماية الوطن، وما هم بجنود مُكلفين، إنما هم مواطنون عُزّل فيهم الطفل والفتاة والمرأة والمسن.
 
3 - يستوجب ما يقدمه المسيحيون لمصر ولنا وللتاريخ من دمائهم ودماء أطفالهم، أن نرتقى بالخطاب عنهم ومعهم، وأن يعيد الأزهر مراجعة خطابه عنهم، وأن يُطهِّرَ ألسن شيوخه من الأقوال الرخيصة المسيئة لهم؟!
وهنا يبرز سؤالٌ مهم:
 
لو اتفقنا مع الرئيس، ومع منطق الأمور، حول استراتيجية داعش: «إن هدف ذلك التنظيم الشيطانى هو تمزيق وحدة المصريين وإظهار مصر عاجزة عن حماية أقباطها»، لو اتفقنا على هذا وهو صحيح، أليس معنى هذا أن «كل» و«أي» إنسان مصرى يقول كلمة مسيئة واحدة عن المسيحيين، هو بالضرورة جندى من جنود داعش لأنه يساهم فى تنفيذ استراتيجيتها؟!
مَن هم جنود داعش فى مصر؟!
 
الإجابة: كلُّ من حرّض ويحرّض ضد أقباط مصر بالفتاوى الضالة، أو بالكلمات الرخيصة غير المسؤولة من شيوخ الأزهر أو مشايخ المنابر، أو متأشيخى الزوايا، أو نجوم الشيوخ على الفضائيات، وكذلك كل من فاه فمه بالقول المراهق التافه والشماتة فى شهدائهم على السوشيال ميديا، أو بالصمت عن إدانة الجرائم التى تُرتكب فى حق أقباط مصر. كلُّ أولئك هم جنود داعش فى مصر، ووكلاؤهم بالباطن لتخريب الوطن، سواءً كانوا يعلمون ذلك، أو لا يعملون.
 
أشيروا على جنود داعش داخل الوطن بإصبع الاتهام، ولا تسمحوا لهم بتخريب مصر أكثر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة