أقر البرلمان قانون الاستثمار بشكل نهائى ليضع نهاية لعقبات كثيرة طالما أرّقت المستثمرين وساهمت فى هروب رجال الأعمال وعزوفهم عن خوض مشروعات قومية عملاقة تسهم فى تدوير عجلة الاقتصاد الوطنى، الذى يعانى منذ فترة كبيرة من حالة ركود ورقود لا تخفى على أحد .
واستبشرنا خيراً بإنجاز القانون الذى من المقرر أن يعطى ضمانات حقيقية وحوافز غير مسبوقة تشجع على اجتذاب رؤوس الأموال، كما أنه يؤكد سلامة بوصلة الإجراءات الاقتصادية ويعزز الثقة والمصداقية فى الاقتصاد المصرى أمام العالم خصوصا أنه سيقضى على الروتين والبيروقراطية التى طالما "طفشت" المستثمرين، ويترجم على أرض الواقع توجيهات القيادة السياسية التى على رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى لا يخلو حديث له عن ضرورة تنشيط الاستثمار، باعتباره كلمة السر فى عبور جميع الأزمات التى تواجه مصر .
وتشير كل التقارير إلى أن الاقتصاد المصرى بات مهيأً، ربما أكثر من أى وقت مضى، لاجتذاب الاستثمارات الكبرى. والملاحظ أن دمج وزارتى التعاون الدولى ووزارة الاستثمار تحت قيادة د. سحر نصر كان قرارا صائبا، حيث رأينا بعد مرور عدة شهور على هذا الدمج، قيام الوزيرة بالعمل على توفير جميع آليات تشجيع الاستثمار، حيث التقت العديد من الرموز الاقتصادية العالمية من هيئات وشخصيات، وعبرت خلال هذه اللقاءات عن الروح الجديدة التى تسود الاستثمار فى مصر، والتى يعتبر إقرار قانون الاستثمار الجديد أهم مراحلها .
ولعله من نافلة القول أن كل قانون له لائحة تنفيذية يصدرها الوزير المختص، وهذا تحديدا ما تم فى حالة قانون الاستثمار الذى أعطى البرلمان الوزير المختص سلطة إصدار اللائحة وهو وزير الاستثمار، وكما حدث فى كل القوانين السابقة وآخرها قانون التراخيص الصناعية الذى أصدر اللائحة التنفيذية له وزير التجارة والصناعة، إلا أن البرلمان عاد فى تصويته النهائى وأعطى الحق فى إصدار اللائحة التنفيذية لرئيس الوزراء بعد تقدمه بطلب إلى البرلمان بذلك، ولا شك أن هذه الخطوة تثير قلقا وتساؤلا حول الحكمة من حرمان وزارة الاستثمار من وضع خطة العمل الميدانية لتطبيق القانون المنتظر.
وغنى عن القول أن الاقتصاد المصرى على المحك الآن، ولا سبيل أمامنا إلا النجاح الذى يرتكز على تبسيط الإجراءات ووضع حد أقصى للفترة الزمنية لإنهائها، ووضع حوافز خاصة لجذب الاستثمار فى مناطق وقطاعات التنمية المستهدفة، ووضع إطار تشريعى يوفر المساواة بين جميع المستثمرين، وتأكيد ضمان الاستقرار فى السياسات الاستثمارية، وسرعة تسوية المنازعات الاستثمارية .
الخلاصة أننا نحتاج إلى من يفكر "خارج الصندوق" ومن يضع نصب عينيه صالح مصر بعيداً عن أى حسابات شخصية أو مصالح، خاصة أو مجاملات لا طائل منها سوى تعطيل الاستثمار فى مصر.. فالمعركة ليست من يضع لائحة القانون ولكنها معركة جذب استثمارات لوطننا ونحن فى أمس الحاجة لذلك، وعند هذا الحد فقط سنكون حقاً نعمل لصالح مصر .