فى أحدث حلقة من سلسلة سياسة الاتجاه المعاكس العبثية التى انتهجتها دولة قطر على مدار السنوات الماضية، ومنذ السنوات الأولى لتولى أمير قطر السابق والد تميم، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى مقاليد الحكم إثر انقلاب أبيض على والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى فى 1995م، فجر السفير الإيرانى السابق لدى قطر "عبدالله سهرابى" مفاجأة من العيار الثقيل وكشف عن تقديم أمير قطر السابق، اعتذار إلى إيران على دور بلاده فى الحرب العراقية الإيرانية، حيث انضمت قطر إلى الجبهة العربية ووقفت إلى جانب العراق فى الثمانى سنوات التى اشتعلت فيها الحرب.
وقال السفير الإيرانى الذى أنهى مهام عمله فى الدوحة العام الماضى، فى مقابلة مع وكالة تسنيم الإيرانية، "أن قطر كان لها دور كبير فى الحرب العراقية الإيرانية"، وصرح: أثناء لقائى الأخير بأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى طلب العفو من الشعب الايرانى حيال قضية دعم بلاده للعراق فى تلك الفترة".
ورغم العلاقات الممتدة بين طهران وإمارة الإرهاب، إلا أن إيران تعترف بحجم قطر الصغير الذى أوجد قناة تلفزيونية جعلت له اسم فى العالم، وقال الدبلوماسى الإيرانى، أن قناة "الجزيرة" و"حقول الغاز" الكبرى هما من طرح إسم قطر فى العالم، مشيرا إلى أن قطر وسعت نفوذها منذ استقلالها فى 1971م، زاعما أن تصدير الدوحة 77 مليون طن من الغاز الطبيعى المسال خلق منافسة غير معلنة بين قطر والسعودية.
وأشار السفير الإيرانى السابق لدى الدوحة، إلى دعوة أمير قطر السابق، للرئيس الايرانى أحمدى نجاد لأول مرة للمشاركة فى اجتماع مجلس التعاون الخليجى، واصفا تلك الخطوة بالتصرف المتهور الذى رغبت به الدوحة فى تعزيز علاقاتها مع طهران لأنها مستفيدة منذ القدم من تلك العلاقة، لافتا إلى أن تلك الخطوة حلقة فى سلسلة العلاقات المضطربة بين قطر والمملكة العربية السعودية.
حمد بن خليفة آل ثانى وأحمدى نجاد
إيران تتسلل إلى الاستثمارات القطرية فى كأس العالم
كما كشف السفير الإيرانى عن محاولات ومساعى بلاده المتواصلة والرامية إلى التغلغل فى الاستمارات واختراق أراضى الدوحة، قائلا إن بلاده تسعى أن تكون لديها حصة فى استثمارات قطر فى استضافة كأس العالم، التى بلغت 110 مليارات دولار، عبر تقديم الخدمات التقنية والهندسية.
وفى تحد واضح للإجماع العربى فى ردع أمير الفتن وإمارة الإرهاب فى الخليج بعد قطع الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية معها بسبب دعمها للتنظيمات الإرهابية وإيواء الفصائل المسلحة، وغلق المنافذ الجوية والبحرية أمام الدوحة، وفى إطار ارسال إيران مساعدات غذائية إليها، قال السفير أن الأولوية اليوم بالنسبة لقطر هى المواد الغذائية، قطر لديها مخزون يكفيها ثلاثة اشهر لكنها تعانى من المنتجات ذات الصلاحية القصيرة، معتبرا أن قيمة السلع الإيرانية أعلى نسبيا من الأسعار العالمية، مشيرا إلى أن بلاده ستسعى لتقليل تكلفة الشحن ومنح القطريين صادرات تشجيعية، مضيفا أن موانئ بندر عباس و"بوشهر" هى موانئ محل ثقة بالنسبة للقطريين لكن نسعى لنقل البضائع عبر النقل الجوى من محافظة فارس وباقى الموانئ.
تميم يمنح سفير ايران فى قطر وشاح الاستحقاق فى 2012
السفير الإيرانى السابق عرّاب العلاقات بين الدوحة وطهران
وقالت تقارير خليجية الدبلوماسى الإيرانى "عبد الله سهرابى" والذى عمل سفيرا لإيران فى الدوحة منذ 2010 وحتى 2016، أحد عرّابى العلاقات الإيرانية ـ القطرية، وقلده تميم بن حمد عام 2012 عندما كان ولى للعهد وشاح الاستحقاق، وهو الذى ساهم فى تنظيم زيارة سفن الحرس الثورى الإيرانى إلى موانئ الدوحة قبل 54 يوماً من اندلاع أحداث احتجاجات 14 فبراير 2011 فى البحرين، بالتنسيق مع نائب قائد الأسطول البحرى للقوة البحرية القطرية العميد زياد عبدالرحمن السليطى، وكانت تلك التحركات مشبوهة فى ظل التوتر فى العلاقات الخليجية ـ الإيرانية، وأشارت التقارير الخليجية إلى أن وزارة الخارجية الإيرانية كلفت سهرابى التنسيق مع الحكومة القطرية حول البحرين.
سهرابى خلال استقباله سفن إيران فى الدوحة
علاقة إيران بالجزيرة بدأت من قطر للتحريض على البحرين
وكشفت التقارير الخليجية أن الدبلوماسى الإيرانى السابق لدى الدوحة اجتمع وهو فى قطر برئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة للتحريض على البحرين، وقالت التقارير أن سهراب أجرى اتصالاته مع مكتب رئيس الوزراء القطرى الذى وجهه للاجتماع مع قناة الجزيرة مباشرة، وهو ما تم سريعاً، حيث عقد الاجتماع بين السفير الإيرانى ورئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة.
وبحسب التقارير خلال اللقاء طلب السفير الإيرانى من القناة تكثيف تغطية القناة وساعات البث لأحداث البحرين، وأبدى رئيس القناة اهتمامه الكبير بتلبية الطلبات الإيرانية التى جاءت بناءً على تنسيق مع مكتب رئيس الوزراء، وتم الاتفاق أيضاً على إعداد سلسلة من الأفلام الوثائقية باللغتين العربية والإنجليزية حول قضايا اعتبرت "حساسة" تخص البحرين من أجل زيادة الضغوط الإعلامية عليها.
ونتيجة لهذا الاجتماع والاتصالات بين الدوحة وطهران، أعد السفير الإيرانى سهرابى تقريراً لوزارة الخارجية الإيرانية حول الجهود والاتصالات التى تقوم بها حكومة قطر، واهتمامها الكبير بتوطيد العلاقات ودعم جهود رجل الدين الشيعى المعارض عيسى قاسم وجمعية الوفاق لبحرينية المعارضة خلال أحداث 2011، فتم التحضير لزيارة وزير الخارجية السابق على أكبر صالحى إلى الدوحة التى وصلها والتقى فيها رئيس الوزراء القطرى حمد بن جاسم آل ثانى.
وخلال اللقاء القطرى ـ الإيرانى حول البحرين شدد صالحى على مخاطر ونتائج الأوضاع فى البحرين على منطقة الخليج، وضرورة التحرك الثنائى بين البلدين من أجل "تحقيق نتائج فعليّة فى المنامة".
كانت الرؤية الإيرانية تقوم على أن طرح طهران لأى مبادرة بشأن البحرين لن تنجح، وهو ما يتطلب طرفاً ثالثاً أكثر حيادية، ويمكن أن يحظى بالقبول من قبل الجماعات السياسية والحكومة البحرينية، الأمر الذى ساهم فى زيادة التنسيق القطرى ـ الإيرانى ضد البحرين.