من إيواء الإرهاب إلى الاكتواء بنيرانه، تواصل العاصمة البريطانية لندن، والتى تستضيف فرعًا لا يستهان به من التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، تحركاتها المشبوهة والغامضة، فعلى الرغم من تعرض العديد من المدن البريطانية على مدار السنوات القليلة الماضية للعديد من العمليات الإرهابية الدامية التى دفع مئات القتلى والمصابين المدنيين ثمنها غاليًا، إلا أن الحكومة لا تزال تماطل فى التصدى لخطر الإرهاب الذى استوطن قبل عقود عاصمة الضباب.
وفى الوقت الذى تعانى فيه العديد من العواصم الأوروبية، وفى مقدمتها لندن من التهديدات الإرهابية المحتملة، أدعت الحكومة البريطانية فى تقرير جديد لها عدم استطاعتها ترحيل العناصر المتطرفة، والتى يصنفها خبراء أمنيين بالقنابل الموقوتة التى تشكل تهديداً واضحاً على الأمن القومى، بزعم ارتفاع تكاليف إعادة هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية، ولوجود قيود قانونية على حد مزاعم الحكومة.
التقرير الذى نشرت تفاصيله العديد من وسائل الإعلام البريطانية وشبكة سكاى نيوز، والذى أعدته رئيسة الوزراء تريزا ماى فى عام 2013، أثناء توليها حقيبة وزارة الداخلية، كشف استناد الحكومة البريطانية إلى حجة "غياب الميزانية" للمماطلة فى ترحيل العناصر الخطرة.
ومن الثغرات إلى تراجع برامج تمويل الخطط الأمنية، كشفت شبكة سكاى نيوز الخميس، أن الحكومة البريطانية ـ وفق ادعاءاتها ـ باتت عاجزة ماليًا عن تسليم الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية لارتفاع تكاليف هذه الإجراءات، بخلاف القيود القانونية لمثل هذه العمليات.
وقال كليف وولكير، الخبير فى القانون الدولى الذى شارك فى إعداد التقرير، إن أكثر من 40 متشددًا أجنبيًا قد يستغلون القيود القانونية وغياب التمويل لتجنب إعادتهم إلى دولهم ، محذرًا من أن هذا الرقم مرشح للارتفاع.
فيما أشار دافيد أندرسون، الخبير فى قانون الإرهاب الذى عمل أيضًا على إعداد التقرير، إلى أن "الترحيل بضمانات" من شأنه أن يؤدى دورًا كبيرًا فى التصدى لخطر التطرف داخل بريطانيا، غير أن الإحصاءات تظهر أن بريطانيا خلال السنوات الـ13 الأخيرة رحلت 11 شخصًا فقط، 9 منهم إلى الجزائر واثنين آخرين إلى الأردن مقارنة مع 120 مشتبها بهم رحلتهم فرنسا خلال الفترة نفسها.
وأوضح التقرير أن 6 دول فقط انضمت إلى اتفاق "الترحيل بضمانات" مع بريطانيا، وهى ليبيا وإثيوبيا والجزائر ولبنان والمغرب والأردن، وقد تم انسحاب البلدان الثلاثة الأولى من هذه القائمة لاحقًا بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة داخلها وخطر سوء معاملة المشتبه بهم.
وذكر التقرير أن الصعوبات التى تواجهها الحكومة البريطانية فى تطبيق برنامج "الترحيل بضمانات" انعكست بوضوح فى قضية الداعية المتطرف أبو قتادة الذى تم تسليمه للسلطات الأردنية عام 2013 بعد محاكمة ماراثونية استغرقت ثمانية أعوام وكلفت السلطات البريطانية نحو 1.7 مليون جنيه استرلينى.
ومنذ سنوات عدة تلعب بريطانيا دورًا مشبوهًا من خلال استضافتها التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية وعدد من قياداتها المطلوبين أمنيًا، وفى أبريل الماضى ألمح مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فلاديمير سافرونكوف إلى إيواء الحكومة البريطانية ودعمها للمليشيات والجماعات الإرهابية التى "نفذت هجوما ضد الكنائس فى أحد الشعانين (السعف)"، فى إشارة إلى التفجيرات التى ضربت كنيستى طنطا والإسكندرية قبل عدة أشهر، وذلك بعدما دخل فى مشادة حادة مع مندوب بريطانيا ماثيو رايكروفت بشأن الإرهاب فى سوريا، حيث قال مندوب روسيا :"أنتم تخافون أن تسير الأمور نحو السلام ونحو تسوية سياسية فى سوريا، أنتم تدعمون مصالح المجموعات المسلحة ومعظمهم كانوا يقتلون الأقليات والمسيحيين فى الشرق الأوسط ويرتكبون أعمالا إرهابية فى الكنائس فى أحد الشعانين ـ فى إشارة إلى هجمات طنطا والإسكندرية ـ .. هذه المجمعات التى تعززون أنتم مصالحها".