جاء ارتفاع الاحتياطى النقدى لمصر إلى 36 مليار دولار، ليؤكد أن الدواء المر الذى لجأت إليه الحكومة فى قراراتها الاقتصادية الأخيرة ، بتقليل نسبة من الدعم على بعض السلع، قد بدأ مفعوله فى الظهور بشكل جلى ، فالزيادة الكبيرة فى حجم الاحتياطى النقدى تؤكد أن الاقتصاد المصرى يتعافى ، وتشير إلى أن الخطوات المدروسة التى اتخذتها الحكومة لزيادة التدفق الاستثمارى ، والتوسع فى إقامة المشروعات ، بدأت تؤتى ثمارها وتحقق أهدافها المرجوة .
ومع المؤشرات الإيجابية المبهجة للاقتصاد المصرى ، تواصل الحكومة خططها لضمان مزيد من تدفق الاستثمارات ، وزيادة المشروعات التنموية، وفى هذا الإطار شهدت الأيام الماضية جولات مكوكية غير مسبوقة لوزيرة الاستثمار والتعاون الدولى الدكتورة سحر نصر، شملت لقاءات مهمة مع كبار رجال الأعمال والمستثمرين فى مصر والعالم العربى من أجل تفعيل الشراكة الاقتصادية مع مصر وتدشين مشروعات قومية عملاقة، بما يتيح تحريك عجلة الاقتصاد الوطنى، وإتاحة فرص عمل جديدة بما يحقق معدلات نمو اقتصادية أعلى ويرفع مستوى معيشة المواطنين، كما عقدت الوزيرة النشطة لقاءات تنسيقية فى غاية الأهمية مع وزراء النقل والإسكان والكهرباء وعدد كبير من المحافظين.
كما قامت الدكتورة سحر نصر بجولات عديدة فى أغلب المحافظات المؤهلة لاحتضان مشروعات قومية كبرى، ومن بينها محافظة كفر الشيخ والقليوبية ومطروح وجنوب سيناء وغيرها من الأقاليم التى غابت عنها الاستثمارات الحقيقية طوال الأعوام السابقة، من أجل اجتذاب استثمارات حقيقية واعدة وتذليل كافة العقبات أمام المستثمرين، ومنح حزمة حوافز اقتصادية من إعفاءات وإتاحة أراضى ومرافق وتيسير جميع الإجراءات الإدارية والقانونية بما يشجع رجال الأعمال على الاستثمار فى مصر بكل قوة .
ولم تقتصر تحركات وزارة التعاون الدولى على الشأن المحلى فقط، بل امتدت إلى الشأن الخارجى، حيث شملت هذه التحركات عدة دول أوروبية وأمريكية وإفريقية والتى كانت آخرها زيارة دولة بتسوانا الإفريقية، مما يعطى أبعاداً سياسية اقتصادية لها دلالاتها الضرورية فى إطار توجيهات القيادة السياسية بترسيخ وتطوير جميع العلاقات مع بلدان العالم أجمع وخاصة القارة الإفريقية.
وبالفعل بدأت هذه الحركة الدءوب تؤتى ثمارها، حيث تم توقيع عدة اتفاقات من بينها إقامة مشروع سكنى ضخم بمدينة العلمين، بالإضافة إلى التمويلات الخارجية التى وجهت لوزارات الكهرباء والنقل لإقامة مشروعات الطاقة والسكة الحديد وإعادة إحياء ترام الإسكندرية لما يمثله من قيمة حضارية باعتباره أحد أهم معالم عروس البحر المتوسط.
وتنطلق جميع هذه الجهود من استراتيجية ثابتة تدرك تماماً طبيعة التحديات التى تواجه مصر فى هذه المرحلة الحاسمة وتعبر عن التوجه الجديد، الذى يؤمن بأن تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة بعض الشىء سيكون هو الدواء الشافى لتعافى الاقتصاد المصرى وانطلاق مسيرة التنمية، والتى ستعود دون شك بالفائدة والنفع على المواطن المصرى البسيط الذى تحمل الصعاب من أجل بلاده ومستقبلها.