لا يزال ملف حقوق العمال المهاجرين المهدرة فى قطر يلقى اهتمام الصحف العالمية والمنظمات الحقوقية، ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية نتائج بحث جديد حول ظروف العمل التى يتعرض لها آلاف العمال المهاجرين فى مواقع البناء فى قطر الخاصة باستضافة بطولة كأس العالم 2022، والذى خلص إلى أنهم يتعرضون لحرارة ورطوبة تشكل تهديدا على حياتهم.
وأضافت الصحيفة أن مئات العمال يموتون كل عام، ووفقا لمنظمات حقوقية، ترفض السلطات القطرية تقديم المعلومات اللازمة للرأى العام أو التحقيق بشكل كاف فى أسباب الوفيات والتى يمكن أن تكون ناجمة عن العمل فى المناخ القاسى فى المنطقة.
وتقول منظمات حقوقية إن الملايين من العمال معرضين للخطر فى المنطقة، لأن فترات الراحة القانونية المفروضة خلال ساعات منتصف النهار الصيفية لا تحميهم بشكل كاف. كما أظهر تحليل للطقس فى الدوحة الصيف الماضى أن العمال فى مشاريع بناء كأس العالم فى خطر، وذلك رغم استخدام منظم البطولة "هوميدكس" لنظام متقدم يقيس مستويات السلامة من الحرارة والرطوبة.
وقالت المسئولة الحقوقية سارة ليا ويتسن : "إن فرض القيود المناسبة على العمال فى الهواء الطلق والتحقيق المنتظم ونشر المعلومات حول وفيات العمال أمر ضرورى لحماية صحة وحياة عمال البناء فى قطر".
وأضافت أن "ربط ساعات العمل بدرجات حرارة آمنة أمر فى حدود قدرة الحكومة القطرية وسيساعد فى حماية مئات الآلاف من العمال".
وكانت منظمات حقوقية أكدت أنه يجب على السلطات القطرية فرض قيود مناسبة على العمل فى الهواء الطلق لحماية ما يصل إلى 800 ألف من العاملين المغتربين المعرضين للخطر بسبب عملهم فى الطقس الحار والرطوبة الشديدة فى البلاد.
ودعت المنظمات قطر إلى التحقيق فى أسباب وفيات العمال والإعلان عن نتائج هذا التحقيق، والاستعانة بهذه المعلومات فى وضع السياسات الصحية المناسبة.
وقال المسئول الحقوقى نيكولاس ماك جيهان إن "فشل السلطات القطرية فى توفير أساليب الحماية الرئيسية من الحرارة وقرارها تجاهل التوصيات بضرورة التحقيق فى وفيات العمال ورفضها الإعلان عن بيانات هذه الوفيات يمثل تنصلا عن مسئوليتها عن قصد".
وأضافت "الجارديان" أن عام الحكومة القطرية كشفت عام 2012 عن مقتل 520 شخصا من بنجلاديش والهند ونيبال - الذين يسافر مئات الآلاف من مواطنيهم للقيام بأعمال البناء فى الخليج - ومن بين هؤلاء، توفى 385 شخصا أو ما يقرب من ثلاثة أرباعهم "لأسباب لم توضحها السلطات ولم تحقق فيها".
وفى العام الماضى قالت الحكومة القطرية لمنظمات حقوقية إن 35 عاملا لقوا حتفهم "معظمهم بسبب السقوط، ويفترض أن يكون ذلك فى مواقع البناء"، ولكن هذا لم يأخذ فى الاعتبار مئات الأشخاص الذين ماتوا بسبب النوبات القلبية وغيرها من "الأسباب الطبيعية" غير المبررة من قبل السلطات.
وأوضحت الصحيفة البريطانية إن "اللجنة العليا" التى تنظم كأس العالم 2022، تسعى إلى سن معايير أعلى من الرفاهية من تلك التى تطبق عادة على مليونى عامل مهاجر فى قطر. وكشفت أن 10 عمال فى مشاريع كأس العالم لاقوا حتفهم بين أكتوبر 2015 ويوليو من العام الجارى وصنف ثمانية منهم - ثلاثة منهم رجال فى العشرينات من العمر- على أن أسباب وفاتهم "غير مرتبطة بالعمل" لأنها ناجمة عن سكتة قلبية أو فشل فى الجهاز التنفسى. وتقول المنظمات الحقوقية إن هذه التصنيفات لا معنى لها، بل هى مجرد بيان بأن الشخص قد مات بسبب توقف قلبه وتنفسه.
وتعتبر أن مثل هذه الأوصاف "تحجب السبب الكامن وراء الوفاة وتجعل من المستحيل تحديد ما إذا كان (وفاة العمال) مرتبطة بظروف العمل مثل الإجهاد الحرارى".
وأشارت منظمة حقوقية إلى أن جليشوار براساد، 48 عاما، وهو عامل بناء فى مشاريع كأس العالم، أن اللجنة العليا عانت من سكتة قلبية، وقالت المستشفى أن "واجبات العمل ليست عاملا مساهما". غير أن درجة الحرارة فى قطر قبل يوم واحد من وفاة براساد، بلغت ذروتها.
وأظهر تحليل سجل المناخ التابع لمكتب الأرصاد الجوية فى المملكة المتحدة بالنسبة الدوحة العام الماضى، أنه وفقا لقياس هوميديكس، ليس من الآمن للشخص المؤهل القيام بعمل شاق العمل بالخارج حتى أثناء وقت الليل.
وقال متحدث باسم الحكومة القطرية إنها ملتزمة بإجراء إصلاحات فى العمل، مؤكدا أنها أعلنت عن حالات الوفاة والإصابة المتعلقة بالعمل العام الماضى.
وقال المتحدث "ان الحكومة تحقق فى جميع وفيات العمال الوافدين فى قطر وتنسق مع سفارات الدول التى ينتمى لها العمال لإعادة المتوفين".