لم تكن الـ72 ساعة الماضية التى شهدت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قمة مجموعة دول البريكس بالعادية، فوجود الرئيس السيسى فى الصين فى ذلك التوقيت، وفى حضور هذا الكم من زعماء وقادة الدول وكبار رجال الأعمال والاقتصاد والاستثمار، أضاف إلى مصر سياسيا واقتصاديا الكثير والكثير، وحقق أهدافا استراتيجية ما كانت لتتوفر لولا ذلك الحضور المشرف لها فى قمة تعد من أهم التجمعات على مستوى العالم.
ويرصد اليوم السابع أهم ما حصدته مصر من تلك المشاركة..
اقتصاديا.. توقيع اتفاقيات تعاون ودعم واستثمار بين مصر وعدد من الدول
شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات بين مصر والجانب الصينى، حيث وقع الرئيس السيسى مع نظيره الصينى "تشى جين بينج"، اتفاق تعاون أمنى بين وزارة الداخلية المصرية، ووزارة الأمن العام الصينية، إضافة إلى اتفاقية للتعاون الاقتصادى والفنى، بشأن تخصيص الصين منحة قدرها 300 مليون يوان صيني لمصر، لتنفيذ مشروع القمر الصناعى مصر سات 2، ومذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، ووزارة التجارة الصينية، بشأن تنفيذ مشروع القطار الكهربائى، كما أعرب الرئيس "بينج" عن شكره لتجاوب مصر مع مبادرة الحزام والطريق، التى تهدف لإعادة الروابط التجارية والثقافية بين الشرق والغرب عبر شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط التى تقع قناة السويس فى القلب منها، والتى حملت تجارة الشرق الأقصى إلى أوروبا وأفريقيا على مر العصور.
اتفاقيات لتعزيز التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى
ناقش الرئيس السيسى مع نظيره الصينى سبل زيادة التبادل التجارى وتشجيع دخول المزيد من الصادرات المصرية إلى السوق الصينى، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات الصينية فى مصر فى ضوء ما تتيحه من فرص واعدة، لاسيما فى منطقة تنمية محور قناة السويس والمدن الجديدة الجارى إنشاؤها.
وتسعى الحكومة إلى زيادة استثمارات الصين فى مصر الفترة المقبلة فى إطار إعلان الصين عن ضخ نحو 60 مليار دولار فى الدول الأفريقية. كما تسعى نحو 20 شركة صينية للاستثمار فى مصر من خلال مشروعات طرق ونقل والعاصمة الإدارية ومدينة الروبيكى ومدينة النسيج بالمنيا ومحور قناة السويس.
كما شارك طارق قابيل وزير الصناعة فى منتدى "الصين والدول العربية للتعاون فى قطاع السيارات" الذى ناقش السياسات المتبعة فى تصنيع السيارات فى بعض الدول العربية، وسبل الاستفادة من الخبرة الصينية فى تطوير هذه الصناعة الحيوية فى الدول العربية.
والتقى الوزير عدد من مسؤولى الحكومة الصينية، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والصين، وزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، ومن بين هذه اللقاءات لقاء مع "كيان كيمينج" نائب وزير التجارة الصينى، لبحث سبل زيادة التبادل التجارى بين البلدين، وكذا لقاء مع زيان هوى حاكمة منطقة نينغشيا ذاتية الحكم، لمناقشة سبل تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى، وزيادة معدلات التدفقات التجارية مع المنطقة، إلى جانب لقاء مع الغرفة التجارية الصينية لاستيراد وتصدير المنسوجات، لبحث إمكانية تعزيز التعاون المشترك بين الغرفة ومراكز صناعة النسيج في مصر خلال المرحلة المقبلة، فضلا عن عقد لقاءات مكثفة مع الشركات الصينية المهتمة بالاستثمار فى السوق المصرى.
وعقد "قابيل" اجتماعا موسعا مع بنك التنمية الصينى، وذلك لبحث إمكانية قيام البنك بدور فعال فى تمويل المشروعات الصينية التى سيتم تنفيذها فى مصر وخاصةً فى مجال النقل والكهرباء ومشروعات تنمية محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات رفع القدرات الإنتاجية المُتفق عليها بين الجانبين المصرى والصينى.
تعميق علاقات بدول كبرى واستراتيجية
وفى سياق المكاسب التى تحققت من الزيارة كان الجانب المتعلق بالمكاسب السياسية، حيث عقد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، على هامش مشاركتهما فى أعمال الدورة التاسعة لقمة تجمع بريكس التى تعقد فى مدينة شيامن بالصين.
وبحث اللقاء سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، ومناقشة كافة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وفى سياق آخر عقد الرئيس السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، لقاء أكد فيه بوتين أنه سيلبى دعوة السيسى لزيارة مصر لحضور الاحتفال الذى سيقام بمناسبة وضع حجر أساس محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.
وقال بوتين فى تصريحات أوردتها قناة "روسيا اليوم" إن روسيا تتوقع أن يتم حل قضية أمن الطيران فى مصر بشكل كامل فى المستقبل القريب، مضيفا أن موسكو على علم بالجهود التى تبذلها القاهرة فى هذا المجال، وأشار الرئيس الروسى إلى أن بلاده تريد أن تستأنف الرحلات الجوية مع مصر بالكامل، لافتا إلى أن مصر تبذل قصارى جهدها لتوفير أمن الطيران.
كما التقي الرئيس على هامش مشاركته بقمة تجمع "بريكس" في مدينة شيامن بجمهورية الصين الشعبية، رئيس وزراء الهند ناريندرا مودى، وركزت مباحثات الرئيس السيسى مع رئيس وزراء الهند، على سبل تطوير التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، ولاسيما على الأصعدة الاقتصادية والاستثمارية والتنموية فى ضوء التجربة الهندية المتميزة فى تحقيق التنمية الشاملة وتنويع قاعدة صناعتها الوطنية، فضلا عن العمل على زيادة وتنويع التبادل التجارى بين البلدين الذى وصل إلى نحو 4 مليارات دولار سنويا، إلى جانب مناقشة آفاق تعزيز مساهمة الشركات الهندية فى المشروعات القومية التى يتم تنفيذها فى مصر حاليا.
طرح رؤية صحيحة للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية فى مصر
ومثل بند تصحيح الصورة عن الأوضاع الداخلية فى مصر شقا هاما من المكاسب، حيث أكد الرئيس فى كل لقاءاته وكلماته على طبيعة الأوضاع فى مصر، وسعى الدولة لتحسين مناخ الاستثمار، وشرح السيسى فى كلماته مزايا قانون الاستثمار الجديد، والإجراءات التى اتخذتها مصر لتحسين المناخ، إضافة إلى تأكيد مواقف مصر من قضايا حقوق الإنسان والأمن الاجتماعى، ومكافحة الإرهاب، والإنجازات الامنية التى تحققت على الأرض، إضافة إلى البعد الخاص بالحماية الاجتماعية المتوازية مع إجراءات الإصلاح الاقتصادى، وشرح أمام مجموعات رجال الأعمال والمستثمرين ما وصل إليه أوضاع الاقتصاد المصرى من تحسن ملموس.
دعم دولى للمشروعات القومية والعاصمة الإدارية الجديدة
وقالت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى: إنه يجرى التفاوض معها لإقامة العديد من الأنشطة فى العاصمة الإدارية الجديدة، وتم التفاوض فى هذا الأمر مع كبرى الشركات الصينية.
وأضافت أنه يجرى العمل على توقيع اتفاقيات شراكة وإقامة منطقة استثمارية شاملة من إسكان ومنطقة صناعية ومشاريع صغيرة ومتوسطة.
وفى ذات الإطار قال سونج آى قوه السفير الصينى بالقاهرة، إن منطقة تيدا السويس نموذج جيد للتعاون الاقتصادى والتجارى بين الصين ومصر، والذى بدأ فى التطور عقب زيارة الرئيس الصينى لمصر خلال العام الماضى، مما أدى إلى مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.
وقال السفير المصرى لدى بكين فى تصريحات له، إن إحدى كبرى الشركات الصينية التى أنشأت منطقة صناعية على مساحة 60 كم تم منحها 6 كم إضافية بعد نجاحها فى إنشاء المنطقة صناعية، متابعًا: "هناك الكثير من المشروعات المستقبلية التى يجرى التفاوض حولها حاليا سنعلن عنها فى حينها".