بأجساد واهنة، قطعوا آلاف الأميال مهاجرون بسطاء تداعبهم أحلام العمل وعيشة كريمة وأجر يتسق مع حياتهم وأسرهم، هكذا يهاجر الآلاف من العمال من دول أسيا خاصة من الهند ونيبال وسريلانكا وباكستان وبنجلاديش وأفريقيا أيضا إلى قطر لا يعلمون أن حظهم التعيس أوقعهم فى شباك نظام إرهابى ، لن يكون أقل قسوة من قسوة الفقر الذى يرونها فى أعين أبنائهم، لكن طموحهم فى الإنفاق على عوائلهم والحصول على وظائف بأجور ثابتة والفقر دفعهم لإلقاء أنفسهم فى تهلكة الدوحة.
عمال بسطاء وافدين لطقر
وبخلاف سوء المعاملة واستغلال الكفيل عادة فى قطر، والظروف السيئة التى وجد هؤلاء البسطاء أنفسهم فيها، فوجئ العديد منهم بـ"أجور منخفضة" وتدنيها بشكل صارخ وعدم دفعها فى موعدها خاصة بعد العقوبات العربية التى فرضتها الدول الداعية لمواجهة إرهاب قطر، لتنهار أحلام العمال الوردية التى رسموها على طول الطريق والتى هونت عنهم مشقة الرحلة إلى الدوحة وعبء رسوم العمل الثقيلة التى دفعوها لسماسرة الخداع والاستقدام للعمل الذين يعملون تحت إمرة مسئولين قطريين ، وأوهموهم بأرباح وأجوراً أعلى بكثير ووعدوهم بالعمل في وظائف أفضل، إلا أن الواقع لم يكن كذلك، وحينها أدركوا أنهم غرر بهم، بإعلانات وهمية لامعت أعينهم برواتبها الخيالية، حيث لا يوجد ضمان لحصول العمال بشكل كامل ودقيق على المعلومات المتعلقة بوظائفهم ورواتبهم قبل مغادرتهم لبلادهم للذهاب إلى قطر.
العمل تحت ظروف غير انسانية
ومن بداية المقاطعة العربية لإمارة قطر، ومحاولة كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، إرغام الدوحة على وقف تمويلها للإرهاب عبر حزمة عقوبات، كشفت تقارير دولية عن شكوى العديد من العمال عدم حصولهم على أجورهم في موعدها، مع استمرار الإساءة والاستغلال للعمال الوافدين المنخفضي الأجور، ومصادرة جوازات سفرهم من قبل أصحاب العمل حال وصولهم قطر حتى لا يتمكنون من الهروب من جحيم وسخرة الأمير تميم بن حمد.
وتحدث عشرات العمال والوافدين الذين يعملون فى مواقع على صلة بكأس العالم2022، وكشفوا أنهم دفعوا رسوماً باهظة للالتحاق بالعمل في قطر، إلا أن أصحاب عملهم منعوا عنهم بعض حقوقهم إذ منعوا عنهم الرواتب أو أجبروهم على العمل بعد أن حرموهم من الحصول على تصاريح للعودة إلى بلادهم، إلا إذا دفعوا مبالغ لا يمكنهم تحملها، وهو ما شكل خطر على حقوق العمال، وحثت منظمات دولية قطر اتخاذ إجراءات وقائية من قبل الحكومة ومختلف أطراف القطاع الخاص على حد سواء، من أجل الوفاء بالمسؤوليات المترتبة على الجميع، والمتعلقة بحقوق العمال.
وكشفت تقارير عن المالبغ الزهيدة التى يمنحها النظام للعمال حيث تتراوح عادة بين 8 إلى 11 دولاراً مقابل العمل 9 إلى 11 ساعة يومياً في العراء وفي ظروف شاقة، وبلغ هذا الأجر اليومي في بعض الحالات حداً أدنى وصل إلى 6.75 دولاراً، فى حالات كثيرة هذا المعدل أقل مما وعد به وسطاء الاستقدام العمال فى بلادهم، ولا تغطى هذه الأجور نفقات طعامهم ومتطلبات سداد القروض التى اقترضوها لدفع رسوم الاستقدام.
اوضاع معيشية متردية
وكشفت تقارير عن ممارسات قاسية مارسها أصحاب العمل فى قطر ضد العمالة، منها منع أصحاب العمل للرواتب أحياناً كإجراء تأميني لمنعهم من ترك العمل، وخصومات واقتطاع من الأجور بشكل غير قانونى، أو الحصول على رواتب أقل من الموعود، وبعضهم وقع عقوداً في ظروف تنطوي على الإكراه، بينما لم ير آخرون مطلقاً عقد العمل، ولم يعد أمامهم خيارات كثيرة، إلا قبول العمل الذى لم يوافقوا على أدائه أصلا.
ورغم عضوية قطر فى منظمة العمل الدولية منذ عام 1972، وتصديقها على اتفاقيات لحماية العمال من العمل القسرى، ومن التمييز في العمل، وحظر عمل الأطفال، إلا أنها ضربت بالمواثيق الدولية عرض الحائط، وانتهكت القوانين، واستخدمت العمال الوافدين بنظام السخرة، وخاف العديد منهم رفع شكاوى إدارة الشكاوى بوزارة العمل القطرية أو حتى شكاوى دولية حتى لا يخسر وظيفته ويتم ترحيله ومنعه من استخدام الكثير من الآليات المتوفرة التي يمكن للعمال من خلالها المطالبة بحقوقهم، وتحدثت تقارير عن أن العمال الذين لجأوا إلى إدارة الشكاوى توقفوا عن تلقى رواتبهم ولم يعد بإمكانهم الاستمرار.
صفوف الانتظار
وتساعد القوانين القطرية نفسها الإساءات وتمنع عن العمال الدفاع عن مصالحهم بشكل فعال، بحسب تقارير دولية، ولا يوجد في قطر حد أدنى للأجور، وبينما يسمح قانون العمل للعمال القطريين بالعمل النقابي، فهو يحظر على العمال الوافدين الانضمام إلى نقابات. لمشاركة في إضرابات، رغم أنهم يشكلون 99% من القوى العاملة في القطاع الخاص، وفي ظل وجود هذه التفرقة، فإن القانون يميز ضد العمال الوافدين في خرق للقانون الدولى.
وألقت الأزمة الخليجية بظلالها على مشهد تدنى أجور العمالة الوافدة وسوء أوضاعهم، حيث أكدت تقارير اعلامية على أن الدوحة التى أصبحت تعانى من أزمات سياسية، ونزيف حاد فى القطاع الاقتصادى، لم تعد قادرة حتى على دفع الأجر المتدنى الذى تمنحه للعامل، إذ أن العديد من العمالة تحدثت عن منع الأجور عنها منذ ما يقرب من 3 أشهر، وأن الكثير منهم أصبح يرغب فى العودة إلى بلاده، لكن السلطات القطرية قد صادرت جوازات سفرهم وهو ما جعلهم يستمرون فى العمل رغم عدم وجود أجور.
عمال وافدين ينتظرون رواتبهم
وتظاهر العديد من العمال الوافدين احتجاجا على تأخر استلام رواتبهم عقب الخسائر الاقتصادية، ووقعت مواجهات بين رجال الأمن القطريين والعمالة التى تطالب بمستحقاتهم المتأخرة، وقالت تقارير أن السلطات لم تتمكن من تحديد موعدا من أجل صرف هذه المستحقات.
ورغم مناشدات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لقطر بدفع رواتب العمال في مواقيتها كل شهر، وحظر فرض رسوم على العمال من قبل سماسرة الاستقدام للعمل، وحظر مصادرة جوازات سفر العمال من قبل أصحاب العمل، ووضعت قوانين صارمة بشأن إقامة العمال وسكناهم، كما ناشدتها بحظر العمل وسط النهار في شهور الصيف الحارة، إلا أن حرمانهم من الرواتب لايزال مستمر، متأثر بذلك من الوضع الاقتصادى المتردى الذى أصبحت تعانى منه الدوحة، على خلفية دعمها للإرهاب وانفاق 80% من دخولها على دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية فى المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة