موجة من الجدل صاحبت إعلان شركة "ديليك" الإسرائيلية للحفر عن أن الشركاء فى حقلى الغاز الطبيعى الإسرائيليين "تمار" و"لوثيان" وقعوا اتفاقات مدتها 10 سنوات لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعى إلى شركة "دولفينوس" المصرية، وهو ما عدد من الخبراء صفعة مصرية لتركيا التى تريد السيطرة على مكامن الغاز فالطبيعى فى دول حوض شرق المتوسط، بعد المناوشات التى أثارتها خلال الفترة الاخيرة مع قبرص، فيما اعتبرته وزارة البترول المصرية اتفاقا بين لا تتدخل فيه بين شركات قطاع خاص فى الدولتين.
الحديدى: يحمل مزايا اقتصادية لمصر
من جانبه قال المهندس طارق الحديدى، رئيس هيئة البترول السابق أن تعاقد شركة "دولفينوس" المصرية على استيراد الغاز الإسرائيلى يحمل جانب تجارى بحت للشركة وفقا للقواعد المنظمة لاستيراد الغاز فى قانون تنظيم سوق الغاز ولائحته التنفيذى، ويدر عائدات اقتصادية غير مباشرة على الحكومة المصرية.
وأضاف رئيس هيئة البترول السابق أنه من بين العائدات غير المباشرة التى ستجنيها الحكومة من شراء شركات القطاع الخاص للغاز سواء الإسرائيلى أو غيره، هو تحصيل رسوم نظير استخدام الشبكة القومية للغازات، بالإضافة إلى العائدات نتيجة استخدام محطات الإسالة المصرية .
يوجد بمصر مصنعان لإسالة الغاز الطبيعى، الأول مصنع إدكو، المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعى المسال، ويضم وحدتين للإسالة، والآخر فى دمياط ويضم وحدة واحدة فقط.
ورجح "الحديدى" وجود تفاهمات حول قضايا التحكيم الدولى ضد مصر نتيجة التوقف عن تصدير الغاز إلى إسرائيل فى 2012، قائلا "طالما أصبح هناك اتفاقا لتوريد الغاز الإسرائيلى إلى مصر فإن ربما يشير وجود حل فى القضايا بين الطرفين".
استيراد الغاز من دول شرق المتوسط يعجل بتحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة
قال المهندس مدحت يوسف رئيس هيئة البترول الأسبق، والخبير البترولى، أن التعاقدات سواء الحكومية أو الخاصة لاستيراد الغاز من دول شرق المتوسط يعجل من خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز، ويقوى موقفها أمام التطلعات التركية الراغبة فى السيطرة على الغاز فى البحر المتوسط، مشيرا إلى أنها ترتبط القاهرة باتفاقا حكوميا مع قبرص لنقل الغاز من حقل أفردويت القبرصى إلى محطات الإسالة المصرية.
خسارة تركية لمعركة الغاز فى شرق المتوسط
وأضاف "يوسف" أنه بالمضى قدما فى تنفيذ هذا الاتفاق فإن تركيا تكون قد خسرت معركة السيطرة على مكامن الغاز فى حوض شرق المتوسط لصالح مصر، التى تقوم بتقوية تحالفها مع دول شرق المتوسط من خلال التحالف القوى مع اليونان وقبرص.
وأشار إلى أن أفضل مزايا الاتفاق الذى تم الإعلان عنه اليوم، أنه لن يأتى على الحكومة بأى ارتباطات أو التزامات سواء طويلة الأجل أو حتى قصيرة الأجل، قائلا هذه الشركات ستقوم باستيراد الغاز من اجل الاستفادة به داخليا سواء لمصانع القطاع الخاص، أو من أجل تسييله بمحطات الإسالة المصرية لإعادة تصديره مرة أخرى إلى الخارج.
التحالف المصرى القبرصى اليونانى الأقوى فى المنطقة
وأضاف أن التحالف المصرى القبرصى اليونانى هو الأقوى فى المنطقة فى ظل وجود مخزونات كبيرة من الغاز لهذه الدول، بالإضافة إلى ارتباطه بالاتحاد الأوروبى الذى يرغب فى تأمين احتياجات من الغاز بعيدا عن الهيمنة الروسية، مشيرًا إلى أن وضع مصر الجغرافى المميز وبنيتها الأساسية، بالإضافة إلى الاكتشافات الأخيرة تجعل من مصر دولة محورية قادرة على ربط الغاز القبرصى اليونانى بمحطات الإسالة لتصديره إلى أوروبا إلى حين إتمام الخط الناقل للغاز بين مصر وقبرص واليونان لربطه بأوروبا، قائلا إلى حين تدشين هذا الخط فإن مصر هى المركز الوحيد لتصريف غاز شرق المتوسط إلى أوروبا أو أى مكان فى العالم عبر محطات الإسالة المصرية.
استيراد الغاز الاسرائيلى صفعة مصرية لتركيا
قال النائب السيد حجازى أمين سر لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب تعليقا على استيراد شركات قطاع خاص مصرية للغاز الإسرائيلى، أن القطاع الخاص له مطلق الحرية أن يستورد الغاز من أى مكان طالما لم يتعارض مع القواعد التى تضعها الدولة لتنظيم هذا الاستيراد عبر قانون تنظيم سوق الغاز ولائحته التنفيذية الصادرة قبل عدة أيام.
وتابع أمين سر لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب "، أن صفقة استيراد الغاز تفسد المخططات التركية الساعية إلى السيطرة على مكامن الغاز المملوكة لدول شرق المتوسط، مشيرا إلى ان تركيا التى ترغب فى تقديم نفسها على أنها محور الربط بين منتجى الغاز فى الشرق ومستهلكى الغاز فى الغرب تلقت صفعة قوية من الشركات المصرية نتيجة هذا الاتفاق.
وتابع أن الحكومة المصرية لن تستورد غاز من الخارج مع بداية العام المقبل، مشيرا إلى ان مصر فى طريقها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز قبل نهاية العام الجارى.
وكان يوسى أبو الرئيس التنفيذى لديليك للحفر قد وصف فى تصريحات سابقة صفقة استيراد شركات القطاع الخاص المصرية الغاز الإسرائيلى بإن مصر بذلك تتحول إلى مركز غاز حقيقى، مضيفا هذه الصفقة هى الأولى بين صفقات أخرى محتملة فى المستقبل."
البترول لا تعليق على اتفاقات الشركات الخاصة
أكد المهندس طارق الملا وزير البترول، أن مصر كان لديها 3 شروط لاستيراد الغاز من إسرائيل، الأول هي موافقة الحكومة على الإستيراد، والثاني هو وجود قيمة مضافة للاقتصاد والبلد، والثالث كان أن يتم حلم التحكيم.
وتابع طارق الملا، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، ببرنامجها هنا العاصمة، المذاع عبر فضائية CBC، أننا كقطاع بترول انشغلنا بتحقيق هذه الأشياء إضافة لتطوير إنتاجنا من البترول وهو ما جاء بنتائج جيدة، إضافة لقانون الغاز وتحرير السوق، ووضع آليات تضمن للقطاع الخاص والشركات الدولية العمل فى السوق المصرى، وتم إصداره، وبدأ القطاع الخاص يطرح فكرة الحديث على الصفقة الأخيرة، ولم يكن لدينا مشكلة، فى ضوء الأطر التنظيمية الموضوعة، ولا يوجد لدينا تفاصيل عن هذا الإتفاق، وحتى الآن يجب أن تحصل الشركة المتعاقدة على الموافقة الرسمية، عبر تقديم تلك الشركة للطلب الرسمي لتدخل فى السوق المصرى عبر آليات اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الغاز.
وأوضح أنه سيتم تقييم الشركة وشروطها، وعن تقديم قيمة مضافة من خلال استيراد هذا الغاز رغم إنتاج حقل ظهر، قال إننا نعمل على تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة، وهذا يحتاج تداول، ونقل وتوزيع، ويجب على كدولة أن أتعاون مع المنطقة الجغرافية المحيطة بي، مثل قبرص التى وقعنا معها اتفاقية خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أننا لدينا طاقات غير مستغلة فى تسييل الغاز مثل أسكو ودمياط، ونملك محطات تسييل متوقفة، وحينما نستغلها لطرف ثالث يأتي علينا بعائد فيعتبر هذا أمر جيد.
وتابع وزير البترول، أنه من الوارد أن يدخل الغاز المستورد إلى السوق أو أن يتم تسييله ولكن حتى الآن لم تتم معرفة كافة التفاصيل عن كميات الغاز وغيرها من التفاصيل التى ستحدد كيفية التعامل مع هذا الغاز، إضافة إلى العائد على الدولة من استخدام شبكة الغاز وتحصيل عوائد مرور الغاز.
وأشار إلى أن أحد الشروط الموضوعة والمتوقع إنهائها بسبب هذه الاتفاقية هو التنازل عن قضايا التحكيم الدولية ضد مصر فيما يخص الغاز.
ونوه أنه فى حال وجود غاز مستورد من شركات قطاع خاص، يوجد جهاز منظم يضمن أن تقدم الخدمة بشكل جيد وسعر مناسب، وحتى الآن يتم تحديد الأسعار المناسبة، من خلال جهاز تنظيم الغاز الذى سيبدأ اجتماعاته الأسبوع المقبل.