شارع فؤاد بالإسكندرية.. مكان خطبة سعد زغلول وغناء سيد درويش

حين ترغب فى رؤية الإسكندرية القديمة، بما كان عليها من اندماج للحضارات والجنسيات المختلفة، كل ما عليك سوى السير فى شارع فؤاد أقدم شوارع الإسكندرية، الذى تنافس على إنشاء المنازل فيه الفنانون العالميون والمصريون، لتعيش البيوت لأكثر من 100 عام، وكأنها بنيت بالأمس.

الطراز المعمارى الفرنسى والإيطالى والإنجليزي، سيطر على شكل منازل شارع فؤاد ومحلاته، وتحولت معظم المنازل فيه إلى سفارات وقنصليات، بينما ظلت المطاعم والكافيهات القديمة، على حالها واسمها تحتفظ بتاريخ الشارع الذى شهد على أزمنة مختلفة.

ويعد الشارع مركزًا للأدب والفنون فى مدينة الإسكندرية، حيث توجد به العديد من دور السينما ومركز الحرية للإبداع، ومسرح السيد درويش الذى يعد فرع دار الأوبرا المصرية فى الإسكندرية، كما سكن فيه الشاعر اليونانى كفافيس.

وفى "رباعية الإسكندرية"، للكاتب الإنجليزى، لورانس داريل، تردد اسم الشارع فى هذه الرواية التى كانت أهم روايات الأدب العالمى.

يقع شارع فؤاد فى محطة الرمل، وسط الإسكندرية، وفى كل منشأة به لها تاريخ تتحدث عنه سواء فى قسم شرطة العطارين الموجود فى بداية الشارع من ناحية وكان يمثل مركز الحراسة البريطانية الرئيسى بالإسكندرية، والذى كان يجاوره مكان النادى الذى كان يجتمع فيه محمد على مع أصدقائه، وكان ملتقى الجاليات اليونانية والايطالية والفرنسية والإنجليزية، وأصبح الآن مركز الحرية للإبداع.

يضم الشارع المتحف القومي، والذى كان فيلا لتاجر الأخشاب اليونانى باسيلى، والمؤسس على الطراز الإيطالى الحديث، وقد ظل به حتى عام 1954، ثم باعه للسفارة الأمريكية، التى ظلت به حتى اشتراه المجلس الأعلى للآثار فى عام 1996، وهو يضم مجموعة رائعة من الآثار الغارقة التى تم انتشالها من مياه البحر المتوسط وبه مجموعة حوالى 1800 قطعة أثرية تشمل جميع العصور بدءًا من الدولة القديمة حتى العصر الحديث وهو يكمل المجموعة التى يحتويها المتحف اليوناني.

عرف الشارع بأنه شارع الملوك، وكان يأتى إليه نجوم السياسة والثقافة والفن، أبرزهم أم كلثوم التى كانت تشترى الزهور من المحل القديم الموجود بهذا الشارع، وكذلك الجرائد والمجلات التى ما زال بائعها موجودًا فى شارع فؤاد أبًا عن جد.

ومن أهم ما يميز شارع فؤاد دار الأوبرا بالإسكندرية، والتى قام ببنائها المهندس الفرنسى جورج بارك وعرفت لفترة طويلة بـ"تياترو محمد علي" وتغير اسمها إلى مسرح سيد درويش عام 1962، والتى أقيمت بها عروض لأشهر الفنانين المصريين والعالميين.

وفى نهاية شارع فؤاد توجد ساعة الزهور التى تدق ساعاتها بانتظام أمام حدائق الشلالات التى تضم بقايا آثار الإسكندرية الإسلامية مثل الأسوار القديمة وصهريج الشلالات المكون من ثلاثة طوابق ومقسم طولاً وعرضاً إلى خمسة أقسام بواسطة أعمدة جرانيتية مختلفة الطرز والأشكال.

وفى فيلا مخلع بشارع فؤاد تحدث الزعيم المصرى سعد زغلول، إلى المواطنين بالإسكندرية يحثهم على النضال والإصلاح، وغنى له سيد درويش الذى أتى من منطقة كوم الدكة، وشارك مع الجماهير النضال بالغناء.