"عيد وعايدة" زوجان جمع بينهما نور البصيرة على أرض العريش.. قهرا الظلام معا بتربية 6 أبناء.. الأول نفذ وصية صديق عمره برعاية أولاده بعد وفاته فتزوج أرملته.. والزوجة المتعلمة ساعدت الزوج على محو أميته..فيديو وصور

الخميس، 18 مارس 2021 03:00 ص
"عيد وعايدة" زوجان جمع بينهما نور البصيرة على أرض العريش.. قهرا الظلام معا بتربية 6 أبناء.. الأول نفذ وصية صديق عمره برعاية أولاده بعد وفاته فتزوج أرملته.. والزوجة المتعلمة ساعدت الزوج على محو أميته..فيديو وصور "عيد وعايدة" زوجان جمع بينهما نور البصيرة
شمال سيناء ـ محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على ربوة عالية بحى الصفا جنوب مدينة العريش بشمال سيناء جمع عش الزوجية بين "عيد وعايدة"، ببصيرة ثاقبة هى كل مايملكانها بعد فقدهما البصر، يواجهان سويا مصاعب الحياة بوجه بشوش ورضاء تام بما هم فيه من حال.

الزوجة  الكفيفة "عايدة" حاصلة على ليسانس آداب قسم تاريخ من جامعة القاهرة، والزوج الكفيف  "عيد"، أصبح متعلما بعد أن تحدى سيرا على قدميه كل ظروف انعدام فرصة تعليم غير المبصرين فى مكان مولده بوسط سيناء قبل 45 عاما، واستطاع بإرادته أن يمحو أميته.

الزوجه-عايدة-خلال-العمل

جمعت أرض مدينة العريش بين الزوجين التى فيها عرف "عيد" أسرة "عايدة" التى توفى زوجها، وكانت وصيته له، أن يرعى الأبناء الخمسة، واستكمل هو المسيرة كزوج وأب لينجبان شقيق سادس لهما جميعهما مبصرين.

الزوج-عيد-خلال-السير-بالعصا

فى منزلهم الذى يزين واجهته بابه الرئيسى علم مصر، روى الزوجان لـ"اليوم السابع"، قصة تحدى تتجدد كل يوم فى السعى على الرزق يبدأ فجر كل يوم حتى نهايته.

قالت "عايدة عزت على"، أنها ولدت فى القاهرة فاقدة للبصر، وحرص والدها الذى لايجيد القراءة والكتابة على تعليمها بمدرسة النور والأمل للكفيفات بمصر الجديدة، واتمت الثانوية العامة وكلية الآداب قسم التاريخ، بتفوق بعد أن ركزت خلال دراستها على المذاكرة التى كانت فى ذاك الوقت صعبة، نظرا لإنعدام الإمكانيات المتوفرة حاليا، ووسيلتها تسجيل المحاضرات على شرائط الكاسيت ثم تفرغها بالكتابة بطريقة برايل .

الزوج-عيد-خلال-تعامله-مع-الموبايل

أضافت، أنها تزوجت فى القاهرة بأحد أبناء شمال سيناء وهو محمد عطوه، وحضرت للعريش فى عام 1993 مع زوجها، وفور وصولها نادت بإنشاء مدرسة للمكفوفين فى سيناء، وتحقق حلمها بجهود المخلصين وافتتحت المدرسة فى عام 2000 وكان يديرها مبصرين، وتمكنت من الحصول على فرصة عمل فيها كأول معلمة غير مبصرة عام 2009 .

وأوضحت، أنها أنجبت 5 أبناء من زوجها، وهم 3 ذكور وبنتين، وتوفاه الله ليترك لها تحمل مسؤولية الأبناء، حتى كان فرج الله قريبا منها بزواجها من "عيد" ،الذى كان قريبا منهم ومن أقرب أصدقاء زوجها السابق، وأنجبت منه ابنها السادس والأخير الذى هو حاليا فى المرحلة الثانوية، بينما أبنائها من زوجها الأول  أصغرهم أنهى دراسته قبل أيام بمعهد التمريض ويستعد لاستلام عمله، وفقدت فى عام 2013 احد ابنائها شهيدا برصاص إرهابيين وخلف فراقه حزن أصابها بأمراض مزمنة.

وأشارت إلى أنها تقوم بكل أعمالها المنزلية واستطاعت أن تربى أطفالها ومتابعتهم  دون مساعدة أحد، وفى عملها تحرص على أداء وظيفتها كمدرسة تاريخ بكل مهارة بتحضير الدروس ومعلومات إضافية فى مجال تخصصها حتى تكون جاهزه فهى ترى انه من العيب أن يسأل تلميذ معلمه سؤال ولايعرف الإجابة حتى إن كان فى غير تخصصه.

الزوجين-عيد-وعايدة

وتابع الحديث الزوج "عيد سالمان مصلح" بقوله انه من ابناء قبيلة الترابين، ولد كفيفا فى قرية وادى العمر التابعة لمركز الحسنة بوسط سيناء فى 1975 ، وكانت سيناء وقتها تحت الاحتلال الصهيونى، ولاتوجد أى خدمات تعليم لمن هم فى مثل حالته، وبدأت أول خطوات تحديه "العمى"، وهو فى سن ال15 بقرار أن يعتمد على بصيرته بالسير على قدميه وصولا لكل من حوله، وأدرك انه لابد أن يواجه واقعه ولايستسلم للظروف وكان يتابع باهتمام محطات الإذاعة ويصقل مداركه وثقافته .

عايدة-بعد-الانتهاء-من-عمل-الشاى-لزوجها

أضاف أن الحديث عن معاناة الكفيف فى القرى خارج المدن لاتوصف لكنه لم يعترف بهذه الصعوبة، فاعتمد على نفسه فى التنقل وسؤال الناس، واكتساب أصدقاء من قرى محيطة بمناطقهم و الوصول لأقرب المدن، و يسترشد بالناس فى معرفة الأماكن والطرق والمواصلات رافعا شعار أن الاعتماد على الذات خير وسيلة لتحقيق الهدف  .

عايدة-تقرأ

وقال انه فى سن ال18 استطاع الذهاب للقاهرة بمفردة، وهناك علم بوجود مركز قصر النور وقام بزيارته والحصول على معلم القراءة بطريقة برايل، والتحق بفصول مدارس محو الأمية للمكفوفين بالإسماعيلية، وأصبح يتنقل بمفرده بين كل محافظات مصر، يزور أصدقاء ويكتسب معارف جديدة .

عايدة-خلال-الطهى-بمطبخ-المنزل

أضاف انه بدأ رحلة البحث عن وظيفة وتنقل بين دواوين المديريات بالعريش دون جدوى، حتى صادف حضوره لقاء جماهيرى لمحافظ شمال سيناء الأسبق اللواء محمد الغاياتى، الذى قرر على الفور تعيينه بقطاع المحليات بوظيفة خدمات معاونة، وتنقل فى العمل بين مدن العريش والحسنة وقرية وادى العمر ثم استقر بمجلس مدينة العريش .

عيد-زوج-عايدة

وقال إن زواجه من عايده، يعتبره هدية من الله له على صبره وكفاحه ونتاج لما كونه من علاقته طيبه مع من حوله حيث كان صديقا لزوجها السابق الذى تعرف عليه فى مسجد كان يتردد عليه، وهو فيه يعمل مقيم شعائر، وتوطدت العلاقة حتى كانت وصيته له انه فى حالة وفاته لا ينسى متابعة أطفاله .

وتابع قائلا "عندما علمت بوفاة الرجل نفذت وصيته بزيارات ومتابعة أحوال الأسرة، وطلبت يد أرملته للزواج، ليكون ترابط ومودة، وتم المراد، حيث تعاونا فى تربية الاولاد والبنات وانجبنا أخ لهم ".

عيد-مع-مع-العصا

وأشار إلى أن مبادئ تربيتهم لأبنائهم، اعتمدت على تلقين الخوف من الله فى كل حركة، وحب الوطن، وتجنب أى شبهة أو تقليد أحدا يقوم بعمل خاطئ .

وتابع ،إن البنات تزوجن وانجبن أحفاد ينادونه "جدو"، وتكون هذه أسعد لحظاته التى يراها بقلبه .

عيد-وزوجته-عايدة

وقال عيد :انه محب للمعرفة وحريص على استعارة كتب أدبية ودينية وتعلم الاستفادة من الهاتف بتطبيقات تخدم الكفيف من خلالها يتصفح الانترنت والتواصل الاجتماعى و يستمع للإذاعات المحلية والعالمية، ولديه استطاعه أن يجيد مهارات الحاسب الآلى بكل دقة لكنه لا يمتلك جهاز كمبيوتر حتى الآن ويتمنى ذلك .

مراسل-اليوم-السابع-مع-عيد-وعايدة

وقال الزوجان الكفيفان "عيد وعايدة"، إن يومهم يبدأ بصلاة الفجر فى وقتها،  وقراءة الأذكار ثم تحضير الشاى وإعداد الإفطار، ثم الذهاب للعمل وعند العودة تحضير لقمة خفيفة وبعد المغرب إعداد وتناول الوجبة الرئيسية، التى تطبخها الزوجة بيديها.

 

وأشارا إلى أن المنزل الذى يقيمان فيه، قاموا بتشييده منذ 15 سنة وبدأوه بشراء قطعة أرض ثم البناء بالحجر، حتى أصبح مكون من 3 غرف، ورغم قولهم انهم يعتبران هذا البيت أدفأ مكان، والاحب لهما إلا أنهما لم يخفيا أن البيت بحاجة لكثير من أعمال استكمال وإنشاء حيث لا يزال مسقوفا بخشب تعلوه قطعة مشمع مهترئة،  عبرها يتسلل المطر ويصلهم فى الغرف التى لاتزال تغطى مكان أبوابها قطع قماش وليس أبواب خشبية، بينما داخل البيت يتوفر ما يكفى حاجتهم البسيطة من المعيشة والجلوس .

ووصفت الزوجة البيت بقولها "انه رفيق كفاح"، بينما قال الزوج "عيد" الذى ولد و نشأ فى فضاء الصحراء "إن البيت شيدوه على ربوه عاليه على مشارف مدينة العريش، يذكره بهواء البادية "،وقالا انهم يساعدان بعضهم البعض فى السير بالعصا، والذهاب للسوق لشراء كل مايحتاجه بيتهم .

عيد-يقرأ-برايل

وبدوره قال "أحمد محمد عطوة"، ابن الزوجه الكفيفة من زوجها الأول، انه وكل اشقائه وشقيقاته مدينين لوالدته وعمه "عيد" الذى فى مقام والده أنهما رغم كل الظروف نجحا فى تربيتهم هو وشقيقاته .

أضاف أن "والدته"، علمته الاعتماد على نفسه فى كل صغيرة وكبيرة، حتى انها اكسبته مهارة الطبخ، وعمه "عيد"، علمه أخلاق الرجال عند كل موقف، وانهم رغم انهم غير مبصرين هم من يساعدونهم .

نجل-عيد-وعايدة

وتابع انهما قاموا بتجهيز شقيقاته والوقوف معهن حتى بعد الزواج،  ولا يزالان حتى مع تقدم العمر والأمراض وصعوبة الأحوال يراعونهم كأنهم أطفال صغار.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة