أعرب الكاتب والمؤرخ السياسى البريطانى تيموثى جارتون عن دهشته لماذا يكرر الغرب نفس الأخطاء مرارًا وتكرارًا، حيث رجع بالذاكرة إلى الوراء مُذكرا بما حدث إبان الحرب العالمية الأولى حين نظر الغرب إلى المسألة على أنها مجرد مشكلة فى البلقان أعقبها حادث إغتيال فى سراييفو ليستقيظ العالم ذات يوم على الحرب العالمية الأولى.
وأشار الكاتب،فى مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن الغرب ارتكب نفس الخطأ حين نظر إلى الخطر الذى يمثله هتلر على تشيكوسلوفاكيا على أنه خلاف فى بلد بعيد لا يمثل أى أهمية للغرب ليجد نفسه مرة أخرى أمام الحرب العالمية الثانية، ويتكرر نفس الخطأ حين ينظر الغرب إلى استيلاء جوزيف ستالين على بولندا بعد عام 1945 على أنه مسألة لا تعنيه لتؤدى تلك الخطوة إلى الحرب الباردة.
وقال الكاتب أن الغرب يكرر نفس الخطأ حاليًا ولن يفيق إلا بعد فوات الأوان ليتخذ موقفا إزاء التداعيات الناجمة عن حصار فلاديمير بوتين للقرم عام 2014، حيث نحتاج فى مثل هذه اللحظات إلى الحزم والشجاعة ولكن ما نحتاجه أكثر هو الحكمة والتى تستلزم الحرص فى استخدام هذه الحكمة.
وأوضح أن هذه المرة ليست حربًا عالمية ثالثة ولكنها خطر أكبر من مجرد غزو السوفييت للمجر عام 1956 أوغزوها لتشيكوسلوفاكيا عام 1968، لقد واجه السوفييت مقاومة شجاعة فى المجر عام 1956 ولكن الآن نجد فى أوكرانيا دولة ذات سيادة لها جيش كبير وشعب أعلن عن عزمه المقاومة لأنهم أن لم يقاوموا سيكون البديل هو احتلال بلادهم وإذا قاوموا ستكون أكبر حرب اندلعت فى تاريخ أوروبا منذ عام 1945.
فتلك المقاومة تواجه قوة من أقوى جيوش العالم تتمتع بمهارات عالية وتدريب جيد ومسلحة بأسلحة تقليدية وحوالى 6000 سلاح نووي. لقد أعلنها الرئيس الروسى صراحة فى إعلانه الحرب أمس الخميس مهددًا الجميع حين قال أن من يحاول أن يقف فى طريقنا عليه أن يتحمل عواقب وخيمة غير مسبوقة، لقد كان يهددنا بحرب نووية.
وأشار الكاتب إلى أن الغرب كان من الممكن أن يكون لديه الآن الوقت لتدارك أخطاء الماضى إذا بدأ عام 2014 فى التعامل مع بوتين على نحو أكثر جدية فقام بمساندة أوكرانيا لتعزيز قدرتها العسكرية وسعى إلى تقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية وفرض المزيد من العقوبات على نظام بوتين.
وقال الكاتب: "إذا كان الغرب اتخذ مثل هذه الإجراءت فى وقتها فربما كان موقفه أقوى الآن ".
وأضاف الكاتب " الآن ومع بداية انتشار غبار حرب قد بدأت لتوها أرى أن على أوروبا وجميع الدول الغربية أن تقوم بأربع خطوات أولها تأمين دفاع عن كل حبة رمل فى أراضى الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلسى ولاسيما الواقعة على الحدود مع روسيا وبيلاروس وأوكرانيا ضد أى هجوم، وثانيًا، علينا أن نقدم كل الدعم والمساندة للأوكراينيين الذين اختاروا أن يقاوموا للدفاع عن حرية بلادهم، ثالثًا، يجب فرض المزيد من العقوبات إلى جانب العقوبات الاقتصادية لتكون عقوبات شاملة تشمل طرد أى روسى له صلة بنظام بوتين، ورابعًا وأخيرًا، يجب على الروس أنفسهم أن يعلنوا رفضهم للحرب بدعوى أن تلك الحرب من أجلهم ".
وأخيرًا وليس آخرًا يجب علينا أن نستعد لصراع طويل قد يستمر لعدة سنوات وربما لعدة عقود كنتيجة حتمية لما حدث يوم 24 فبراير.