السيوف المغمدة فى مواجهة الرصاص .. ما قاله الجبرتى عن مذبحة المماليك

الثلاثاء، 01 مارس 2022 08:00 م
السيوف المغمدة فى مواجهة الرصاص .. ما قاله الجبرتى عن مذبحة المماليك مذبحة القلعة
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمراليوم ذكرى واحدة من أشهر الحوادث فى زمن محمد على باشا، هى مذبحة القلعة التى وقعت يوم 1مارس من سنة 1811، فما الذى يقوله الجبرتى فى كتابه الشهير "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار" عن هذه الواقعة الشهيرة؟

 

قال الجبرتى تحت عنوان "ذكر مقتل الأمرا المصريين وأتباعهم (مذبحة القلعة)":
 

فلما أصبح يوم الجمعة سادسه ركب الجميع وطلعوا إلى القلعة، وطلع المصرية بمماليكهم وأتباعهم وأجنادهم، فدخل الأمرا عند الباشا وصبحوا عليه وجلسوا معه حصة وشربوا القهوة وتضاحك معهم، ثم انجر الموكب على الوضع الذى رتبوه فانجر طايفة الدلاة وأميرهم المسمى أزون أوغلى، ومن خلفهم الوالى والمحتسب والوجاقلية والألداشات المصرية ومن تزيا بزيهم، ومن خلفهم طوايف العسكر الرجالة والخيالة والبيكباشيات وأرباب المناصب منهم، وإبراهيم أغا أغات الباب، وسليمان بك البواب يذهب ويجى ويرتب الموكب.

وكان الباشا قد بيت مع حسن باشا وصالح قوج والكتخدا فقط غدر المصرية وقتلهم، وأسر بذلك فى صبحها إبراهيم أغا أغات الباب، فلما انجر الموكب وفرغ طايفة الدلاة ومَن خلفهم مِن الوجاقلية والألداشات المصرية وانفصلوا من باب العزب، فعند ذلك أمر صالح قوج بغلق الباب، وعرَّف طايفته بالمراد فالتفتوا ضاربين بالمصرية، وقد انحصروا بأجمعهم فى المضيق المنحدر الحجر المقطوع فى أعلى باب العزب مسافة ما بين الباب الأعلى الذى يتوصل منه إلى رحبة سوق القلعة إلى الباب الأسفل، وقد أعدوا عدة من العساكر أوقفوهم على علاوى النقر الحجر والحيطان التى به، فلما حصل الضرب التحتانيين أراد الأمرا الرجوع القهقرى، فلم يمكنهم ذلك لانتظام الخيول فى مضيق النقر، وأخذهم ضرب البنادق والقرابين من خلفهم أيضًا، وعلم العسكر الواقفون بالأعالى المراد فضربوا أيضًا، فلما نظروا ما حل بها سقط فى أيديهم وارتبكوا فى أنفسهم وتحيروا فى أمرهم، ووقع منهم أشخاص كثيرة فنزلوا عن الخيول، واقتحم شاهين بك وسليمان بك البواب وآخرون فى عدة من مماليكهم راجعين إلى فوق والرصاص نازل عليهم من كل ناحية، ونزعوا ما كان عليهم من الفراوى والثياب الثقيلة، ولم يزالوا سايرين وشاهرين سيوفهم حتى وصلوا إلى الرحبة الوسطى المواجهة لقاعة الأعمدة، وقد سقط أكثرهم.

وأصيب شاهين بك وسقط إلى الأرض فقطعوا راسه وأسرعوا بها إلى الباشا ليأخذوا عليها البقشيش، وكان الباشا عندما ساروا بالموكب ركب من ديوان السراية وذهب إلى البيت الذى به الحريم، وهو بيت إسماعيل أفندى الضربخانة.

وأما سليمان بك البواب فهرب من حلاوة الروح وصعد إلى حايط البرج الكبير، فتابعوه بالضرب حتى سقط وقطعوا راسه أيضًا، وهرب كثير إلى بيت طوسون باشا يظن الالتجا به والاحتما فيه، فقتلوهم وأسرف العسكر فى قتل المصريين وسلب ما عليهم من الثياب ولم يرحموا أحدًا، وأظهروا كامن حقدهم وضَبَّعوا فيهم وفيمن رافقهم متجملًا معهم من أولاد الناس وأهالى البلد الذين تزيوا بزيهم لزينة الموكب وهم يصرخون ويستغيثون، ومنهم من يقول: أنا لست جنديًّا ولا مملوكًا، وآخر يقول: أنا لست من قبيلتهم، فلم يَرِقُّوا لصارخ ولا شاكٍ ولا مستغيث، وتتبعوا المتشتتين والهربانين فى نواحى القلعة وزواياها، والذين فروا ودخلوا فى البيوت والأماكن.

وقبضوا على من أمسك حيًّا ولم يمت من الرصاص أو متخلفًا عن الموكب وجالسًا مع الكتخدا، كأحمد بك الكيلارجى ويحيى بك الألفى وعلى كاشف الكبير، فسلبوا ثيابهم وجمعوهم إلى السجن تحت مجلس كتخدا بك.

ثم أحضروا أيضًا المشاعلى لرمى أعناقهم فى حوش الديوان واحدًا بعد واحد، من ضحوة النهار إلى أن مضى حصة من الليل فى المشاعل، حتى امتلأ الحوش من القتلى.

ومن مات من المشاهير المعروفين وانصرع فى طريق القلعة قطعوا راسه وسحبوا جثته إلى باقى الجثث، حتى إنهم ربطوا فى رجلَى شاهين بك ويديه حبالًا وسحبوه على الأرض مثل الحمار الميت إلى حوش الديوان؛ هذا ما حصل بالقلعة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة