أمضى الرئيس السادات وقته صباح يوم 3 أكتوبر، مثل هذا اليوم، من عام 1973، فى مراجعة اللمسات الأخيرة للخطط السياسية والعسكرية التى ستنفذ ضد إسرائيل يوم 6 أكتوبر، وكذلك البلاغات التى تقرر إصدارها، وفقا للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الطريق إلى رمضان»، مضيفا: «قدم حافظ إسماعيل مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومى إلى السادات مسودة البيانات التى ستلقى باسم مصر فى مجلس الأمن، والتعليمات التى سترسل إلى الدكتور محمد حسن الزيات وزير الخارجية، والذى كان موجودا فى نيويورك عقب بدء القتال مباشرة، وكان موجودا لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وفى إطار الترتيبات الأخرى، وفى ذات اليوم «3 أكتوبر» طار من القاهرة إلى دمشق الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية، واللواء بهى الدين نوفل رئيس هيئة أركان حرب القيادة الاتحادية، وحسب «هيكل» فإنه أمام خطورة الموقف اضطر الاثنان إلى تجاهل مبدأ أمنى أساسى وهو سفر اثنين من كبار الضباط على طائرة واحدة، وكان للرحلة هدفان، الأول هو إبلاغ السوريين اختيار يوم 6 أكتوبر 1973 موعدا لبدء حملة «بدر»، والاتفاق النهائى على الساعة التى سيبدأ فيها الهجوم ضد إسرائيل.
اجتمع الاثنان «إسماعيل ونوفل» فى دمشق مع وزير الدفاع السورى اللواء مصطفى طلاس، واللواء شكور رئيس الأركان، الذى أبدى ضيقا من تحديد موعد بدء الهجوم، وحسب هيكل: «احتج بأن ذلك خرقا للوعد الذى قطع لهم بمنحهم خمسة أيام كاملة لتفريغ معامل تكرير البترول فى «حمص»، وقال: من المستحيل أن تبدأ سوريا الهجوم يوم 6 أكتوبر، ولا بد من التأجيل يومين، كما أبدى قلقه البالغ من النبأ الذى أذاعته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن أن الجيشين الثانى والثالث فى مصر وضعا تحت التأهب.
رد الفريق أحمد إسماعيل، برفض التأجيل، مؤكدا أنه سيكون فى غاية الخطورة، ذلك أنه لو فرض أن إسرائيل لم تلتقط نبأ وكالة أنباء الشرق الأوسط، فإنه من الممكن فى أية لحظة أن تنتبه إلى التصاعد الشديد فى الاستعدادات المصرية فى جبهة القناة، بعدما بات من المتعذر إخفاؤها، وقال: «أملنا كبير أن نهاجم بأسرع وقت ممكن، فكل يوم يتأجل يتيح للعدو فرصة 24 ساعة أخرى يحسن استخدامها».
يذكر «هيكل»، أن القائدين السوريين قالا إن هذا خلاف لا يحله إلا الرئيس حافظ الأسد، وامتد الخلاف أيضا إلى ساعة بدء الهجوم، حيث رأى اللواء شكور أن يبدأ فى ضوء الفجر، فى حين تمسك أحمد إسماعيل بأن يكون الهجوم فى الوقت الذى تصبح فيه الشمس فى عيون العدو، وبالرغم من أن وجهات النظر هذه نوقشت من قبل إلا أنها أثيرت من جديد.
انتقل الخلاف إلى الرئيس حافظ الأسد، ويذكر «هيكل» أن الأسد استمع إلى آراء الجانبين وفيها أكد «إسماعيل» أنه إذا فاتت هذه الفرصة فسيمضى وقت طويل قبل أن يمكن تنسيق العمل على الجبهتين فى مثل هذه الظروف المواتية، واقترح كحل وسط أن يبدأ الهجوم فى الساعة الثانية بعد الظهر.
رد حافظ الأسد بأنه لا يود أن يتسبب فى أية تعقيدات فى اللحظة الأخيرة، ووافق على يوم 6 وعلى البدء فى الثانية بعد الظهر، قائلا «إنها تهيئ لكل منا بعض المزايا»، وقال اللواء شكور إن حماس السوريين بالنسبة للمعركة لم يتأثر على الإطلاق بالتغيرات التى حدثت، وأضاف: «إذا حدث فشل على الجبهة المصرية فإنه سيكون بمثابة نهاية العرب، ونهاية سوريا أيضا، أما إذا حدث الفشل على الجبهة السورية فلن يكون فى ذلك النهاية، إن آمالنا كلها معلقة على مصر».
سأل الرئيس الأسد، القائدين عما إذا كانا يظنان أن الإسرائيليين سيضربون المدن، فرد أحمد إسماعيل: «نحن مستعدون وإذا ضربوا مدننا سنضرب مدنهم»، وعاد اللواء شكور تأكيداته على أن تبذل سوريا كل ما فى وسعها لضمان النجاح على الجبهة المصرية، قائلا: «إذا سقطت دمشق فإن من الممكن استعادتها، أما إذا سقطت القاهرة، فإن الأمة العربية كلها ستسقط».
يكشف هيكل، أنه اتفق فى الاجتماع على ألا يعود القائدان «إسماعيل ونوفل» على طائرة واحدة، ويعود اللواء نوفل عن طريق عمان لإبلاغ الأردنيين تحذيرا مقنعا بالنسبة إلى خطورة الموقف، ويضيف هيكل: «اجتمع نوفل برئيس الأركان الأردنى، وأبلغه أن لدى مصر معلومات أن الإسرائيليين يعبئون قواتهم وأنهم ربما كانوا يخططون لشىء ضد سوريا، ونصح الأردنيين بإعلان حالة التأهب والاستعداد لأى احتمال، كذلك فإنه انتهز فرصة وجوده هناك ليتفق على شفرة جديدة للاتصال مع عمان».