امل الحناوى

الجمهورية الجديدة .. بين ثورتي 23 يوليو و30 يونيو

السبت، 27 يوليو 2024 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحتفل مصر والمصريون هذه الأيام، بالذكرى الثانية والسبعين لثورة 23 يوليو عام 1952، التي قام بها الضباط الأحرار، وكانت السبب في إنشاء الجمهورية الرئاسية بدلاً من الدولة الملكية.. فمنذ أكثر من 7 عقود، تنازل الملك فاروق عن عرش مصر لولي عهده أحمد فؤاد الثاني، وغادر البلاد كآخر ملوك مصر وآخر من حكم من الأسرة العلوية، واستمر حكمه 16 عاماً.

وفي تمام الساعة السادسة والعشرين دقيقة مساء يوم 26 يوليو من عام 1952، غادر الملك فاروق مصر إلى إيطاليا، على ظهر اليخت الملكي المحروسة – وبالمناسبة هو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم – وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار، الذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر، بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه، كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها.

ووفقاً للوثيقة التي تم توقيعها في قصر رأس التين بالإسكندرية في 26 يوليو 1952، تشكلت لجنة الوصاية على العرش من الأمير محمد عبد المنعم وبهي الدين باشا بركات والقائم مقام رشاد مهنا، إلى أن تم إعلان الجمهورية في 18 يونيو عام 1953.
ثورة 23 يوليو مثلت نقطة تحول جوهرية في التاريخ المصري الحديث، حيث سطّرت ملحمة وحدة المصريين نحو رفعة الوطن، وأضافت فصلاً مضيئاً لتاريخنا المعاصر يحمل أسمى معاني التضحية من أجل سيادة مصر وسلامة أراضيها، بل كانت المنطلق لكل الثورات وحركات التحرر الإقليمية والعالمية.

كانت حرباً حقيقية على كل الأوضاع الظالمة التي عاشها الشعب المصري والشعوب العربية والأفريقية، نتيجة الاستعمار الأوروبي الذي نهب ثروات الشعوب واستعبد الأبناء.. لهذا ثار الجيش المصري العظيم في ذاك اليوم، ليحرر الوطن من الاستعمار، ويبني مجتمعاً جديداً يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ويقيم نهضة صناعية كبرى تغطي احتياجات المصريين وتغنيهم عن الاستيراد وتحقق الاكتفاء الذاتي في الملبس والمأكل والدواء.

بقراءة نتائج ثورة يوليو في سياقها التاريخي وفهم عمق تأثيرها، نجد أنها كانت ثورة كرامة، أعادت للمواطن المصري هيبته وأعادت مصر للمصريين، وأسست لشعار "صنع في مصر" من خلال أسطول من المصانع المصرية التي أُنشئت بأيدي وإدارة مصرية، وأعادت إلى مصر كل شبر من أراضيها وسيطرتها على مقدراتها وفي مقدمتها كامل التراب المصري وقناة السويس، كما أخرجت أجيالاً متعددة من رجال الدولة والعلماء والأدباء والفنانين في جميع المجالات.

وما أشبه اليوم بالبارحة.. فكما ثار الجيش العظيم  في 23 يوليو عام 1952، انحازت القوات المسلحة الباسلة في 3 يوليو عام 2013 إلى إرادة ملايين المصريين الذين انتفضوا في شوارع وميادين الجمهورية خلال ثورة 30 يونيو المجيدة، لإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية.

واليوم، بعد 72 عاماً، نعيش في رحاب الجمهورية الجديدة التي أسسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويقودها بكل كفاءة وحكمة واقتدار.. الجمهورية الجديدة التي تسعى بجدية لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملاً صحياً وعقلياً وثقافياً، وتصون كرامته، وذلك من خلال القناعة الكاملة بأن الانسان المصري هو كنز الوطن وأيقونة انتصاره ومجده.. الجمهورية الجديدة التي تسعى لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة تمتلك قدرات شاملة وقوية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، دولة تعمل على إعلاء مفهوم المواطنة وقبول الآخر، وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في كافة ربوع الوطن، وتتطلع لتحقيق بنية سياسية تحقق حاوية للمجتمع المصري و قائمة على ترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية.

وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية وحتى الآن، بذلت القيادة السياسية جهوداً جبارة في مسار الجمهورية الجديدة، وأطلقت العنان لتوجيهات صارمة بتطوير شامل في البنية التحتية، وإنشاء المشروعات الاقتصادية العملاقة، وتوسيع الاستثمارات والشراكات، وإنعاش صناعة السياحة، وتحقيق طفرة في التعليم، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الخدمات العامة، ودعم المواطنين الأكثر احتياجاً عبر قرارات دورية ومبادرات رئاسية عديدة على رأسها مبادرة حياة كريمة، إلى جانب الارتقاء بالصحة العامة للمواطن من خلال مبادرات متميزة في مقدمتها مبادرة 100 مليون صحة والقضاء على فيروس سي وانتهاء قوائم انتظار العمليات الجراحية والتعامل الحكيم مع جائحة كورونا وتأسيس العديد من المستشفيات والمراكز الطبية العالمية لخدمة المصريين.

الزعيم عبد الفتاح السيسي، كان حريصاً على مشاركة المصريين الاحتفاء بالذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو المجيدة، كعادته دوماً مشاركة المواطنين كل المناسبات، وأكد الرئيس السيسي في كلمته بهذه المناسبة العطرة، أن دروس ثورة يوليو وتجربتها، علمتنا عدم التفريط أبداً في الاستقلال الوطني وصون كرامة الوطن ومواطنيه، وبذل أقصى الجهد تحت جميع الظروف لتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر احتياجاً.

وبالفعل، رسخت ثورة يوليو دور مصر الفاعل في محيطها العربي والأفريقي، وإسهامها الكبير في الدفاع عن حقوق ومصالح دول الجنوب في جميع قارات العالم، وهو ما حافظت عليه مصر من خلال دور نشط وقيادي في المحافل الدولية المختلفة.. وتواكبت مصر مع تغيرات الزمن فانفتحت على العالم وجاهدت لتحسين قدراتها الاقتصادية والاستثمارية والعمرانية والصناعية، واندمجت في منظومة التجارة العالمية مع التركيز الدائم على حماية الاقتصاد الوطني بقدر المستطاع من تقلبات الاقتصاد العالمي وصدماته، والعمل من خلال منظومات متكاملة وفاعلة على توفير الحماية الاجتماعية اللازمة.. كما حافظت مصر على أرضها وسيادتها واستقلالها، وأرست سلاماً قائماً على العدل واسترداد الأرض، مع التمسك الراسخ والثابت بحقوق أشقائها ومصالحهم، وخاصة الأشقاء الفلسطينيين وحماية قضيتهم العادلة من التصفية، والعمل المكثف لمساندة حقهم المشروع في الدولة المستقلة ذات السيادة.

كلمات الرئيس السيسي في ذكرى ثورة يوليو، حملت تحذيرات من الوضع الإقليمي والدولي الراهن بتأكيده على  أن هذا الوضع يفرض على مصر وغيرها من الدول تحديات جديدة وأوضاعاً مركبة، فما بين زيادة التوتر والمواجهات الجيوسياسية على مستوى النظام الدولي إلى ما يعاني منه المحيط الإقليمي من انتشار الحروب والصراعات والاقتتال الأهلي وتمزق بعض الدول وانهيار مؤسساتها والأوضاع الإنسانية الكارثية وانتشار المجاعات والنزوح بالملايين، تضيف هذه الظروف غير المسبوقة أعباءً هائلة على مصر لا يخفف منها سوى قوة شعب مصر العظيم وصلابته أمام الشدائد وتماسكه ووحدته كالبنيان يشد بعضه بعضاً.

وبالتأكيد، ستعبر مصر هذه المرحلة المضطربة إقليمياً ودولياً، وستواصل تقدمها ومسيرة تنميتها وبناء دولتها بما يحقق تطلعات جميع المصريين، في وطن حر كريم ومستقبل مشرق لجميع أبناء الوطن.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة