فى يوم وليلة تحولت مدينة بومبى القديمة الإيطالية، إلى رماد، واختفت معالمها وسكانها تحت الرماد منذ مئات السنين، وذلك بسبب الانفجار البركانى لجبل فيزوف 79 ميلاديا، لذا ستظل المدينة محور اهتمام الباحثين والدارسين الذين يحاولون اكتشافها من جديد للوصول لأى معلومات عن المدينة وأهلها.
كشفت دراسة حديثة، أجريت عن مدينة بومبى القديمة، تفيد أنه قبل حدوت الانفجار البركانى، كانت الحياة اليومية للمدينة مليئة بالأحزاب والصراعات. وأوضحت الدراسة، أن علماء الآثار تمكنوا من فك شفرة كتبت على جدران قبر فى بومبى قديما توضح هذه الصراعات اليومية، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع "لايف ساينس".
وأشارت الدراسة، إلى أن النقوش تصف حفلاً ضخماً لشاب ثرى، ضم الحفل مأدبة تخدم 6840 شخصًا، وأيضا تصور عروضا قتالية لـ 416 مصارعًا على مدار عدة أيام.
وكتب ماسيمو أوسانا ، المدير العام لحديقة بومبى الأثرية ، فى ورقة نشرت من مجلة الآثار الرومانية ، أن النقوش تحكى أيضًا الأوقات الصعبة التى مرت بها بومبى بما فى فيها المجاعة التى استمرت أربع سنوات، إضافة إلى عروض مصارعة أخرى انتهت إلى حدوث أعمال شغب عامة.
وأوضح ماسيمو أوسانا، أنه فك الرموز التى تحملها النقوش وتوصل إلى بعض النتائج التى تمد الباحثين بمزيد من المعلومات الجديدة عن الأشخاص الذين عاشوا فى بومبى.
وقام ماسيمو أوسانا بشرح النقوش بالتفاصيل، حيث قال إن النقش تصور رجلا أثريا شابا، ألقى حفلاً هائلاً للمصارعين وقام بتقديم مأدبة طعام للحاضرين، مضيفا أن هذه المعلومات يمكن أن تساعد الباحثين على تحديد عدد الأشخاص الذين عاشوا فى بومبى قبلان يدمرها البركان.
بقايا الأثرية فى مدينة بومبى
عدد سكان مدينة بومبى القديمة
واستطرد مايسمو أوسانا، أن أكثر من 840 شخصا حضروا المأدبة، ومن المحتمل أن مأدبة الطعام تضم فقط الراشدين البالغين الذين يتمتعون بالحقوق السياسية، لذا فهؤلاء الرجال ربما يشكلون حوالى 27 ٪ إلى 30 ٪ من سكان بومبى.
واستنتج مايسمو أوسانا، من النقوش أن بلغ عدد سكان بومبى حوالى 30 ألف شخص.
النقوش التى وجدت على القبر
شارك 416 مصارعا فى بومبى
وتبزر النقوش، أن عروض المصارعة التى قدمها الرجل الثرى كان تنظيمها روعة، حيث شارك فيها 416 مصارعًا. وكتب أوسانا أن العرض بهذا الحجم كان سيستغرق عدة أيام، إن لم يكن أسبوعًا ، وذلك لأن عدد المصارعين كبير وبالتالى فهناك 213 معركة منفصلة يخوضها كل مصارع على حدة.
تعرضوا لمجاعة لمدة 4 سنوات
يذكر النقش أيضًا المجاعة التى حلت على بومبى، وقيام الأثرياء بيع القمح بأسعار مخفضة وتنظيم توزيع رغيف الخبز المجانى.
قال أوسانا، إن فسيفساء شهيرة من بومبي تظهر ثلاثة أشخاص، من بينهم طفل، فى كشك ينتظر الحصول على الخبز، مضيفا أنه قبل 20 عامًا فقط من ثوران فيزوف عام 59 م ، اندلعت أعمال شغب خلال عرض مصارع ، وفقًا للنقوش، وهذا ما ذكره أيضا المؤرخ الرومانى القديم تاسيتوس (56-120 م) فى كتابه "حوليات".
وتقول النفوش، نتيجة لأعمال الشغب ، أمر الإمبراطور نيرو "السلطات الرومانية" بترحيل المشاغبين المشاركين فى الشغب خارج المدينة.
وكتب أوسانا أن النقش يدعى أن الرجل الثرى تحدث إلى نيرو، وأقنع الإمبراطور بالسماح لبعض المواطنين المرحلين بالعودة إلى بومبى.
الرجل الثرى
من هو الرجل الأثرى؟
يعتقد أوسانا، أن اسم الرجل الأثرى وموقعه منقوش فى جزء من المقبرة التى دُمرت الآن ؛ حيث تم نهبها فى القرن التاسع عشر.
وكتب أوسانا، أن هوية الرجل الأثرى يمكن أن تكون "جانيوس أليوس نيجيديوس مايوس"، وهو رجل ورد ذكره فى نقوش أخرى من بومبى، ووصف مايوس بأنه رجل يتمتع بثروة كبيرة وقوة عاش حوالى 59 عامًا.