لايزال "أوتزى أو كما يطلق عليه "رجل الثلج"، أقدم مومياء فى أوروبا، يبوح بأسراره، فرغم رحيله منذ 5300 عام، لكن لم يتركه أحد فى شأنه، فالباحثون يواصلون تحقيقهم فى عدة اتجاهات فعن حياته تارة وعن سبب موته تارة أخرى، فمؤخرًا كشفت دراسة حديثة عن رحلة مومياء رجل الثلج الخيرة، تكشف عن رحلته الأخيرة.
فالمومياء التى عثر عليها فى جبال الألب، على الحدود بين النمسا وإيطاليا، محفوظة بشكل طبيعى فى الجليد منذ العصر النحاسى أى نحو 3400 ق.م من قبل المتجولين فى عام 1991، حيث كانت ذائبة حينها، على بعد نحو 3210 أمتار فوق مستوى سطح البحر.
ووجد جسمه متجمدا مع ملابسه ومعداته، حسب ما جاء فى موقع " mirror"، بالإضافة إلى عدد كبير من آثار النباتات والفطريات المحفوظة فوق ملابسه وفى أمعائه، واستقر رجل العصر النحاسى فى الجهة الشرقية من مدينة Fineilspitze وعلى قمة فى جبال الألب فى أوتتزتال، التى اشتق منها اسمه.
وحدد العلماء الآلاف من شظايا الطحالب والنباتات الكبدية المحفوظة فى أمعاء مومياء أوتزى، والملابس، والتى تمثل ما لا يقل عن 75 نوعا مختلفا، 30% منها تبدو محلية، وساعدت الـ70% المتبقية، العلماء على إثبات أن أوتزى صعد سلسلة الجبال من الجنوب إلى الشمال عبر وادى Schnalstal، بدلا من الوديان المجاورة الأخرى، فى جنوب تيرول الحديثة فى إيطاليا.
وأظهرت النتائج أن العديد من أنواع الطحالب التى تحتويها مومياء "رجل الثلج"، تزدهر اليوم فى وادى Schnalstal السفلى، وهو أكبر دليل على الطريق الذى سلكه أوتزى للوصول إلى مكان راحته الأخير.
ومن المعروف كثرة الدراسات على مومياء رجل الثلج، ففى دراسة إيطالية حديثة باستخدام تقنية الـ 3D، أثبتت أن رجل الثلج الأسطورى "أوتزى"، قتل بواسطة السهم منذ 5300 سنة، ويعتقد علماء آثار إيطاليون أن من قتل "أوتزى" صياد أو محارب، وفى الغالب تم قتله فى مناوشة مع قبيلة منافسة.
وقال توماس بونفيرت، محرر الصور ومخرج الفيلم المصاحب للدراسة، الذى أنتجته هيئة الإذاعة النمساوية العامة أورف، إنه مهتم بإيجاد دليل على إصابة أوتزى بالسهم، وأثناء إجراء الدراسة اكتشف فريق من العلماء الإيطاليين، أن آخر وجبة تناولها "أوتزى" قبل موته، هى ألياف من لحوم الماعز الجبلى وكانت دهنية جداً، وأظهر تحليل آخر عن معدة أوتزى، والتى تبين أنه تناول نظاما غذائيا خاليا من الألبان.
وقال الخبراء، إن أوتزى عانى من أسنان سيئة، مثل كثير من أبناء عصره، فقد تلاشت أضراسه، وأصيبت أسنانه الأمامية بأضرار بالغة وقت وقوع الحادثة.
وفى دراسة أخرى إيطالية أيضا، كشف باحثون فى إيطاليا، أن أوتزى غامر وابتعد فى النهر الجليدى على مسافة تبلغ 45 ميلاً (70 كم) من منزله لجمع الحجارة لأدواته، واكتشفوا أيضا وجود تأثيرات من ثقافات جبال الألب البعيدة، من خلال إجراء مقارنة من 5300 سنة مع آخرين من تلك الفترة، حسب ما ذكر موقع "ديلى ميل البريطانى".
وتابع الباحثون، أنهم قاموا بتحليل أدوات أوتزى لمعرفة المزيد عن حياته والأحداث التى أدت إلى وفاته، وقاموا باستخدام مجاهر عالية القدرة ومسح ضوئى محسوب (CT) لفحص مجموعة أدوات - والتى تضمنت خنجرًا، وثقبًا، وقشورًا، ومنشِّطا، ورؤوسًا للسهام، ويكشف هيكل الأدوات أن الحجر تم جمعه من العديد من النتوءات المختلفة فى منطقة ترينتينو الإيطالية.
كما قدم عدد من الخبراء، دراسة أيضا عن رجل الثلج "أوتزى"، وتبين من خلال الدراسة أنه استخدم الوخز بالإبر لتخفيف آلام المفاصل قبل 5300 عام.
وقال الخبراء، إن "أوتزى" استخدم الوخز بالإبر لتخفيف الألم الذى عانى منه فى القدمين والمعصمين، مضيفين أن هذا يدل على أن لديه ثقافة صحية بدائية، بحسب ما ذكر موقع "ديلى ميل" البريطانى.
وأوضح الخبراء، أن النتائج تشير إلى أن الرعاية الصحية فى وقت رجل الثلج كانت متطورة بشكل مدهش، وقد وجدت الأبحاث السابقة أن أوتزى كان يحمل معه ويتناول مجموعة مختلفة من الأدوية للأمراض التى كان يعانى منها، كما أكد الخبراء أن أوتزى، كانت لديه معرفة بثقافة التشريح وكيفية معرفة الأمراض، على الرغم من عدم وضوح مدى فعالية علاجاتها.
رسم
ويقدر طول مومياء أوتزى بنحو 1.52 مترا ويعتقد أن وزنه يبلغ 50 كيلو عندما كان حيا، وكان لديه شعر داكن متوسط الطول وعينيان بنيتان ولديه لحية، كما قدر العلماء أن عمره كان 45 عاما فى وقت وفاته.