حافظ أبو سعدة

المبادئ فوق الدستورية...

الخميس، 21 يوليو 2011 04:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
موقف بعض القوى السياسية الرافض لصياغة المبادئ العليا المسماة مبادئ غير دستورية - كاشف لاتجاهات إقصائية، تريد أن تسيطر على الأوضاع وأن تفرض تصوراتها المعتقدية على المجتمع المصرى بأكمله دون أدنى اعتبار لقيم التنوع والاختلاف وضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين المصريين بصرف النظر عن الانتماء السياسى أو الدينى.

وضح هذا منذ أن طرح المجلس العسكرى وضع مجموعة من المبادئ فوق الدستورية التى تحكم الحياة السياسية فى المرحلة المقبلة، وكلف أحد قادة الأحزاب السياسية بجمع الوثائق المطروحة من القوى السياسية المختلفة، مثل وثائق: الأزهر، والمجلس الوطنى، والتحالف الديمقراطى، والدكتور محمد البرادعى، والبسطويسى، والدستور الشعبى، ليتم التوافق بين هذه المقترحات وصياغة مجموعة من المبادئ الدستورية العامة التى تحكم الحياة السياسية فى المرحلة المقبلة وتستلهم نصوصها من قواعد الشرعية الدولية والاتفاقيات والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر وبالتالى أصبحت- بموجب التشريع المصرى- جزءاً من نظامها التشريعى الداخلى.

وتقوم المبادئ الدستورية التى طرحتها هذه القوى فى شكلها الأساسى على التأكيد على مدنية الدولة وديمقراطية بنائها ومساواتها بين كل المواطنين، وعدم اختزال الديمقراطية فى صندوق انتخاب، والحفاظ على حرية الاعتقاد، وكفالة حرية الرأى والتعبير لجميع المصريين، وذلك حتى يكون الدستور معبراً عن جموع الشعب المصرى. ونجد أن قضية المبادئ فوق الدستورية ليست أمراً مستحدثا فى التاريخ السياسى بشكل عام، فهناك العديد من الدول التى سبقت مصر فى سن مجموعة من المبادئ فوق الدستورية، وذلك فى سياق تحولاتها الديمقراطية وثورتها ضد الأنظمة القمعية ومنها وثيقة الماجنا كارتا، التى تم سنها فى عام 1215 باسم «الميثاق العظيم للحريات فى إنجلترا» وذلك لمطالبة الملك بمنح حريات معينة وأن يقبل بأن حريته لن تكون مطلقة، وأن يوافق علناً على عدم معاقبة أى رجل حر إلا بموجب قانون الدولة، وكانت هذه الوثيقة أول ميثاق للحد من سلطة الملك، وكذا إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذى أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية فى 26 أغسطس لعام 1789، حيث يعتبر هذا الإعلان وثيقة حقوق من وثائق الثورة الفرنسية الأساسية وتُعرّف فيها الحقوق الفردية والجماعية للأمة. وكذا وثيقة الحقوق فى دستور الولايات المتحدة الأمريكية التى صاغها جيمس ماديسون، وصدرت فى ديسمبر لعام 1791، وهى تتألف من عشرة بنود، وتسعى لضمان الحريات المدنية.

وهنا فإن فكرة المبادئ فوق الدستورية ليست فكرة جديدة ولكن سبقتنا الدول الديمقراطية فى ذلك بعدة قرون، ولكن بالرغم من ذلك فبمجرد طرح هذه الفكرة شهدت الساحة المصرية جدلاً بين العديد من القوى السياسية، فقد رفضت التيارات الإسلامية هذه الفكرة بحجة أن هذه المبادئ فوق الدستورية تنزع حقا أصيلا للشعب فى النظم الديمقراطية، وهو أنه مصدر السلطات، ، وقد أصدر «ائتلاف القـوى الإسلامية» الذى يضم جماعة «الإخوان المسلمين» و«الجماعة الإسلامية» وجماعة «الدعوة السلفية» و«الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» وجماعة «أنصار السنة المحمدية» و«مجلس شورى العلماء» بيانا شديد اللهجة أكدوا فيه رفضهم كل محاولة لاغتيال إرادة واختيار الشعب المصرى وفقا لتصورهم طبعا، وفى الحقيقة فإنهم يريدون أن يكون وضع الدستور لمن يحصل على الأغلبية فى البرلمان القادم وهم يعتقدون أنهم حاصلون على الأغلبية لامحالة، وهنا يجب النظر بقوة وتعمق فى الأمر، سواء بين القوى التى طرحت هذه الوثيقة، والقوى التى ترفضها، فالأحزاب السياسية التى أيدت وضع مجموعة من المبادئ فوق الدستورية ومنها المجلس الوطنى - الذى يضم طيفا واسعا من القوى السياسية باستثناء الإخوان المسلمين - ترغب فى أن يتم الاتفاق على المبادئ الحاكمة والأساسية للدستور، بما يزيل مخاوف انفراد تيار سياسى بوضع الدستور وفقا لتصوراته المعتقدية وبما ينتقص من حقوق الأقليات الدينية، أو يضع قيودا على الحقوق والحريات الأساسية، أما القوى الإسلامية فهى مستعدة للانتخابات القادمة ومعها ميراث تعاملها مع الشارع السياسى فى فترة النظام البائد، ولديها تصور خاص للدستور، وهنا فإن الدعوة إلى طرح مبادئ جديدة فوق دستورية تعد حلاً توافقيا، كما أن تحقيق هذا التوافق سينعكس على تحقيق الاستقرار السياسى فى مصر بضمان الحقوق والحريات للجميع.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة