تمر اليوم الذكرى الـ 762، على سقوط عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية بغداد، على يد المغول بقيادة هولاكو خان، 10 فبراير 1258م، بعد أن حاصرها 12 يوما، فدمرها وأباد معظم سكانها.
وكان سقوط بغداد خسارة فادحة للثقافة والحضارة الإسلامية، بعدما احترقت الكثير من المؤلَفات القيمة والنفيسة في مختلف المجالات العلمية والفلسفية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، حيث أضرم المغول النار في بيت الحكمة، وهي إحدى أعظم مكتبات العالم القديم آنذاك، وألقوا بالكُتب في نهرى دجلة والفرات، حتى يقال أن ماء نهر دجلة تحول الى الأحمر والأزرق بفعل دماء القتلى وحبر الكتب التي أغرقت.
فيذكر كتاب " أطلس تاريخ العصر المملوكي" للدكتور سامي بن عبدالله المغلوث، أن جنود هولاكو اتلفو عددا كبيرا من الكتب القيمة في مكتبات بغداد التي أفرزتها العقول النيرة، حتى إنهم ملأوا نهر دجلة بالكتب وجعلوها جسورا لخيولهم، فتحولت مياه النهر الأزرق الصافى إلى الأزرق الصافى إلى اللون الأسود من اختلاطها بالمداد.
كما جاء في كتاب " منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" تأليف فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومى، أن "هجمات المغول وسقوط الدولة العباسية وقيام المغول بقتل الكثير من العلماء ورميهم للكتب العلمية في نهر دجلة حتى صار ماؤه أزرق ثلاث أيام، كما يذكر المؤرخون".
وقال الدكتور جاسم الحريرى، في كتابه " العلاقات بين العراق ومحيطه الاقليمي والدولي بعد 2003م": "أن نهر دجلة تغير لونه إلى الأسود والأزرق الغامق بسبب كثرة الكتب التي قذفت فيه، تناثر حبرها فيه، ناهيك أن بعدض الدراسات قالت أن النهر أيضا اصطبغ باللون الأحمر نظرا لابتلاعه وامتلائه بالجثث البشرية، ونزف الكثير منها حتى الموت".
لكن هذه الرواية هناك من يكذبها، فيرى الكاتب والمفكر العراقى على الكاش في مقال له بعنوان " اكذوبة تحول ماء دجلة الى ازرق بسبب اغراق الكتب خلال الغزو المغولي" أن ما يقال عن تحول ماء نهر دجلة إلى الأحمر والأزرق بفعل دماء القتلى وحبر الكتب التي أغرقت، لا يمكن ان يعقلها عاقل، لأن الماء جاري وليس راكدا، ولا يمكن أن يكتسب اللون الأحمر مهما كان عدد القتلى، سيما ان المؤرخين أنفسهم يخبرونا ان الجثث كانت مرمية في الطرقات وليس نهر دجلة.
وهو ما أتفق معه الكاتب نعيم الهاشمى الخفاجى في مقال له: قائلا "تحول إلى الأحمر والأزرق بفعل دماء القتلى وحبر الكتب التي أغرقت، لا يمكن ان يعقلها عاقل، في ذلك الوقت لا توجد سدود وجسور لذلك المياه تجري بسرعة قوية الماء جاري وليس راكدا، ولا يمكن أن يتحول الى اللون الأحمر مهما كان عدد القتلى".