شهد التاريخ الدينى على مدى العصور عددًا من الحروب التى رفع فيها المتطرفون راية الدين، وأبادوا البشر وقتلوا الأبرياء بحجة إعلاء كلمة الله وخدمة الدين، لكن ربما لم يكن إلا صورًا من صور قتل الآخرين، أو لأسباب سياسية طمعا فى السطو على أراض وسرقة حقوق الغير.
وعلى مدار التاريخ الإنسانى وحتى الآن لايزال يقوم المتعصبون من مختلف الأديان بعمليات إرهابية، ويعتبرونها جهاد من أجل رفع كلمة الرب عالية، وكأن الله وكلهم كى ينصرونه، ويقتلون الناس ويسفكون الدماء، ومن صور التطرف التى اعتبرها أصحابها من المتطرفين جهاد دينى:
مجازر جيش الاحتلال ضد الأطفال على خطى يوشع بن نون
أباد يوشع بن نون النبى التوراتى الذى خرج ببنى إسرائيل من التيه ودخل بهم بيت المقدس (أورشليم) بعد حصار، قتل فيه أكثر اثنى عشر ألفًا، فى عملية قتل جماعى فى شوارع المدينة، وهى تجسيد لقرار الرب يهوه، وحقق بها ومن خلالها يشوع إثارة الخوف والرعب فى نفوس سكان المدينة الكنعانية، وكان لأفعال الإبادة والحرق التى أجراها.
وجاء ذلك تماشيا مع ما ورد النص التوراتى: "ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار.. فكان جميع الذين سقطوا فى ذلك اليوم من رجال ونساء أثنى عشر ألفًا جميع أهل عاى. ويشوع لم يرد يده بالمزراق حتى حرَّم جميع سكان عاي.. وأحرق يشوع عاى وجعلها تلًا أبديا خرابًا إلى هذا اليوم" (يش 8: 19-28).
وبحسب ما قاله دكتور محمد عمارة: "فإن النبى التوراتى يوشع بن نون ادعى أن الأوامر الإلهية أن تدعوهم إلى تدمير كل الأغيار من البشر إلى الشجر إلى الحجر، ومن الحيوان إلى الطبيعة، ومن الكبار إلى الأطفال، ومن الرجال إلى النساء"، ولعل ما تقوم به قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الأطفال والأبرياء فى فلسطين، يسير على خطى السفاح الأول يوشع، ولا يزالوا يرتكبون العديد من المجازر ضد الشعب الفلسطينى الاعزل.
جهاد العصور المسيحية الأولى وصكوك غفران احتلال القدس
شهدت فترة القرن الرابع الميلادى فى مدينة الإسكندرية العديد من الممارسات العنيفة، كان من بينها اقتحام عناصر للجماعات المتطرفة لمكتبة الإسكندرية التى كانت صرحا من صروح العلم، والاعتداء على المعابد الإغريقية والرومانية، وهدم التماثيل وحرق الأبحاث العلمية والخرائط التى انتمت إلى العصر "الوثنى"، فى الوقت الذى حاول بعض أصحاب الدين الجديد "المسيحية" إثبات ولائهم لدينهم وتجنيب كل ما يمكنه تعكير صفو المؤمنين به، وانتشرت فى ذلك الوقت أيضا دعوات الفتك باليهود والاعتداء على ممتلكاتهم وقتلهم، والتى تبناها الأسقف سيرل أيضا الذى حرض ضد هيباتيا.
ويتهم الأسقف "سيرل" بالتحريض ضد هيباتيا، التى تعتبر أول شهيدة علم فى التاريخ، لأنه كان يدعو لبقاء النساء فى منازلهن لعدم أحقيتهن فى العمل، وحظر حتى التفكير عليهن أو الاستماع لآرائهن، وهو أول من أطلق لقب "ساحرة" على الفيلسوفة التى كان يتوافد عليها طلبة العلم من كل صوب وحدب.
الحروب الصليبية سلسلة من الصراعات العسكرية ذات الطابع الدينى التى خاضتها الكثير من دول أوروبا المسيحية ضد المشرق، فى نوفمبر 1095م، تحديدًا عُقد العزم على قتال المسلمين فى الشرق، وذلك عندما ناشد البابا "أوربان الثانى" رجال الدين وأمراء أوروبا بشن حرب على المسلمين لتخليص الأرض المقدسة من سيطرتهم إرضاء للمسيح، ومن الأفكار التى أشاعها البابوات آنذاك لحث الناس على المشاركة فى هذه الحملات، اقتراب يوم القيامة، وانتهاء الحياة الدنيا، وربطوا ذلك بمرور ألف سنة على مجىء المسيح.
وفى العصور الحديثة كانت هناك جيش الرب للمقاومة تعرف ايضاً باسم حركة الرب للمقاومة هي حركة تمرد مسيحية في شمال أوغندا مسلحة ارتبكت مجازر ضد الأبرياء تحت راية الدين، والآن لم يتوقف التعصب ضد اصحاب الأديان الأخرى، وخاصة المسلمين، حيث تجاوز المتطرفون هناك اتجاهات العداء للمسلمين في الدول الأوروبية مجرد الخطابات الشعبوية التي تتبناها التيارات اليمينية المتطرفة؛ حيث انتشرت في الآونة الأخيرة حملات تهديد للمسلمين واعتداءات جسدية ولفظية على المحجبات والملتحين، بالإضافة إلى كتابة شعارات نازية على منازل المسلمين أو الاعتداء عليها، وصولًا لإتلاف السيارات، وتنظيم الاعتصامات، واستخدام موادٍ حارقة.
الإخوان وداعش وبوكو حرام.. جماعات الإرهاب الدينى باسم الإسلام
تستشهد الجماعات الجهادية في كثير من الأحيان بتأويلات الشريعة الإسلامية وحججها لتبرير ما تضطلع به من أعمال قتالية ضد الدول، في حين أنها تنكر قواعد القانون الدولي التقليدية، وترفضها رفضًا قاطعًا، بل وتنعدم ثقتها فيها تمامًا، حيث ترتكب جميع الأطراف أبشع الجرائم باسم الدين، على خطى جرائم العثمانيون باسم الدين ضد الأرمن الأبرياء، خلال فترة الحرب العالمية الأولى قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى الأرمنية لمنعهم من التعاون مع الروس والثوار الأرمن، وفى العام 1915 قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمنية فى إسطنبول وتم إعدامهم فى ساحات المدينة.
ولا تتوقف الجماعات المتأسلمة في جميع أنحاء العالم عن تلطيخ سمعة الإسلام. وأن الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة وحزب الله وحماس والإخوان المسلمون وبوكو حرام فى أفريقيا، وكأنهم يرفضوا أن يشاركهم أحد في تدنيس دين التوحيد، إذ تتنافس هذه الجماعات في تحقيق أكبر عدد ممكن من الأعمال الإرهابية التي تلطخ سمعة الإسلام، ولكن هذه الجرائم لها شعبية كبيرة لدى الدكتاتوريون المسلمون وأعداء الإسلام على حد سواء.
الإخوان على مدار تاريخهم فى مصر، وهم أصحاب جناح عسكرى إرهابى، ولعل الأحداث التى شهدتها مصر بعد ثورة 30 يونيو وحدها دليلا، أما داعش فحدث ولا حرج عند المجاز التى ارتكبها عناصره فى العراق والشام، على خطى طالبان التى دمرت الحياة الإنسانية فى أفغانستان، وعلى النهج نفسه تسير أكبر جماعة إرهابية فى أفريقيا السمراء، بوكو حرام.
مجازر الهندوس ضد المسلمين
في العديد من المناطق في الهند، درج الهندوس على النطق بإسم الههم المحبوب رام كتحية. ولكن في السنوات الأخيرة، حوّلت عصابات من القتلة اسم رام إلى صرخة تدعو للقتل، فالوثنيون الهندوس وخاصة المتطرفون منهم ينادون بوجوب معاداة المسلمين والعدوان عليهم؛ فبدأت ولم تتوقف حتى الآن سلسلة من المجازر والاضطهاد والأعمال العدائية المختلفة في جميع أنحاء القارة الهندية ضد المسلمين، وهى جزء من جرائم الهند حكومةً وشعباً بحق المسلمين في الهند بصفة عامة وجامو وكشمير بصفة خاصة وحتى باكستان وبنغلاديش وسيريلانكا التي انفصلت عن الهند لكنها ورثت العداء للإسلام والمسلمين.
ويصف متابعون وقائع تجسد التطرف الهندوسى ضد المسلمين، إذ يقوم أحد الأفراد المدربين بتفريغ الغاز في منازل المسلمين، أما المساجد والمباني الإسمنتية الكبيرة فقد كان يستخدم في عمليات إحراقها وهدمها غاز الاستلين أما الأماكن الدينية والمساجد فيبنى في مواقعها مباشرة تماثيل للآلهة "هانيمان" وترفع عليها الرايات ذات اللونين الأصفر والبرتقالي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة