اسمه أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى والى الأندلس لمرتين، الأولى قدمه أهل الأندلس واليًا عليهم بعد مقتل الوالى السمح بن مالك الخولانى إلى أن حضر الوالى المعين من قبل الدولة الأموية عنبسة بن سحيم الكلبى فى عام 103 هـ، والثانية بتكليف من والى أفريقية عبيد الله بن الحبحاب عام 113 هـ.
ارتبط اسمه بقيادة المسلمين فى معركة بلاط الشهداء الشهيرة والتى انتهت بانتصار قوات الفرنجة وانسحاب جيش المسلمين بعد استشهاد عبد الرحمن الغافقى.
شارك فى معركة تولوز مع السمح بن مالك الخولانى التى هُزم فيها المسلمون أمام قوات أودو دوق أقطانيا، بعد الهزيمة، انسحب بالقوات وتولى الأندلس إلى أن قدم عنبسة بن سحيم الكلبى، خلال تلك الفترة القصيرة، استطاع عبد الرحمن أن يخمد بوادر التمرد فى الولايات الشمالية، كما ثبّت وضع المسلمين فى القواعد التى استولى عليها المسلمون فى سبتمانيا.
أما عن الفترة التى تلت تلك الولاية، فقد نقل المؤرخ شكيب أرسلان عن السياسى والمؤرخ عبد العزيز الثعالبى حيازته لوثائق تؤرخ لحملة بحرية على جنوب أوروبا أرسلها إسماعيل بن أبى المهاجر والى أفريقية عام 105 هـ بقيادة عبد الرحمن الغافقى، حققت نجاحات فى إيطاليا.
بدأ عبد الرحمن ولايته الثانية بالمصالحة بين العرب المضرية واليمانية وجمع كلمتهم، بعد أن التهبت الأمور ودبت روح النزاعات القبلية بينهما، نتيجة تحيّز بعض الولاة المتعصبين للمضريين على حساب اليمانيين، ثم أخمد تمرد البربر فى الولايات الشمالية بقيادة منوسة الذى حالف أودو دوق أقطانيا، وتزوج ابنته، بأن أرسل حملة بقيادة ابن زيان نجحت فى سحق التمرد، وقتل منوسة وسبى امرأته، وإرسالها إلى بلاط الخليفة هشام بن عبد الملك فى دمشق.
جمع بعد ذلك عبد الرحمن جيشًا يعد من أكبر الجيوش التى جمعت فى تلك الفترة، وعبر به البرنيه، وزحف على مدينة آرل على نهر الرون لامتناعها عن أداء الجزية، ثم هزم جيش الدوق أودو دوق أقطانيا فى معركة على ضفاف النهر، ثم عبر نهر الغارون واجتاح أقطانيا، واستولى على عاصمتها بردال بعد حصار قصير، ومنها اتجه إلى برجونية، واستولى على ليون وبيزانسون، ثم عبر اللوار قاصدًا عاصمة الفرنج، بعد أن جنى جيش المسلمين من حملته تلك مغانم عظيمة.
بعد أن انهزم أودو أمام جيش المسلمين، لجأ إلى كارل مارتل يطلب العون والمدد، فأجابه كارل إلى ذلك، وجمع جيشًا من الغاليين والجرمان وزحف به لمقابلة جيش المسلمين.
التقى الجيشان فى وادٍ يقع بين مدينتى تور وبواتييه فى معركة دامت لأكثر من سبعة أيام، وفى يومها الأخير، حدث خلل فى صفوف المسلمين نتيجة اختراق بعض رجال مارتل لمعسكر غنائم المسلمين، مما دفع عدد كبير من المسلمين للتراجع للدفاع عن غنائمهم.
حاول عبد الرحمن حينئذ تنظيم صفوف المسلمين مجددًا وإعادة النظام لجيشه، إلا أنه سقط صريعًا بسهم أودى بحياته، فازداد اضطراب جيش المسلمين، وكثر القتل فيهم. وعند الليل انفصل الجيشان، لكن حال اختلاف المسلمين فيما بينهم على استكمال المعركة، فانسحبوا فى الليل مخلفين ورائهم جرحاهم.
كانت وفاة عبد الرحمن فى 27 شعبان 114 هـ 21 أكتوبر 732 م، وقد عرفت تلك المعركة باسم معركة بلاط الشهداء.