تمر اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف شيشرون، وهو كاتب رومانى وخطيب فى روما القديمة، ولد سنة 106 ق.م، صاحب إنتاج ضخم يعتبر نموذجا مرجعيا للتعبير اللاتينى الكلاسيكي، أثارت شخصية شيشرون الكثير من الجدل والتقويمات المتضاربة وخاصة فى الجانب السياسى من حياته.
الاختلاف حول شخصية شيشرون حير الكثير من المؤرخين والباحثين، فهو تارة مثقف مضيع فى وسط سيء، وتارة أخرى ثرى إيطالى صاعد فى روما، وثالثة انتهازى متقلب و"أداة طيعة فى يد الملكية" و"متملق لبومبى ثم سيزار"
بدأ شيشرون حياته المهنية كقسطور وهو مكتب إدارة مالية فى عام 75 قبل الميلاد، ثم بصفته ضابطًا قضائيًا أو ما يعرف بالبريتور، وقد تمتع صاحب هذا المنصب بصلاحيات وامتيازات كبيرة. و فى عام 66 قبل الميلاد ألقى أول خطابٍ سياسى له؛ كان محور الخطاب معارضة كوينتوس لوتاتيوس كاتولوس.
كن اهتمامه وتركيزه كان على اكتشاف النوايا التحريضية لكاتيلين وإعلان الحرب عليه وهزيمته، خطط كاتيلين للانتقام واستعان بقوةٍ مسلحة بالإضافة لاستخدامه وسائل عديدة، رغم ذلك واجه شيشرون بصعوبة بإقناع مجلس الشيوخ بخطورة الوضع وضرورة وضع حدٍ له، لكنه تمكن من تمرير ما يشبه الأحكام العرفية عبر ما يسمى المرسوم الأخير.
بعد هروبه من محاولة اغتيال ألقى شيشرون خطابًا ضد كاتيلين أمام مجلس الشيوخ مما دفع كاتيلين لمغادرة روما فى تلك الليلة، واستمر شيشرون بالعمل على جمع الأدلة لإدانة المتآمرين وتم الإعدام على مسؤولية شيشرون الشخصية الذى أعلن بكلمة واحدة عن الحدث فقال "لقد ماتوا"، الأمر الذى لقى ترحيبًا بين جميع طبقات المجتمع. وقد دعا شيشرون إلى التوافق بين الطبقات لتأسيس مجتمعٍ متماسك.
أشاد كاتولوس بإنجازاته ولقبه بأب البلاد فوصل بذلك لذروة حياته المهنية، إلا أن الطريقة التى تم بها الإعدام كانت مخالفةً لقوانين روما مما عرَّضه للمسائلة القانونية وأُرسل للمنفى.
تلقى شيشرون خلال فترة منفاه دعواتٍ من يوليوس قيصر للمشاركة بدور فى الحكومة الثلاثية الأولى التى ضمت القيصر وكراسوس وبومبي، لكنه رفض المشاركة فيها واعتبرها غير دستورية، حيث انتقل إلى بلاد الغال برفقة طاقمه انتقامًا. بسبب معارضة شيشرون لبوبليوس كلوديوس، وكذلك رفض بومبى مساعدته فقد عاش خيبة أمل كبيرة بحليفه بومبي، وفر من روما وأعلن شيشرون منفيًا فذهب إلى سالونيك فى مقدونيا ثم إلى إيليريكوم عام 57 ق.م.
بعد ذلك وبفضل نشاط بومبى فى منبر تيتوس أبيرس ميلو، تم استدعاء شيشرون الذى عاد إلى روما ولاقى ترحيبًا جماهيريًا وحاول جاهدًا إبعاد بومبى عن قيصر، لكنه تجاهل النصيحة وجدد الاتفاق مع قيصر، لم يكن لشيشرون يد فى مقتل قيصر إلا أنه سارع للاحتفال بها.
وقعت روما فى الاقتتال الداخلى بعد مقتل قيصر وفى هذه الأثناء قام شيشرون بتحالفاتٍ قصيرة الأمد مع شخصياتٍ رئيسية فى تلك المرحلة؛ فدعم أولًا مارك أنتونى ثم أوكتفيان لكنه أصبح ضحية اتفاق ثلاثى جمع بين أنتونى وأوكتفيان وليبروس.
قبض جنود أنتونى على شيشرون ثم قطعوا رأسه ويده اليمنى وعرضوهما فى روما أمام العامة وذلك انتقامًا لخطب شيشورن ضده، فكان عام 43 قبل الميلاد نهاية لحياة هذه الشخصية لكن بداية لتأثير فكره المستمر حتى يومنا هذا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة