يحمل التاريخ الدينى نساء عديدات أثرن فى مسيرة التاريخ الإنسانى، تظل قصة زوجة النبى أيوب، نموذجا للزوجة التقية النقية والقادرة على تحمل الابتلاء والصبر على مرض الزوج وفقد المال والأولاد، فما شكت وما جزعت.
اسمها رحمة بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب، هي زوجة النبي أيوب كما ذكر المؤرخون وبعض المفسرين المسلمين، وهذا مما لم يثبت بنص صحيح صريح عن النبي محمد، قال السيوطي: وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: زوجة أيوب عليه السلام: رحمة رضي الله عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام.
رحمة بنت ميشا
وقد سماها ابن عساكر في تاريخه – رحمة الله تعالى على الأرجح، وكانت ذات جمال وحسب ونسب وعِلم، وقد تزوجت رحمة من النبى أيوب عليه السلام وله من المال الوفير والعمال الكثر والأراضي الشاسعة، ورزقها الله تعالي من البنين والبنات ما تقر بها عينها، فأنزل الله به البلاء فكان أول ما نزل عليه هو ضياع ماله وجفاف أرضه، حيث احترق الزرع وماتت الأنعام ولم يبق له شيء يلوذ به ويحتمي فيه غير إعانة الله.
لكن زوجته "رحمة" هي الوحيدة التي وقفت بجانبه بإخلاص وصبر تواسيه وتشد من أزره وتحثه على الصبر، وتخفف عنه آلام المرض، وترفع من روحه المعنوية، وتخدمه وتحمد الله معه، وأيوب لا يفتر عن ذكر الله العلي، مع ما به من ضر وبلاء.
وقص الله تعالى فى القرآن الكريم قصة زوجة أيوب عليه السلام مرتين دون أن يذكر اسمها، وكلتاهما جاءتا في سياق الحديث عن أيوب، وذُكرت فيهما بصفتها "أهله"، أي زوجته.
"رحمة" زوجة أيوب كانت جميلة فتعرضت لمضايقات الكثير وإغرائهم لها بالمال والهدايا الثمينة، ولكنها كانت عفيفة شريفة حرة، فتردهم في حزم وصرامة، وقد عرض أحد الرجال الأثرياء الأقوياء ممن يتمتعون بنفوذ قوي وجاه وسطوة الزواج على رحمة وتركها لأيوب المبتلى الذي أصبح لا يقوى على الحركة، لكنها صدته بعنف وحزم ورفضت هذا العرض السخي في إباء وشمم، وفضلت الوفاء على هذا الإغراء.
اختبر الله صبر أيوب وزوجته في محنتهما، وأحسن لهما الجزاء، ورد عليهما المال، ورزق نبيه عليه السلام من البنين مثل ما كان لديه، وذلك مصداق لقوله تعالى: "وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ" (ص 43).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة