في القرآن الكريم، العديد من النساء اللواتى تم ذكرهن دون الإشارة إلى أسمائهم، وهن من نساء العالمين المخلدات، ومن بين سيدات العالمين المخلدات في التاريخ الدينى السيدة هاجر.
السيدة هاجر المِصرية هي أم النبي إسماعيل أكبر أولاد النبي إبراهيم الذي من نسله النبي مُحَمَد بن عَبْد الله، وهي أول من ثقبت أذنها وأطالت ذيلها من النساء، وقد كانت إحدى الأميرات المِصرية ثم أُسِرَت إلى أن أصبحت جارية لسارة زوجة النبي إبراهيم ثم أهدتها له فتزوجها، وأنجبت منه إسماعيل ثم انتقل بها إلى مكة، وقد أنقذها الله وابنَها بأن أخرج لهم ماء زمزم.
وعلى الرغم من ذكرها فى عدة مواضع بالسنة النبوية، إلا أن القرآن الكريم اكتفى بالإشارة إليها، دون ذكر اسمها صراحة، مثنياً على صبرها وقوة إيمانها فى المحن التى ألمت بها، وأبرزها عندما تركها نبى الله إبراهيم مع ابنها الرضيع فى الصحراء، فصبرت واستعانت بربها، ففجّر لها بئر زمزم، الذى تأتيه الوفود من كل صوب وحدب، وعاشت فى أمن وسلام بجانب بيت الله الحرام.
اتفق المؤرخون حول مسقط رأس السيدة هاجر وأنها ولدت فى مصر، بمنطقة تل الفرما التى تبعد عن محافظة بورسعيد بعدة كيلو مترات، وبحسب ابن هشام فى سيرته فإنها ولدت فى قرية الفرما، وهى مدينة مصرية فى أقصى الدلتا على مقربة من بحيرة تنيس، ويذكر العرب أن أبوابها المشهورة التى قال عنها نبى الله يعقوب "يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة".
طبقاً لكتاب موسوعة 1000 مدينة إسلامية لعبد الحكيم العفيفى، وتعنى بالقبطية بيت آمون، وذكرت فى التوراة باسم "سين" أى قوة مصر، وأصبح اسمها الفرما، وتعرضت لعدوان الروم البيزنطيين، وبنى فيها الخليفة العباسى المتوكل حصناً يطل على البحر ليحميها من تلك الهجمات عام 239 هجرية.
السيدة هاجر المِصرية
واختلفت الروايات التاريخية حول وضع السيدة هاجر الاجتماعى، حيث ذكر بعض اليهود أنها كانت جارية لدى فرعون، وجاء فى سفر التكوين "إصحاح 21" أنها كانت ابنة لفرعون مصر، وتنادى بعض الأصوات النوبية بأن مسقط رأسها فى بلاد النوبة، جنوبى مصر، مستندين إلى أصل التسمية وأن (ها) بالهيروغليفي معناها زهرة اللوتس، وكلمة (جر) معناها أرض جب بالمعنى التوراتى (مصر)، أى أن اسمها زهرة اللوتس وكنيتها المصرية.
ماتت السيدة هاجر عن تسعين عاماً ودفنها إسماعيل عليه السلام بجانب بيت الله الحرام، رحلت وتركت لنا مثالاً رائعاً المؤمنة والزوجة المطيعة والأم الحانية، وفاها الله وأجزل فضله عليها فعطر ذكرها وأعظم ذكراها ودفنها بجوار بيته وآنسها فى وحشتها وآمنها فى غياب زوجها ورزقها وطفلها من حيث لا تحتسب، وعرف قبرها بـ"حجر إسماعيل"، أى المكان الذى تربى فيه أحد المرسلين السماويين وأصبح جزءاً من المطاف، ويعد الطواف حول الكعبة دون المرور حوله باطلاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة