بناه سابع أحفاد محمد علي باشا، بعد الانتهاء من تدشين قناة السويس وتجمع سكاني كبير في محافظة الإسماعيلية، فكان المسجد العباسى واحدًا من أشهر المعالم التي تمتاز بها المحافظة الساحرة، وأقدمها على الإطلاق، الذي ظل باقيًا شاهدًا على العصر.
في عام 1898م (منذ 124 عامًا) أمر الخديوى عباس حلمي التانى ببناء مسجد بطراز مبهر آنذاك، يعود فى طرازه إلى الشكل المعمارى العثمانى فى العمارة الإسلامية، وعندما جرى الانتهاء من تدشينه قصده جموع غفيرة من أنحاء المحافظة والمراكز المجاورة للإسماعيلية، يشهد أهم الفعاليات الدينية والأحداث السنوية.
المسجد عبارة عن قطعة أثرية من العصر الحديث، حيث يزين مدخله بزخارف إسلامية واضحة، ومنبره الخشبي المنقوش بطريقة فريدة، وتبلغ مساحته من الداخل حوالي 400م مربع تقريبًا.
الشيء المميز في المسجد هو خلوه من الصحن، فهو يتبع نظام المساجد المغطاة بسقف، ويتكون من الداخل من ثلاث بائكات متعامدة على جدار القبلة و5 بلاطات موازية لجدار القبلة محمولة على أعمدة حجرية تعلوها عقود مدببة يتوسطها شخشيخة خشبية تعلو البلاطة الوسطى بالمسجد، كذلك يوجد روابط خشبية لحمل المصابيح والمشكاوات الخاصة لإضاءة المسجد.
وتشرف مديرية أوقاف الإسماعيلية إداريًا على المسجد العباسى، بينما يمتلك مجلس إدارة تشرف عليه الأوقاف، بالإضافة إلى جمعية خيرية مشهرة باسم المسجد، بالإضافة لاستضافة الفعاليات الدينية الرسمية، والاحتفالات الكبرى، ويحضره كبار المسئولين لتأدية الصلاة في المناسبات العامة وصلاة الجمعة التي تنقلها إذاعة القرآن الكريم والتليفزيون المصري.
خلق مسجد العباسى العديد من الطقوس والأنشطة المستحدثة في نطاق مدينة الإسماعيلية، فلم يقتصر دوره بعد الافتتاح على أداء الصلوات الخمس وخطب يوم الجمعة فحسب، حيث استغل التجار وجود أعداد كبيرة من المصلين ورواد الجامع من مختلف البلاد المجاورة، وجرى إنشاء السوق التجارى الأول من نوعه داخل المحافظة، والذي يؤمه التجار من جميع البلاد حاملين البضاعة والمنتجات التجارية، محملة علي "الجمال"، فتأخذ طريق القنطرة شرق وغرب محافظة الإسماعيلية ومنه لشارع محمد علي وصولًا لمنطقة الجامع العباسي بالمحطة الجديدة التابعة لحي أول الإسماعيلية، ليفترش التجار البضائع على جنبات "الجامع" متخذين تلك المنطقة سوقًا تجاريًا لهم أسوة بسوق "عكاظ" في السعودية.
مع الوقت أصبحت تلك المنطقة أحد أول وأهم "محطة تجارية" بمحافظة الإسماعيلية، ولذلك جرى تسمية المنطقة بحى المحطة الجديدة، فقد كان من المعروف محطة للسكك الحديد هي المحطة الوحيدة داخل المحافظة، قبل ولادة المحطة التجارية الجديدة.
ويحظى المسجد بأهمية شعبية كبيرة لدى مواطني الإسماعيلية الذين يعتزون بتاريخه، خاصة أنه يتميز بالطراز المعماري الفريد ذي الطابع والنقوش والزخارف الإسلامية القديمة من الداخل وأيضًا الخارج، على عكس باقي المساجد الحديثة، لذلك يقصده مصلون من عدة مدن مجاورة، لاسيما خلال شهر رمضان المبارك، وصلاة عيد الفطر.
وبالنظر إلى هذا الاهتمام، تحرص مديرية الأوقاف بالمحافظة على القيام بالترميم والصيانة الدورية للمسجد حفاظًا على تراث محافظة الإسماعيلية المميز والذي تزايد عمره الإنشائي عن 124 عامًا، ومع مرور السنوات تم ضم المسجد لهيئة الآثار والتى قامت بترميمه أكثر من مرة، كان آخرها عام 2012 بعد مطالبة مجلس إدارة المسجد بالترميم والإصلاح بعد تهالك بعض الجدران وأجزاء من السقف.
وفي عام 2011 بدأ أهالي الإسماعيلية، بجهود ذاتية، عملية ترميم المسجد، خاصة بعد تكوين جمعية خيرية مشهرة له تحت رقم 606 لسنة 2011، لجمع تبرعات من الأهالي والمؤسسات لأعمال الترميم، لعدم وجود ميزانية لتلك الأعمال في هيئة الآثار التابع لها المسجد، لكن لاحقًا جرى اعتماد ميزانية من هيئة قناة السويس ووزارة الأوقاف لاستكمال باقى الترميمات بالمسجد، بعدما انخفضت تبرعات المواطنين، وتم تجديد شبكة الكهرباء وإنشاء سقف خرسانى فوق السقف الخشبي لعدم سقوط الأمطار عليه في فصل الشتاء وتجديد دورات المياه وتركيب أرضيات وتكييفات.