علام عبد الغفار

رحلة فارس.. مجدى أبو عميرة وثقافة التكريم

الإثنين، 05 ديسمبر 2022 11:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بمجرد مشاهدتك لأعمال الزمن الجميل فى الدراما المصرية فى عصرها الذهبى على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، تجد نفسك أمام فارس حقيقى ساهم بشكل كبير فى وصول الفن المصرى، لكل بقاع الشرق الأوسط، من شرقه لغربه ومن جنوبه لشماله، بسبب براعة الإخراج وحسن الاختيار وقوة القضايا التي تناولتها الدراما المصرية خلال هذه الحقبة الزمنية.. عشرات الأعمال الفنية الخالدة، شارك فيها المئات من عمالقة الفن، كان وراؤهم فارس يقود فريقا هائلا من المساعدين له، ليظهر قدرات الممثل المصرى خاصة، في عرض ومناقشة كافة القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية والفنية والاقتصادية، من خلال كاميراته وزواياه المختلفة، عبر التركيز على تفاصيل التفاصيل ليقدم عشرات الوجوه الجديدة ليكونوا في المستقبل القريب نجوم الصف الأول.

تبقى أعماله الدرامية كذئاب الجيل والضوء الشارد والمال والبنون والرجل الآخر وأين قلبى وملك روحى وغيرها من جواهر المسلسلات المصرية، كلوحة فنية أخرجها بكاميراته ليستمتع بها الشعب المصرى خاصة والعالم العربى عامة، أنه الفارس النبيل مجدى أبو عميرة مواليد 22 مايو 1960، أحد أبرز أبناء عائلة أبو عميرة المقيمة بمركز ابشواى بمحافظة الفيوم.

"أبو عميرة" واحد من أبرز مخرجى الدراما التليفزيونية المصرية والعربية، الذين غاصوا في أعماق الصعيد وناقشوا مشكلاته في عالم الدراما التليفزيونية من خلال عدة مسلسلات منها "ذئاب الجيل" لـ الراحلين عبد الله وحمدى غيث والفنان أحمد عبد العزيز، و"الضوء الشارد" لـ للراحلين ممدوح عبد العليم ويوسف شعبان، والفنانة القديرة سميحة أيوب، ومؤخرا وخلال السنوات الأخيرة الماضية قدم "القاصرات"، مع النجم الكبير صلاح السعدنى، والذى ناقش من خلاله إنتشار ظاهرة زواج القاصرات في الصعيد، هذا بالإضافة إلى تقديمه للعشرات من المسلسلات المهمة التي جعلت الدراما المصرية في المقدمة منها "المال والبنون"و"الرجل الآخر"و"أين قلبى"و"ملك روحى"و"يتربى في عزو" .. فلاشك أن المخرج الكبير مجدى أبو عميرة هو أحد صانع الدراما الصعيدية في مصر التى مالت لفترة زمنية طويلة للواقعية ومناقشة القضايا الشائكة في الصعيد وطرح ما به من عادات وتقاليد كالشهامة والرجولة والتضحية والوطنية واحترام الكبير،واعلاء قيم الأخلاق الجميلة في المجتمع المصرى.

تاريخ طويل من الأعمال الدرامية على مدار قرابة 40 عاما، جمعت أبرز نجوم الفن المصرى من الراحلين والحاليين، وأخرجها "أبو عميرة" الذى عاش طفولته وهو يمثل فى برامج الأطفال حتى وصل لقمة العطاء بعدما اكتسب شخصية المخرج القوية من المخرج القدير الراحل نور الدمرداش ليضحى بسببها عن وظيفة يحلم بها كل شاب في وزارة الخارجية آنذاك.. فمنذ أن أصبح أبو عميرة مخرجًا صاحب المسئولية الأولى والأخيرة عن الأعمال التي يقدمها، كان حريصًا كل الحرص على انتقاء النصوص التي يضمن لها النجاح، فهو صاحب رؤية فنية ودرامية مختلفة، حيث كان يضع أمام عينيه مدى أهمية النص الذى يقدمه، وما المراد من وراء تقديمه؟، وما الرسالة التي ستصل من خلاله؟، لذلك استطاع أن يُكون شعبية جماهيرية لكل عمل يقدمه وتصبح أعماله ينتظرها الجمهور حتى الآن، أصبح اسمه مرادفا للنجاح الجماهيرى، لأنه استشعر ما الذى تريده الأسرة المصرية والعربية دون فلسفة، وبدأ العمل عليه في كل عمل يقدمه، بأن يسلط الضوء على القضايا القائمة والمنتشرة خلال الفترة التي يقدم فيها مسلسل جديد له، كما كان من أوائل المخرجين الذين سلطوا الضوء على مشاكل الإرث وصراع الأشقاء والزواج العرفى في الجامعات والثأر في الصعيد وغيرها من القضايا الاجتماعية التي لاقت مردود جماهيرى كبير للغاية.

المخرج مجدى أبو عميرة يكاد يكون المخرج الوحيد في جيله الذى أصبح اسمه معلوما فى الشارع المصرى ومعروفا للجمهور مثل نجوم أعماله، خاصة أنه على مدار مشواره الفني الممتد لا يوجد له عملا واحدا لم يلق النجاح الجماهيرى والانتشار الواسع، لذلك لٌقبه صناع الفيديو بـ ملك الدراما التليفزيونية ، فهذا النجاح الكبير حان وقته ليجنى ثماره في حياته.

لا خلاف أن حلم كل إنسان ناجح هو لحظة تكريمه فى حياته وليس بعد رحيله، فكم من فنان عظيم، ومخرج قدير، وسيناريست رائع قدم مئات الأعمال الدرامية والمسرحية والسينمائية، كان يمن النفس بلحظة الوقوف على خشبة المسرح لتكريمه، ومنهم من كان يمن النفس بتخليد ذكراه بإطلاق اسمه على مهرجانا أو شارع أو مدرسة أو مسرحا فينا في مسقط رأسه، فهؤلاء نجوم كبار رحلوا ولم تكرمهم محافظاتهم كأمثال العملاقين حمدي وعبد الله غيث وكذلك الإمبراطور أحمد زكى وعبد الحليم حافظ أبناء محافظة الشرقية الذين مازال يحلم أبناءهم وأحفادهم ومحبيهم بلحظة تخليد من المسؤلين بمحافظة الشرقية لهم بتسمية الميادين والمدارس والشوارع وقصور الثقافة باسماءهم بدل تلك الأسماء التي تحملها الشوارع لأشخاص ليسوا بمصريين من القرن الثامن والتاسع عشر.

فى محافظة الفيوم نشأ وترعرع فارس وملك الدراما فى مصر مجدى أبو عميرة، فهل سنجد في الوقت القريب من الدكتور أحمد الأنصارى محافظ الفيوم، تغيير ثقافة التكريم لرموز الفن والثقافة والإبداع وغيرها، ليكون في حياتهم بتخليد أسماءهم على قصور الثقافة والمسارح والمدارس والطرق، أما يبقى حلما بعيد المنال.. أظن حان الوقت لتفعل لجان التسميات في دواوين المحافظات دورها بحصر رموز ونجوم المجتمع في مختلف المجالات كلا فى محافظته، لتبدء رحلة تغيير تلك الأسماء على توارثناها  على مدار قرون من الزمان منها ما ليس عربيا على الإطلاق، بأسماء من نحبهم ونقدرهم لما قدموه لنا وللأجيال القادمة.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة