لم تكن في الحقيقة امرأة فاتنة كما صورتها الدراما والسينما العربية والأجنبية، ولكنها كانت امرأة حكيمة وتتمتع بالدهاء والقوة ومكنتها من إدارة الحكم بطريقة لم يسبقها قبلها أحد من سلالتها ، ويبدو أن تزوجها لعدة مرات كان السبب في تصويرها بأنها كانت فاتنة، بينما الملكة الأخرى فهى أول ملكة معروفة بوجود دليل ثابت.
في الحلقة الرابعة من هذا الملف، فنحن أمام ملكتين من الحضارة المصرية القديمة، تركتا أثرا واضحا في تلك الحضارة، إحداهن، تم إنتاج مسلسل درامى وفيلما عالميا تم إنتاجه في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام 1963، وتعد قصتها نموذجا للرومانسية والحب والتضحية حتى الآن، ملكتين أكدن على عظمة المصريين القدماء، وأعطن نموذجا لكيف اهتمت الحضارة القديمة بدور المرأة، وكيف حققت المرأة نجاحات وإنجازات مذكورة ومعروفة على مر آلاف السنين، هن الملكة نفرو سوبك والملكة كليوباترا.
نفرو سوبك
الملكة نفرو سوبك هي أول ملكة معروفة بوجود دليل ثابت، بالرغم من نيتوكريس التي ربما حكمت في الأسرة السادسة وهناك خمس ملكات يسود الظن أنهن حكمن في الأسرة الأولى، إلا أن نفرو سوبك ظل تاريخها محفوظا، فهي آخر ملوك الأسرة الثانية عشر، وحكمت مصر قرابة أربع سنوات، وبالتحديد من عام 1806 قبل الميلاد، حتى عام 1802 قبل الميلاد.
الملكة سيبك نفرو
أبرز المعلومات عن الملكة نفرو سوبك
الملكة نفرو سوبك ابنة الفرعون أمنمحات الثالث، لديها شقيقة أكبرى منها وهى "نفروبتاح"، وبعض المؤرخون يرون أنها كانت الوريث الشرعى بدلا من نفرو سوبك، وحسب ما ذكرت "بردية الملوك"، فإنها حكمت مصر لمدة ثلاثة أعوام وعشرة أشهر وأربع وعشرين يومًا وذكر في أواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد.
وبحسب المعلومات الذى ذكرتها مؤسسة هنداوى، فإن كل الأدلة تؤكد أن "أمنمحات الرابع" توفي دون أن يترك له أولاد من الذكور، بينما " نفرو سوبك" والتي كانت شقيقته، كانت الوارثة الوحيدة للملك، وبالتالي حكمت مصر، بينما يرى مؤرخون آخرون أن نفرو سوبك اشتركت في حكم البلاد مع أخيها أمنمحات الرابع.
حكم نفرو سوبك
بعض المؤرخين يرون أن الملكة نفرو سوبك، اشتركت مع والدها "أمنمحات الثالث" في حكم البلاد، وذلك بحسب النقوش المتروكة من المصريين القدماء، فيما وجد القليل من الآثار لها، بالرغم من أن العديد من التماثيل عديمة الرأس تم حفظها، ومن ضمنها قاعدة تمثال ابنة ملك تم اكتشافه في تل الجزر ويحمل اسمها، كما أن هناك تمثالا نصفيا في المتحف المصري في برلين، وفقده في الحرب العالمية الثانية وقد ثبت أنه يعود لها.
بحسب المؤرخون، فإن حكم أمنمحات كان حكمًا طويلًا، وأكبر تاريخ له على الآثار عثر عليه حتى الآن هو السنة السادسة والأربعون، ومن المحتمل أنه في مدة هذا الحكم قد كان له شريكان في الملك، أحدهما قد توفي أو خُلع من المُلك قبل أن يتولى الآخر، ومن بين الشركاء نفرو سوبك، كما وجد ختم اسطواني الشكل ليه اسمها ولقبها الملكي، حيث إنه موجود الآن في المتحف البريطاني، وتوفيت الملكة دون وريث وبنهاية حكمها انتهت الأسرة الثانية عشر .
مقبرة نفرو سوبك وأبرز الاكتشافات الآثرية عنها
المؤرخون لم يتأكدوا من مقبرتها، حيث إن البعض يرى أنها مدفونة في هرم في مزغونة يفتقد نقوش الوصف، حيث يوجد فى شمال هرم مشابه خاص بأمنمحات الرابع، كما أن هناك مكانا يدعى سخنم نفرو مذكور في بردية وجدت في الهراجة، ويعتقد البعض أن هذا اسم هرمها.
كما أن الآثار التي تركت عن الملكة قليلة للغاية، وعلى رأسها، أسطوانة مصنوعة من الإردواز الأبيض المطلي باللون الأزرق وحجمها أكبر من المعتاد، وتعد القطعة الوحيدة التي تم العثور عليها حتى الآن للملكة نفرو سوبك وتوجد بالمتحف البريطاني، كما أن الأسطوانة منقوش عليها كل ألقاب التتويج لهذه الملكة، حيث بينت الأسطوانة أن الملكة امها الحوري هو "مريت رع"، والذى يعنى محبوبة إله الشمس "رع"، بجانب اسم نبتي "أخت خرب نب تاوى"، والذى يعنى حسن القيادة رب الأرضين، بجانب اسم "حورنب"، أي حور الذهبى، وعثر على تمثال "بو الهول" في الخطاعنة بالدلتا، حيث وجد عليه خرطوش نُقش بين مخلابيه، ويحتمل أن يكون خرطوش الملكة نفرو سوبك، ووجدت بعض عقود بناء من الجرانيت في معبد إهناسية المدينة، وتم نقش اسمها عليه، كما أن اسمها وجد منقوشا على بعض قطع الأحجار التي عثر عليها في اللبرنت بهوارة.
كليوباترا
كليوباترا
قصص خيالية وبعضها حقيقية، نسجت عن تلك الملكة، البعض طوعها في روايات رومانسية لخدمة قصته، والبعض الأخر اعتمد على كشف عنه المؤرخون، ولكنها تظل من أبرز الملكات اللاتى حكمن مصر، صيتها وصل للعالمية وهو ما يفسر إنتاج فيلما عالميا عنها، خاصة أنها عاصرت الدولة الرومانية التي كانت في أوجها في تلك الفترة، إن كليوباترا الاسم الذى يعنى الجمال والقوة والحكمة.
أبرز المعلومات عن كليوباترا
ولدت كليوباترا في العام 69 قبل الميلاد، وهي ابنة الملك بطليموس الثاني عشر، وكانت كليوباترا آخر ملكة للسلالة البطلمية التي حكمت مصر بعد موت الإسكندر الأكبر، قبل أن يتم ضمها إلى روما في 30 قبل الميلاد، وسلالة البطلمية أسسها ضابط الأسكندر بطليموس، الذي أصبح الملك بطليموس الأول حاكم مصر، وعندما توفي بطليموس الثاني عشر في 51 قبل الميلاد، أصبح العرش من حق ابنه الصغير، بطليموس الثالث عشر، وابنته كليوباترا السابعة، والتى أطلقت علي نفسها لقب "إيزيس الجديدة" .
كانت كليوباترا تكبر شقيقها بـ8 أعوام، وبالتالي أصبحت هي الحاكم المهيمن على مصر، حيث أصبحت ملكة عند وفاة والدها بطليموس الثاني عشر، في العام 51 قبل الميلاد ، وتميزت بأنها امرأة ذكية، وتتمتع بالكفاءة، وكانت أم كرست حياتها لأبنائها الأربعة.
أبرز إنجازاتها
عملت الملكة كليوباترا فور وصولها للحكم على تعلم اللغة المصرية القديمة، وتشبهت بالإلهة إيزيس وقالت إنها تجسد حياتها على الأرض، وهو ما ساعدها على حكم مصر بنجاح، وتميزت كليوباترا بالموهبة، حيث كانت تحدثت عدة لغات، وقادت الجيوش في سن الـ21 عاما، حيث تعلمت في منارة العلم الإسكندرية، وكان شغلها الشاغل هو استرداد أمجاد أسرتها الحاكمة، وتمكنت من بسط الاستقرار والسلام في البلاد خلال فترة حكمها، كما تمكنت مكافحة الفساد، وتميزت بحسن إدارة البلاد، كما فتحت مخازن الحبوب للمصريين خلال فترة المجاعات، ورفعت الضرائب عنهم، وهو ما ساهم في ازدهار الدولة في ذلك الوقت.
الملكة كليوباترا
كليوباترا والرومانيون
قصص كثيرة نسجت حول كليوباترا ويوليوس قيصر، وهناك خلاف كبير بين المؤرخين حول تلك العلاقة، فالبعض يرى أن الإثنان سعيا لاستخدام الآخر، لأن كليوباترا سعت للاحتفاظ بالحكم واستعادة أمجاد البطالمة الأوائل، فيما سعى يوليوس قيصر إلى المال لتسديد الديون التي تكبدها من والد كليوباترا ، لذلك كانت المصلحة مشتركة بينهما، فبعدما طرد الملك بطليموس الثالث عشر، كليوباترا من الإسكندرية من أجل أن ينفرد بالسلطة، تمكنت كليوباترا من تجنيد جيش من البدو لاستعادة موقعها، وحينها وصلت سفينة القائد الروماني بومبي بعد هزيمته في معركة فرسالوس، إلا أن أوصياء الملك قتلوه، فيما وصل القائد المنتصر يوليوس قيصر للإسكندرية في عام 48، قبل الميلاد، حاول بطليموس الثالث عشر التقرب إلى يوليوس قيصر وإعلان ولائه الكامل له كى يتلقى دعم الرومان للانفراد بملك مصر، بينما استدعى يوليوس قيصر، بطليموس وكليوباترا للإسكندرية، وأعلن دعمه لكليوباترا، إلا أن أهالى الإسكندرية أعلنوا أرسينو الرابعة، ملكة لمصر، وتم حبس قيصر وكليوباترا في القصر الملكى، ولم تأتي التعزيزات الرومانية إلا فى مارس عام 47 قبل الميلاد، وخلال تلك الفترة أحب يوليوس قيصر، كليوباترا، وأصبحا حلفاء سياسيين ، وبعدما تم تحرير يوليوس قيصر، هرب بطليموس الثالث عشر وغرق في نهر النيل، بينما تم أسر الملكة أرسينو الرابعة، وتم إرسالها إلى روما، وأُعيدت كليوباترا لحكم مصر بدعم من الرومان، ثم تزوجت أخاها بطليموس الرابع عشر، صاحب الـ11 عامًا فقط ، بيمنا يوليوس قيصر، كان متزوجًا من زوجة رومانية.
وفي عام 46 قبل الميلاد، انتصر يوليوس قيصر في روما، على الملكة المخلوعة أرسينو، وذهبت كليوباترا ومعها زوجها بطليموس الرابع عشر قيصر إلى روما، وبقيا هناك لحوالى عام على نفقة قيصر الخاصة، ليشهدا منح قيصر لكليوباترا تمثالًا ذهبيًا في معبد فينوس جينتريكس، وعادا إلى مصر فقط عند مقتل قيصر في عام 44 قبل الميلاد، إلا أن بطليموس الرابع عشر مات بمجرد عودته إلى مصر، ولم يترك أي وريث للعرش، أصبح قيصريون صاحب 3 سنوات هو بطليموس الخامس عشر، وحينها تفردت كليوباترا بمقاليد الأمور.
لغز وفاة كليوباترا
المؤرخون اختلفوا حول وفاة كليوباترا، فالبعض يرى أنها ماتت والبعض يرى أنها قتلت، حي قال بعض المؤرخون، إنه في منتصف أغسطس عام 30 قبل الميلاد، قدم أحد خدام الملكة كيلوباترا ثعبان الكوبرا لها، كى تنتحر بعد أن سمعت بهزيمة القائد الرومانى أنطونيوس في الحرب، حيث انتحرت كليوباترا من خلال وضع حية سامة على صدرها، وجاء انتحار كليوباترا عقب انتحار أنطونيوس بفترة قصيرة، ودفنا بأسلوب ملكي في قبر بالقرب من الإسكندرية، وأن مكان قبرهما في أعماق البحر بعد الزلزال الذى ضرب الإسكندرية في القرن الثامن حيث تغيرت تضاريس المكان، بينما يرى بعض المؤرخين الآخرين، أن كليوباترا وأنطونيوس دفنا بالقرب من تابوزيريس ماجنا، ذلك المعبد القديم الذىيحتوى على العشرات من القبور والمومياوات، بينما نفى البروفسور كرستوف شايفر، أستاذ التاريخ في جامعة ترير غرب ألمانيا، انتحار كيلوباترا بلدغة ثعبان الكوبرا، حيث توقع أنها ماتت لشربها توليفة من العقاقير.
مجدى شاكر: لم يكن هناك تمردات في عهد نفرو سوبك ولم يتم محو خراطيشها
حاولنا التعرف أكثر على تفاصيل هاتين الملكتين، من خلال حوارنا مع الدكتور مجدى شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، والذى كشف لنا كواليس ومعلومات جديدة على متوافرة عن نفرو سوبك وكليوباترا وتأثيرهن على الحضارة المصرية القديمة وأبرز الإنجازات التي حققوهن خلال فترة حكمهن، وإلى نص الحوار..
في البداية.. ماذا يعنى اسم الملك نفرو سوبك في مصر القديمة؟
الملكة نفرو سوبك أو سيبك نفرو يعني "جمال سوبك" وسوبك هو الإله الذي يتمثل في صورة تمساح والذي يحرس الفيوم في ذلك الوقت عند المصريين القدماء.
وما هي أبرز المعلومات التي تركها المصريون القدماء عنها؟
هى أخر ملوك الأسرة الثانية عشر، حيث تقول بردية تورين إنها حكمت مصر ثلاثة سنوات وأربعة أشهر و أربعة و عشرون يوماً، وأبوها الملك امنمحات الثالث صاحب منشآت عظيمة ومشاريع وحملات عسكرية، وأخوها الملك امنمحات الرابع الذي حكم فترة قصيرة خلت من الأحداث الكبرى لكن كان عهده بداية التدهور في الدولة الوسطى، حيث لم يكن هناك وريث للعرش بعد أخوها امنمحات الرابع سواها لذلك أتيحت الفرصة إلى نفرو سوبك لاعتلاء العرش، وكانت لها أخت كبرى وهى الأميرة "نفرو بتاح" والتى تم وضع اسمها فى خرطوش ملكى هى الأخرى ودفنت فى هرم خاص بها فى "هوارة".
ما هي أبرز المعلومات عن عهد الملكة نفرو سوبك وما أبرز ما ميز حكمها؟
لم يكن هناك تمردات في عهدها ولم يتم محو خراطيشها بعد موتها كما حدث مع حتشبسوت، و تتميز بأنها أول ملكة تحمل الألقاب الملكية الخمسة وهم حور: مريت رع" (أي حبيبة رع)، ونبتي: سات سخم نبت تاوى" (أي بنت القوى سيدة الأرضين)، وحور نبو: جدت خعو" (أي مثبتة التيجان)، ونسو بيتي: كا سوبك رع" (أي قرين المعبود سبك - رع)، وسا رع : نفرو سوبك شديتي" (وهو الاسم الشخصي ومعناه جمال المعبود سوبك)، كما لقبت أيضاً بـ"سيدة كل النساء"، حيث حرصت على استخدام ألقاب مؤنثة لتظهر كينونتها وتعبر عن شخصيتها، وحافظت في معظم تماثيلها على المظهر وأنوثتها ، كما أخدت ألقاب مثل ملكة مصر العليا والسفلي وسيدة الارضين ولم يذكر اسمها في قائمة أبيدوس وذكر اسمها في قائمة سقارة باسم ( سوبك كا رع)، وجد اسمها في خرائب قصر اللابيرانت الذى بناه والدها أمنمحات الثالث مما يدل علي انها قامت ببعض الإضافات فيه، و لم يكن هناك وريث لها لذلك انتهت الأسرة الثانية عشر و معها انتهى عصر الدولة الوسطى الذهبي، وبعد فترة حكم إستغرقت أقل من أربع سنوات توفت ويعتقد كثير من المختصين أنها صاحبة الهرم غير المكتمل المشيد من الطوب اللبن في شمال قرية مزغونة بمنطقة دهشور الأثرية، جنوب محافظة الجيزة.
ما هي أبرز الاكتشافات والتماثيل التي تركت عنها؟
نفرو سوبك لها تماثيل قليلة واحد منها كان بمتحف برلين واختفى أثناء الحرب العالمية الثانية والآخر هو رأس لتمثال أبو الهول للملكة متحف بروكلين ، ومن آثارها أيضا ختم اسطوانى الشكل في حالة جيدة جدا نقش عليه اسمها ولقابها الملكى وهو محفوظ في المتحف البريطاني، وكذلك لها رسما للنيل في منطقة النوبة في الحصن الجنوبى (كوما) ويسجل ارتفاع النيل الى 1.8 مترا في العام الثالث من حكمها، كما عثر على اسم الملكة نفرو سوبك منقوشاً على كثير من الآثار التي خلفتها في محافظة الفيوم، وفي تل الضبعة بمحافظة الشرقية، وفي إهناسيا بمحافظة بني سويف، وعند الشلال الثاني بالنوبة، ولكن من المؤكد في آثارها حتى وإن كانت التماثيل أنثوية وجود لقب (نسو=ملك) وهذا صيغة الملك بصفته الذكورية كمسمى وليس كتصوير مثل الملكة حتشبسوت مثلا أو الملكة خنت كاوس الأولى، ولذلك اتخذت في ألقابها الكثير من الألقاب الذكورية والأنثوية، فمثلا تأخذ اسم العرش (سوبك كا رع) والاسم الحورى (ميريت رع = محبوبة رع) وأهم تماثيلها على الإطلاق حتى المقطوعة الراس توجد في متحف اللوفر وهى كلها تظهرها في صورة انثوية وملابس انثوية ولكن في أوضاع ملكية.
وماذا حدث لمصر بعد وفاة الملكة نفرو سوبك؟
بعد وفاة نفرو سوبك، دخلت مصر فى فترة من الفوضى أدت فى النهاية إلى احتلال الهكسوس لمصر وانهيار الدولة الوسطى ودخول مصر فى نفق تاريخى مظلم لم ينتشلها منه سوى عائلة طيبة الأبطال التى حمل لوائها الملك البطل الشهيد "سقنن رع ".
كليوباترا.. ما أبرز ما ميز تلك الشخصية؟
كليوباترا كانت متعلمة رغم أن كليوباترا تولت عرش مصر في سن الـ 17، إلا أنها كانت تفتقر للتجربة والتعليم والمهارات، ولذلك تمشيا مع أصلها باعتبارها من أسرة بطليموس وهي الأسرة التي تهتم دائما على التعليم والتعلم فتم بذل الكثير من الجهد لتعليمها، حيث تعلمت كليوباترا اللغات والعلوم واستراتيجيات الحرب، وأعطت كليوباترا النساء في مملكتها حقوق على عكس العديد من الممالك الكبيرة الأخرى في ذلك الوقت، كما قامت بجمع الضرائب وإعادة توزيعها في الاقتصاد بطريقة مدروسة إضافة إلى ترويج التجارة والتعلم.
ما ردك على من يقول بأن كليوباترا تزوجت كثيرا في السر؟
كليوباترا لم تكن عاهرة كما يصور الكثير من الناس خصوصًا المتعاطفين مع التاريخ الروماني بأن كليوباترا كانت عاهرة ووعاء للجنس وتقيم علاقات مع رجال كثيرون، ولكن الحقيقة عكس ذلك فكليوباترا أقامت علاقتين فقط مع رجلان وهما يوليوس قيصر وماركوس انطونيوس وكانت تلك العلاقات هدفها إستراتيجي وليست من أجل العاطفة والشهوة، ولكن من الممكن أن يكون قد اختلف الأمر مع ماركوس انطونيوس بعد ذلك وتطور إلى عاطفة حقيقية.
وماذا عن تفاصيل الأسرة التي تنتمى لها كليوباترا؟
كليوباترا من السلالة المقدونية اليونانية التي بدأت مع بطليموس الأول، وهذه العائلة حكمت مصر في الفترة من 323-30 قبل الميلاد ورغم أن معظم حكامها ظلوا إلى حد كبير يحتفظون بالأفكار والثقافة اليونانية، إلا أن كليوباترا كانت مختلفة فبذلت جهودا كبيرة في شبابها لدراسة وفهم الثقافة المصرية، وكأنها كانت تعلم أنها في يوم من الأيام ستصبح ملكة لمصر، حيث تعلمت كليوباترا اللغة المصرية لكى تصبح الوحيدة في أسرتها التي تقوم بذلك
الدراما والقصص كانت تصور كليوباترا بأنها امرأة جميلة وفاتنة إلى حد كبير.. هل هذا حقيقيا؟
في الحقيقة الملكة كليوباترا لم تكن جميلة بحسب التعريف القياسي للجمال، إلا أن البعض تحدث عن جمال كليوباترا بسبب أنها تمكنت من إغواء اثنين من أقوى الحكام في وقتها وهم يوليوس قيصر وأنطونيوس، بينما في الحقيقة فإن كليوباترا تظهر في النقود المعدنية التي تحمل صورتها بذقنا حادا وأنفا مدببا، وهذا لا يمكن أن يعبر عن الجمال، إلا أنها كانت تتسم بالذكاء والقوة، وقد يكون هذا سبب تمكنها من إغواء يوليوس قيصر وأنطونيوس.
كيف تفوقت كليوباترا على من سبقوها من ملوك آخرين من أسرتها؟
كليوباترا تفوقت على من سبقوها في الذكاء والطموح، حيث اعتلت العرش وحكمت مصر لنحو عشرين عاما، ما أن اسمها يعنى المجد لأبيها أو المحبة لأبيها بطليموس الثانى عشر.
لماذا انتقد بعض المؤرخون كليوباترا واتهموها بأنها كانت تنفق المال على جمالها؟
بالفعل كانت كليوباترا تهتم كثيرًا بجمالها وشعرها وكانت ترتدي ملابس ثمينة وأخذت في الواقع 50% من دخل الناتج المحلى الإجمالي لمصر لحسابها، إلا أنها حكمت مصر بطريقة جيدة للغاية بجانب أنها كانت شخصية جادة وذكية، ونفذت خطط كبرى للصالح العام خلال زمن، وأصبحت الإسكندرية أشهر مدينة في زمانها.
وهل هذا سر حب المصريين للملكة كليوباترا؟
أحب المصريون كليوباترا نتيجة للأمان والرخاء الذي تحقق في عهدها .
وما حقيقة وفاة كليوباترا؟
الاعتقاد الشائع أن الملكة كليوباترا ماتت بلدغة حية الكوبرا والتي وضعتها في جسدها بل وتسللت نفس الحية وقتلت خادمتها ايراس وخادمها خارميون ولكن ظهر في أقوال المؤرخين القدامى نظرية أنها ماتت بشرب السم وهناك نظرية ثالث بأنها خدشت جسدها بآلة ثاقبة ووضعت السم فوق الخدش ، وهناك علماء مثل كريستوف شايفر وخبير السميات ديتريش ميبس زعما أن الملكة المصرية العظيمة سممت نفسها باستخدام خليط من الأفيون والشوكران وخانق الذئب وهو مزيج قاتل غير مؤلم وسريع المفعول، وتم تبرير موت الملكة منتحرة بأنها خافت من أن يقوم القائد الروماني أوكتافيوس بأخذها أسيرة إلي روما في موكب الانتصار ففضلت الانتحار على أن تكون ذليلة الأسر ، إلا أن الرأي الحديث والمعاصر يشكك في رواية لدغة الثعبان ويري بأن اوكتافيوس والذى أصبح الإمبراطور أغسطس فيما بعد هو الذي قتلها وأن أوكتافيوس حكم عليها بالموت بأن تختار طريقة موتها إما بالسم وإما بالحرق واختارت الملكة أن تموت مسمومة .
وأين ماتت الملكة كليوباترا؟
في الحقيقة، هناك خلاف بين المؤرخين عن المكان الذي انتحرت فيه كليوباترا هل هي مقبرتها أم قصرها، وعلى الأرجح أنها كانت في مقبرتها خوفا من أن يأسرها القائد الروماني أوكتافيوس وقام بعد ذلك باحتجازها في نفس المكان، وكان يرافقها خادمتها ايراس وخادها خارميون ، وقبل وفاة زوجها أنطونيوس كان قد أشار لها بعدم الانتحار والبقاء حية وأن تثق فقط في أحد رجال أوكتافيوس وهو الضابط جايوس بروكليوس، بينما اجتمع اوكتافيوس بكليوباترا وطلبت منه عدم أخذها أسيرة ولكنه لم يعطها إجابة واضحة، وعين علي حراستها أحد العسكريين ويدعي ايبافرويتوس وطلب منه أن يمنعها من الانتحار، ولكن أحد جواسيس كليوباترا أخبرها بأن أوكتافيوس يخطط علي أخذها أسيرة إلي روما، وحينما أرسلت كليوباترا إلي أوكتافيوس مذكرة تطلب فيها أن تدفن مع زوجها أنطونيوس أدرك أنها في طريقها للانتحار فارسل لها بروكليوس، وحاول بروكليوس وهو الضابط الذي كان يثق به مارك أنطوني، الوصول اليها عن طريق سلم ومن شرفة بالمقبرة ويلحق بها قبل أن تنتحر ولكن الوقت كان متأخرا وكانت الملكة قد ماتت، حيث وكانت الملكة قد عزمت علي تنفيذ طقوس الموت حينها، فأخذت حماما ثم تناولت وجبة بها فاكهة التين التي كانت تحبها، وحينما دخل بروكليوس عليها وجد ايراس تحت قدميها ووجد خارميون يسند التاج الذي على رأس الملكة أثناء سقوطها، فيما يقول المؤرخ كاسيوس ديو بأن أوكتافيوس لجأ إلي سحرة من ليبيا لينقذوا كليوباترا ويخرجوا السم بالفم ولكن المحاولة باءت بالفشل، ورغم من ضيق أوكتافيوس من انتحار كليوباترا لأنه كان يرغب في أخذها أسيرة في موكب النصر، ولكنه وافق علي دفنها مع زوجها وأعطي دفنة لائقة إلي الخادمين ايراس و خارميون، وهناك انقساما بين الخبراء حول مكان دفنها، فهناك من يرى أن كليوباترا بنيت لنفسها مقبرة في الإسكندرية، بينما يرى آخرون أن كليوباترا وأنطونيوس دفنا سويًا في أحد المعابد، ولن يتم إثبات صحة أو خطأ هذا إلا عندما يتم العثور على المقبرة المزعومة للملكة كليوباترا الموجودة الآن في اعماق المياه بجانب أنقاض ما تبقى من مدينة الإسكندرية القديمة.
الدكتور هشام همت: المرأة في مصر القديمة تمتعت بمكانة مرموقة نظرًا لتأثيرها في المجتمع المصري القديم
سعينا أيضا لمعرفة مكانة المرأة في مصر القديمة، وكيف كان لها دورا في الحكم وقيادة البلاد، وكيف تعامل المصريين القدماء مع الملكات، خاصة موضوع حلقتنا اليوم كليوباترا ونفرو سوبك، فكان لنا هذا الحوار مع الدكتور هشام همت، أستاذ التاريخ وحضارة مصر القديمة بجامعة عين شمس، وإلى نصر الحوار.
حدثنا في البداية عن مكانة المرأة عند المصريين القدماء
تمتعت المرأة في مصر القديمة بمكانة مرموقة نظرًا لتأثيرها في المجتمع المصري القديم، يكفى أنها كانت المعبر الشرعي والرئيسي لبلوغ عرش مصر، فكانت شرعية الملك تتحدد من أمه أو زوجته، ما جعل المصري القديم يلجأ إليها دائما في فترات شغور العرش من وريث شرعى، فكان على من يعتلى العرش من غير الدم الملكى أن يتزوج من أميرة من الأسرة الملكية لتعطيه شرعية حكم البلاد.
كيف مثلت الملكة نفرو سوبك مشروعية المرأة في حكم مصر في الحضارة القديمة؟
تعتبر الملكة نِفِرو سوبك وأحيانا كتب اسمها سوبك نفرو آخر ملكة من الأسرة الثانية عشر، وهي أخت الملك أمنمحات الرابع وبنت أمنمحات الثالث وهى الوريثة الوحيدة بما أن أمنمحات الرابع لم ينجب ذكورا مما يؤكد نظرة المصري القديم الى أحقية ومشروعية المرأة في حكم البلاد. حكمت مصر قرابة الأربع سنوات، وتوفيت دون وريث وبنهاية حكمها انتهت الأسرة الثانية عشر وانتهى عصر الدولة الوسطى لتدخل البلاد في فترة اضطرابات بسبب دخول الهكسوس مصر.
وما علاقة الملكة نفرو سوبك بالإله "سبك"؟
معنى اسم سوبك نفرو أى "جمال (الإله) سبك" وهو الإله الذى يصور في هيئة تمساح، وقد قُدس في منطقة الفيوم ومنطقة كوم آمبو بأسوان، وتمكنت نفرو سوبك من حكم البلاد وتمتعت بوضع مستقر، فلم يحدث في عصرها أي تمرد ضد حكمها، وكانت "نفرو سوبك"، أول ملكة تحمل "الألقاب الملكية الخمسة"، فلقبت باللقب "الحورى (أى نسبة إلى المعبود حورس) باللقب "مريت رع" (أي حبيبة رع)، واللقب النبتي (أي المنتمية إلى واجت ونخبت وهن ربات الشمال والجنوب في هيئة انثوية أيضا) باللقب "سات سخم نبت تاوى" (أي بنت القوى سيدة الأرضين)، أما لقب "حور نبو (أى حورس الذهبي) فباللقب "جدت خعو" (أي مثبتة التيجان)، و"لقب نسوت بيت (أى ملك مصر العليا والسفلى) باللقب "كا سوبك رع" (أي قرين المعبود سبك - رع)، وأخيراً لقبت بلقب "سا رع (أى ابن الشمس) باللقب "نفرو سوبك شديتي" (وهو الاسم الشخصي ومعناه جمال المعبود سوبك).
لماذا تركت الملكة نفرو سويك أو نفرو سوبك آثارا قليلة؟
بالفعل تركت "نفرو سوبك" مجموعة قليلة من الآثار نظرا لقصر فترة حكمها، وتقدم بعض الآثار معلومات مثيرة لاهتماماتها، فقد عثر على نقش يؤرخ بالعام الثالث من حكمها وعثر عليه عند الجندل الثاني بالقرب من قلعة قمنة في النوبة، ويسجل ارتفاع النيل، بما يشير إلى اهتمام الملكة نفرو سوبك بقياسات ارتفاع النيل، والذى يعتمد عليه في وضع السياسة الزراعية للدولة، وفى قرية تل الضبعة بمركز فاقوس في محافظة الشرقية ، تم الكشف عن أجزاء من خمسة تماثيل ، بينها ثلاثة تماثيل للملكة نفرو سوبك، كرست للإله سوبك وقد صنعت كلها من البازلت، كما تم اكتشاف عن عدد قليل من آثارها، من بينها ثلاثة تماثيل نصفية مفقودة الرأس، أهمها في متحف اللوفر في باريس، وأرجع العلماء سبب ظهور تماثيلها وهي مكسورة الأنف إلى تعرضها لاعتداءات للاعتراض على حكم المرأة في الحقب التاريخية التالية أو لمحو تاريخها وإيذائها ومنع عودة الروح إليها مجدداً وفق معتقداتهم الدينية القديمة.
كيف أظهرت التماثيل التي تركتها الملكة ملامحها؟
تماثيلها تظهرها بملامح وملابس أنثوية، في أوضاع الملوك، فنراها تطأ بقدميها أعداء مصر، مقلدةً ملوك مصر، منذ الملك مينا، في المظهر والزي والفعل كي يتم قبولها في أعين الشعب ولدى الآلهة. فربما حاولت التعبير عن ذاتها كى تتحول من ملكة إلى ملك فى أعين الجميع كما فعلت ذلك الملكة حتشبسوت لاحقًا.
كيف ارتبطت الملكة سبك نفرو بأبيها أمنمحات الثالث؟
لقد اهتمت الملكة بهرم أبيها أمنمحات الثالث ومجموعته الجنائزية الخاصة في منطقة هوارة في الفيوم، وقامت بالعديد من الإضافات إليها، وارتبطت أعمالها الأثرية والمعمارية بوالدها، فيما كُشف عن بعض القطع الأثرية التي تحمل اسمها بالقرب من هرم أبيها. كما توضح المصادر المصرية القديمة أن تلقبها بلقب "ملك" "نسو" في صيغته الذكورية، متغاضية عن كونها ملكة، و"ابنة الملك"، وليست "أخت الملك"، ما يوضح ميلها إلى الارتباط بأبيها، فيما لم يعثر على مقبرتها حتى الان وإن اعتقد البعض انها ربما دفنت في منطقة هرم مزغونة الشمالى فى الجيزة، على الرغم من أن هذا الهرم يخلو من أية كتابات قد تعرفنا هوية صاحبه، وإلى الشمال من مجموعة ترجع إلى أمنمحات الرابع، يوجد مكان يعرف باسم "سخم نفرو"، ربما كان هذا هو المكان الذى كان به هرم سوبك نفرو.
وماذا عن الملكة كليوباترا وأسرتها البطالمة ماذا يعنى هذا الاسم في مصر القديمة؟
معنى الاسم فهو اسم مكون من جزئين الجزء الأول (كليو) وتعني (المجد) أما الجزء الثاني وهو (باترا) أي (الأب أو أبوها) ليكون المعنى الصحيح لاسم “كليوباترا” (مجد أبوها)، وولدت الملكة كليوباترا السابعة عام 69 قبل الميلاد وهي آخر ملوك أسرة البطالمة التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد، وحتى احتلال مصر من قِبَل روما عام 30 قبل الميلاد، وكانت كليوباترا ابنة بطليموس الثاني عشر (أوليتس)، وقد خلفته كملكة سنة 51 ق.م مشتركة في العرش مع أخاها بطليموس الثالث عشر.
ما أبرز ما تعلمته كليوباترا قبل وصولها للحكم؟
درست كليوباترا الرياضيات والطب والكيمياء والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا، وكانت تتحدث حوالى تسع لغات. فبالإضافة إلى اللغة اليونانية، كانت كليوباترا تتحدث لغات الأمم المجاورة لمصر، وكانت الوحيدة ضمن نسل البطالمة التي اهتمت بتعلم لغة المصريين القدامى، وكانت ترتدي الملابس التقليدية وتشارك في الاحتفالات والمراسم المصرية، وهو ما أكسبها شعبية وسط العامة، بغض النظر عن أصولها الأجنبية.
وما أبرز ما اتسمت به كليوباترا خلال حكمها لمصر؟
رغم أن كل الصور الحديثة تظهر كليوباترا بوجه جذاب وفاتن، إلا أن القطع النقدية التى تحمل صورها، وكذلك بقايا بعض رؤوس التماثيل تبين أنها لم تكن بذلك القدر من الجمال الذي يتغنى به الكثيرون. لكن يذكر المؤرخون أن كليوباترا كانت تتمتع بقدرات دبلوماسية وكانت قوة حضورها وشخصيتها لا يقاومان.
هل هناك تمثال يكشف الشكل الحقيقى للملكة كليوباترا؟
يوجد تمثال من البازلت الأسود لكليوباترا في متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرج، روسيا، يتضح من خلاله شكلها.
لماذا ربطت الدراما والسينما كليوباترا بالجمال الفاتن؟
جمال كليوباترا لم يكن بالصارخ الذي تذهل له العقول عند رؤيته، إلا أن سحر وجودها كان لا يمكن مقاومته. كانت كليوباترا السابعة امرأة ذكية، حاكمة هلنستية كفؤة، وأم كرست حياتها لأبنائها الأربعة، لكنها قد سجنت في الأذهان في صورة المرأة التى لا تقاوم بسبب ظهورها المتكرر على اللوح الزيتية، وعلى المسارح والشاشات وفي الأعمال الأدبية على أنها الساحرة التى استطاعت أن تذيب قلوب اثنين من أعظم رجال روما.