تعانى الدول الأوروبية من استمرار موجة الجفاف التى تعتبر الأسوأ منذ 200 عام، بعد أن مرت القارة بصيف أكثر جفافا العام الماضى ثم شتاء خال من الأمطار والثلوج، وحسب تقديرات المفوضية الأوروبية فإن الخسائر تصل لعشرات المليارات من اليورو مع زيادة تكلفة الغذاء والنقل لأن معظم الأنهار والقنوات مثل الراين وبو، لم تعد صالحة للملاحة.
تمتلك أكبر القوى الزراعية الأوروبية (فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا وبلغاريا واليونان) احتياطيات أقل بكثير من المعتاد بسبب قلة الأمطار هذا الشتاء.
تعانى إيطاليا وإسبانيا، وهما من البلدان الرئيسية المنتجة للزراعة فى جنوب غرب أوروبا إلى جانب فرنسا، من عواقب الجفاف للعام الثانى على التوالى، حيث تتأثر حوالى 60% من الحقول الإسبانية بالظروف الجافة، مع ارتفاع تكلفة الغذاء حوالى 46% بسبب انخفاض الإنتاج والجفاف
تستمر أسعار السكر فى تحطيم الأرقام القياسية فى الأسواق وخاصة فى إسبانيا، وذلك بسبب نقص العرض والذى يعتبره المحللون الزراعيون نذيرًا لما يمكن أن يحدث لتكلفة وتوريد الأطعمة الأخرى مثل اللحوم أو خضراوات، وذلك يعود إلى انخفاض إنتاج البنجر بسبب الجفاف.
وفى إسبانيا، ارتفع سعر السكر للمستهلكين بنسبة 50.4% على أساس سنوى فى مارس، بينما ارتفعت أسعار المربى والآيس كريم والعسل بنسبة 19% فى عام واحد، فى أسواق العقود الآجلة، وفقًا لآخر تقرير شهرى لـ ISO، سجل السكر أعلى الأسعار فى السنوات الخمس الماضية فى مارس - التى وصل إليها بالفعل فى فبراير - وفى نهاية هذا الأسبوع فى سوق نيويورك تجاوز المؤشرات الأعلى فى السنوات العشر الماضية ؛ حوالى 700 يورو / طن.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، سجل السكر فى شهر مارس ثانى زيادة شهرية على التوالى (1.5%) وأعلى مستوى منذ عام 2016، بسبب المخاوف من التراجع العالمى فى المخزونات.
كما تشهد إسبانيا بالفعل خسائر لا يمكن تعويضها فى 3.5 مليون هكتار من محاصيل الحبوب، وفقًا لمنظمات المزارعين المحلية، خاصة فى مناطق مثل الأندلس وكاستيلا لامانشا وإكستريمادورا ومورسيا، تأثرت أيضًا بساتين الجوز وكروم العنب، كما أن قلة الأزهار - وبالتالى حبوب اللقاح - تجعل تربية النحل أمرًا صعبًا.
وفى إيطاليا، يحذر الخبراء ومجموعات المزارعين من أن الجفاف فى إيطاليا فى الـ100 يوم الأولى من عام 2023 أكثر خطورة مما كان عليه فى نفس المرحلة من عام 2022، وسيزداد سوءًا فى الأشهر المقبلة مع حدوث أضرار اقتصادية قوية.
وأشار فرانشيسكو فينتشنزى، رئيس الرابطة الوطنية لاتحادات حماية مياه الرى (ANBI)، فى تصريحات نُشرت على الموقع الرقمى للنشرة المتخصصة Rinnovabili، إلى أن "أسبوعًا بعد أسبوع، يشهد الوضع المائى فى شمال إيطاليا أسوأ"، مشيرا إلى أن الجفاف كلف البلاد حوالى 13 مليار يورو، الطماطم، على سبيل المثال، زادت بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضى فى إيطاليا.
وأوضحت صحيفة الجورنال الإيطالية أن نهر بو، وهو أحد أهم الأنهار فى البلاد يتدفق 338 مترًا مكعبًا فقط فى الثانية، وهو 25.0% أقل من الحد الأدنى التاريخى لشهر أبريل.
فى منطقة لومبارديا الجنوبية، تبلغ احتياطيات المياه 58.4% فقط من متوسطها التاريخى وأقل بمقدار 12.55 نقطة مئوية عن عام 2022.
أشار إيتورى براندينى، رئيس الاتحاد الوطنى للمزارعين المباشرين (كولديريتي)، إلى أنه "مع تغير المناخ، انخفض معدل هطول الأمطار الوطنى بمقدار الثلث"، فى حين أن 89.0% من المياه توفرها الأمطار الشحيحة المتزايدة، وهو يعرض بقاء الأراضى وإنتاج الغذاء والقدرة التنافسية لقطاع الغذاء بأكمله فى خطر".
وفى فرنسا فإنها الأخطر بشكل خاصة حيث لحقت اضرار واسعة فى الزراعية، وأيضا أصبحت تعتمد عشرات المفاعلات النووية الفرنسية على مياه النهر للتبريد، إذا لم يكن هناك ما يكفى من الماء أو كان الماء هناك شديد السخونة، كما حدث فى بعض الحالات فى الصيف الماضى، يجب إغلاق المفاعلات، هذا العام، بين يناير وفبراير، لم تكن هناك أمطار فى فرنسا لمدة 32 يومًا متتاليًا.
ولذلك فقد أعلنت الحكومة بالفعل أن 150 لترًا من مياه الشرب للفرد يوميًا غير مستدامة وأنه يجب على المنازل والصناعة تقليل استهلاكها، بالاضافة إلى ذلك فإنه يوجد فى معظم دور البلدية نوع من القيود، مثل حظر ملء أحواض السباحة أو رى الحدائق أو غسيل السيارات.
وبالاضافة إلى ذلك فقد بلغ الثلج فى جبال الألب، الذى يغذى الاحتياطيات وطبقات المياه الجوفية الفرنسية والإيطالية والنمساوية والسويسرية والسلوفينية، أدنى مستوى له نظرًا لوجود سجلات، وفقًا لبيانات شبكة الأقمار الصناعية الأوروبية كوبرنيكوس.
يضمن CCR التابع للاتحاد الأوروبى (مركز مشترك للبحث العلمي) أن حالة احتياطيات المياه وطبقات المياه الجوفية فى شمال إيطاليا وفرنسا وإسبانيا "تثير مخاوف بشأن إمدادات المياه للاستخدام البشرى والزراعة وإنتاج الطاقة.
فى منطقة اليورو، بلغ تضخم المواد الغذائية الخام 14.7% سنويًا و1.9% شهريًا فى مارس، وفقًا لـ Eurostat: فى كلتا الحالتين تجاوز المعدل العام البالغ 6.9% و0.9% على التوالى.