تعانى الدول الأوروبية، من استمرار موجة الجفاف التى تعتبر الأسوأ منذ 200 عام.
ويحذر الخبراء من تفاقم أزمة الجفاف من منتصف الربيع ويرى المزارعون ومربو الماشية إفلاس نشاطهم وشيكا بسبب نقص المياه، وحسب تقديرات المفوضية الأوروبية فإن الخسائر تصل لعشرات المليارات من اليورو مع زيادة تكلفة الغذاء والنقل لأن معظم الأنهار والقنوات مثل الراين وبو، لم تعد صالحة للملاحة.
ووفقا للمرصد الأوروبى للجفاف هذا الأسبوع ، فإن القارة العجوز تعانى من أزمة حادة فى منتصف الربيع، الأمر الذى دق ناقوس الخطر لدى المواطنين، خاصة فى وجه صرخة استغاثة المزارعين وأصحاب الماشية الذين يرون إفلاسهم وشيكا لنشاطهم بسبب نقص المياه.
يشعر الخبراء بالقلق من أن مثل هذا الجفاف المبكر سيعطل أنظمة إنتاج الغذاء إذا استمر. ويصفه بعض الخبراء بأنه "جفاف سريع"، وهي ظاهرة تحدث عادة من حين لآخر، ولكن هذا العام ضار بشكل خاص بالريف والدول الأوروبية بسبب الأزمة المتراكمة بسبب نقص المياه.
إسبانيا
جفاف
وتواجه إسبانيا واحدة من أسوأ موجات الجفاف في الآونة الأخيرة، حيث يصبح الربيع الأكثر جفافا فى الـ15 عاما الماضية مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وهو ما يهدد بنقص مياه الخزانات مرة أخرى، حسبما قالت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية AEMET.
وأشارت صحيفة "الإسبانيول" إلى أن الجفاف الذى تعانى منه إسبانيا أصبح يهدد النشاط الاقتصادى، لأن نقص المياه يؤثر على القطاعات الأساسية فى البلاد مثل الزراعة والغابات والطاقة، كما أنه يهدد بنقص مياه الخزانات إلى 39% فى أغسطس القادم، وهو ما يهدد بخسائر تصل إلى 27 مليار يورو من حيث الناتج المحلى الإجمالى، وذلك وفقا لبيانات اعدها فريق من الباحثين من قسم الاقتصاد بجامعة لويولا الاندلس.
وأوضح الباحثون أنه مع هذه الخسائر الاقتصادية سيصل الضرر من حيث التوظيف إلى فقدان نصف مليون وظيفة ، مع تأثر خاص بالقطاع الأولي وأخرى تتعلق بسلسلة التوريد للمنتجات المصنعة في المجال.
وقال الباحث لوز داري بلتران: "يجب تنفيذ تدابير التخفيف التي تشمل تحديد بنود الميزانية للإدارة السليمة ، والتي يجب أن تكون قائمة على أساس كمي، ومن بينها يقترح زيادة سعة الخزانات ويجب علينا تحسين السعة التخزينية للمياه ، خاصة في الأندلس ، إذا لم يكن الأمر كذلك فستكون المشكلة أسوأ بسبب تغير المناخ".
وأضاف: "أيضا تغيير الاستخدامات الزراعية للري وإعادة توزيع الموارد المائية، لأن 90٪ من المياه المستهلكة في إسبانيا مخصصة للاستخدامات الزراعية والحيوانية ، مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع الأغذية الزراعية يمثل 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي".
وتابع دانيال جونزاليس بيريز الأستاذ في المدرسة العليا للهندسة والتكنولوجيا في جامعة لاريوخا الدولية (UNIR): "إننا نستهلك مياهًا أكثر مما لدينا"، مضيفا "الحل هو تقليل استهلاكنا واعادة استخدام المياه العادمة مثلما يحدث فى مناطق كثيرة فى العالم مثل كاليفورنيا من خلال حملة "من المرحاض إلى الصنبور" وذلك يتم فى محطات معالجة مياة الصرف الصحى بفض التكنولوجيا الحالية".
وبالإضافة إلى ذلك لا بد من إنشاء محطات التحلية "التي تتطلب مصدر طاقة عاليًا، ويخلص إلى أن هناك "تقنيات قائمة على الرقمنة مستخدمة الإنترنت والاستشعار والتعلم الآلى، وذلك من أجل إنقاذ الزراعة التى تعتبر ركيزة اقتصادية لإسبانيا.
ويتأثر إنتاج الأغذية والمشروبات والتبغ المصنّع، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.25٪. تتطلب هذه الصناعات مستويات مياه عالية في عملية إنتاجها وتعتمد على السلع الوسيطة من القطاع الأولي، مما يؤدي إلى إحداث تأثيرات غير مباشرة.
فرنسا
جفاف 2
وحذرت الخدمة الجيولوجية الفرنسية من أن التراجع الحاد في مستويات المياه الجوفية يضع فرنسا في مواجهة جفاف صيفي أسوأ من العام الماضي وخاصة في الجزء الجنوبي من البلاد الذي دمرته حرائق غابات هائلة.
ووفقا لصحيفة 20 مينوتوس الإسبانية فإن فرنسا تتخذ اجراءات جديدة لوضع حد لأزمة نقص المياه فى البلاد ، وقالت فيولين باولت عالمة الهيدرولوجيا "الوضع مقلق ولدينا عدة سنوات قادمة جافة، فقد أصبحت المياه الجوفية أقل بشكل عام من مستويات العام الماضي، وأن إعادة التغذية لم تكن كافية في معظم أنحاء البلاد بعد شتاء جاف بشكل خاص.
وأشارت باولت إلى أن أجزاء كثيرة من فرنسا ستحتاج على الأرجح إلى فرض قيود على المياه في الصيف ولا سيما في المناطق الوسطى.
إيطاليا
جفاف 3
يهدد الجفاف التاريخي الذى يشهده نهر بو، وهو الأكبر والأقوى فى إيطاليا بعواقب وخيمة ليس فقط على الشمال المزدهر الذي يمر عبره ولكن على البلد بأكمله ، نظرًا لتأثيره الهائل على الاقتصاد الإيطالى، وفقا لصحيفة "الجورنال" الإيطالية.
وأوضح باريد أنتولين رئيس نقابة الجيولوجيين فى إيطاليا، أن "نهر بو يمثل حوضه 35٪ من الزراعة ، و 55٪ من الثروة الحيوانية ، و 55٪ من الطاقة الكهرومائية ، وهو بلا شك محرك للاقتصاد الإيطالي" ، مضيفا " نهر بو لم يكن جافا الى هذا الحد من قبل".
ووفقا لجمعية المزارعين فإن الجفاف تسبب فى خسائر رزاعية وصلت الى 6 مليار يورو فى البلاد.
وكانت الحكومة الإيطالية وافقت على تعيين مفوض خاص للتعامل مع آثار الجفاف الشديد الذى يهدد البلاد الصيف المقبل للعام الثانى على التوالى، وذلك وسط مخاوف من تكرار نقص الإنتاج وتأثر اقتصاد البلاد.
في الصيف الماضى، أعلنت إيطاليا حالة الطوارئ فى خمس مناطق فى شمال البلاد بسبب الجفاف، وأعلنت الحكومة عن 36.5 مليون يورو فى شكل أموال طارئة لمساعدة المناطق المتضررة، وكان من المفترض أن تكون السلسلة بمثابة علاج للإنتاج الزراعى لبقرة بو ، مما جعلها أفقر سلسلة على مدار الـ70 عامًا الماضية.