تستمر أوروبا فى محاولاتها لتعويض أزمة نقص الغاز التى تواجهها بعد حرب أوكرانيا، والتى تسببت فى أزمات اقتصادية كبيرة مع ارتفاع أسعار الطاقة فى القارة العجوز، وكانت "الطاقة الحرارية الأرضية" أحد الحلول الأخيرة التى لجأت إليها بعض الدول الأوروبية فى الآونة الأخيرة.
وأشارت صحيفة "ليستن دياريو" الإسبانية، إلى أنه فى جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى، تكتسب الطاقة الحرارية الأرضية فى أعماق البحار والتى يتم تحقيقها من خلال التقاط الحرارة من المياه الجوفية، اهتمامًا بإنتاج الحرارة مع تقليل انبعاثات الكربون، وعلى الرغم من أن الأسعار قد انخفضت مؤخرًا فى الأسواق قصيرة الأجل، إلا أن الأزمة كشفت ضعف القارة فى مجال الطاقة.
وأوضحت الصحيفة أن الطاقة الحرارية الجوفية الخضراء تتمتع بالعديد من المزايا، وقال كريستيان بليتل مدير أنشطة الطاقة الحرارية الأرضية فى مرفق إدارة النفايات الصلبة التابع للبلدية "كان هناك ازدهار حقيقى فى الطلب منذ بداية هذه الازمة".
وفى نهاية عام 2022، نشرت الحكومة الألمانية خارطة طريق تتضمن هدف إنتاج 10 تيراواط ساعة من الحرارة الجوفية سنويًا بحلول عام 2030 أى عشرة أضعاف ما هو عليه اليوم، ولتحقيق ذلك، تخطط برلين للترويج "لما لا يقل عن 100 مشروع آخر للطاقة الحرارية الأرضية" فى البلاد، والتى تعتمد بنسبة 50% على الغاز للتدفئة.
ووفقًا للمفوضية الأوروبية، من خلال الطاقة الحرارية الأرضية يمكن تلبية "ما يصل إلى 25% من احتياجات التدفئة" فى الاتحاد الأوروبى دون انبعاث الكربون.
وقالت صحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية أن الطاقة الحرارية الأرضية مصدرًا متجددًا ونظيفًا نسبيًا نظرًا لأنها لا تولد أى انبعاثات، وهى طاقة تحظى بدعم المؤسسات الأوروبية.
وتوضح المفوضية الأوروبية دعم الاتحاد الأوروبى فى مجال البحث والتطوير وتركيب هذه التقنيات، سواء تلك التى تسعى إلى استخراج الطاقة الحرارية أو تلك التى تستخدمها لتوليد الكهرباء.
ويبدو أن الطاقة الحرارية الأرضية بدأت تترسخ فى أوروبا. وبحسب شركة Rystad Energy الاستشارية، فإن الاستثمار الأوروبى فى أنظمة التدفئة الحرارية الأرضية (المنزلية والزراعية) سيصل إلى 7.4 مليار دولار. وبفضل هذا الاستثمار، ستواصل قدرة الطاقة الحرارية الأرضية المثبتة فى بيئتنا الاتجاه المتزايد خلال الـ 32 عامًا الماضية، حيث ستنتقل من 3.9 جيجاوات حرارية حاليًا إلى 6.2 جيجاوات فى عام 2030.
وفى الوقت الحالى، لا تتمتع جميع البلدان بنفس الوتيرة، وتقود الطريق دول مثل أيسلندا وفرنسا والمجر ووفقاً لتوقعات الشركة الاستشارية، فإن الصناعة فى هذه البلدان ستكون بالفعل فى مرحلة ناضجة، وسيكون النمو فى هذا العقد أقل من المتوسط.
وعلى الجانب الآخر، يعتقد الخبراء أن هولندا يمكن أن تصبح الدولة ذات الاستخدام الأكبر للطاقة الحرارية الأرضية فى أنظمة التدفئة.
وعلى المدى الطويل، يمكن للطاقة الحرارية الأرضية أن تساعد فى زيادة الاستهلاك الذاتى للطاقة وبالتالى تقليل الاعتماد على المصادر الخارجية.
تاريخيًا، كانت بعض الدول بقيادة أيسلندا وفرنسا والمجر تستحوذ على سعة الطاقة الحرارية الأرضية المركبة لأغراض التدفئة فى أوروبا، لكن منذ عام 2010، انضم المزيد من البلدان مثل ألمانيا وهولندا بخطط لتعزيز نمو السعة حتى عام 2030.
وفى السنوات الـ10 الماضية، تضاعفت القدرة المركبة فى ألمانيا من 200 ميجاواط فى عام 2012 إلى 400 ميجاواط حاليًا، حسبما نقلت وحدة أبحاث الطاقة عن ريستاد إنرجى.
وبحلول عام 2030، من المقرر أن تتضاعف سعة الطاقة الحرارية الأرضية فى ألمانيا لتصل إلى 850 ميجاواط، إذ تخطط برلين لإنفاق أكثر من 1.5 مليار دولار بنهاية هذا العقد، فى سبيل تعزيز أمن الطاقة بعد انخفاض تدفقات الغاز الروسى.