امتدادا لمسار الحلول السياسية التى وضعتها "قمة القاهرة للسلام 2023" واستضافتها مصر الشهر الماضى، تأتى القمة العربية الإسلامية المشتركة المنعقدة اليوم، السبت فى الرياض، لتبنى على أسس الحل السياسى التى وضعتها قمة القاهرة وتؤكد على خارجة الطريق المصرية والتى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة.
وتعد القمة العربية الإسلامية المشتركة والتى ترعاها السعودية ويحضرها القادة العرب اليوم، مكملة لما جاءت به "قمة القاهرة للسلام 2023"، فى بحث سبل وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، ومن المقرر أن تبعث برسائل عديدة وفقا للأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضى العربية المحتلة بالجامعة العربية الدكتور سعيد أبو على، فى مقدمتها بلورة موقف عربى جماعى للمجتمع الدولى، وتجديد الدعم الكامل بكل أشكاله السياسية والمادية لنضال الشعب الفلسطينى وتعزيز صموده.
رسائل بعثت بها قبل نحو 20 يوما "قمة القاهرة للسلام 2023"، بل جاءت الأخيرة لتكون الأشمل فى التأكيد على الثوابت فى القضية الفلسطنية التى أعادتها إلى الواجهة من خلال مصر "صانعة السلام" حيث دعت إلى العودة لطاولة المفاوضات بعد سنوات من هجرها، ثوابت تضمن حق الفلسطينيين المشروع فى إقامة دولة مستقلة، لذلك قامت الدولة المصرية بجهود متعددة المستويات والأبعاد، لخدمة ملفات القضية، للوصول إلى الهدف النهائى هو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وبما أن القمة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، فإنها نادت بحل القضية، على أساس "العدل" من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، فى تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم، مثل باقى شعوب الأرض.
أحد المكاسب الأخرى التى حققتها قمة القاهرة للسلام 2023، هى إلقاء الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة منذ نحو أكثر من أسبوعين، من استهداف وقتل وترويع كل المدنيين المسالمين، ومهدت الطريق بذلك لإحداث ضغط دولى من أجل إدخال المساعدات الإنسانية.
بل وأجبرت قمة القاهرة الغرب على تغيير نبرته ولغة الخطاب حيال الجرائم الإسرائيلية، ففى الوقت ذاته، كانت فرصة لاستعراض الأزمة الإنسانية التى توصف بالكارثية، والتى يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطينى، فى قطاع غزة، حيث تفرض إسرائيل عليهم عقابا جماعيا، وحصارا وتجويعا، وضغوطا عنيفة من أجل تهجير الفلسطينيين قسريا، فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى أبرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولى، والقانون الدولى الإنسانى، لتجريمها، ومنع تكرارها.
ويأتى رفض استخدام الضغط الإنسانى، للإجبار على التهجير، على رأس مكتسبات القمة، حيث أكدت مصر من خلال كلمة الرئيس السيسى، على الرفض التام، للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء، وتنظر الدولة المصرية للتهجير باعتباره "تصفية نهائية للقضية الفلسطينية" وإنهاءً لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطينى، والشعوب العربية والإسلامية، وشدد على أن هذا الشعب الأبى الصامد يرفض مغادرة أرضه حتى لو كانت هذه الأرض، تحت الاحتلال، أو القصف.
وفى وقت رفعت فيه إسرائيل من وتيرة بناء المستوطنات وتدنيس المقدسات، جائت القمة أيضا لترفض الإجراءات الأحادية من جانب الاحتلال، ومن بينها الاستيطان وتدنيس المقدسات، بل وخلع الفلسطينيين من بيوتهم وقُراهم، ومن القدس الشريف.
وضعت القاهرة خارطة طريق تعد الأساس التى تبنى عليه كل المحافل الدولية التى نددت بالعدوان الإسرائيلى، وتستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى،. مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".