لا ينكر أحد أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت ذراع أساسية لنشر المحتوى بصورة سريعة حول العالم إلا أن استغلال بعض النفوس الضعيفة لتلك الوسائل أصبح أمرا في غاية الخطورة، فنشر الشائعات لا يستغرق سوى دقائق معدودة ورفع الفيديوهات المفبركة لا يستغرق عدة ثوانى، لنرى "تصدر الترند" هو الهدف الأساسى والرئيسى لأى مؤسسة إعلامية، وهو ما تجلى فى تناول وسائل الإعلام الغربية الحرب على غزة وكمية الأكاذيب والافتراءات التى مارستها وسائل الإعلام الغربية باستخدام حسابتها على مواقع التواصل لنشر الزيف والأكاذيب بين الناس.
نجد وسائل التواصل الاجتماعى مليئة بالادعاءات الكاذبة ونظريات المؤامرة، ومحتوى الكراهية المحيط بما يحدث في حق الفلسطينيين فى غزة، وهناك العديد من الأسئلة حول ما إذا كانت الحسابات غير الحقيقية تُستخدم للتلاعب بذلك المحتوى.
إن الطريقة التى تنتشر بها المعلومات المضللة على منصات التواصل الاجتماعى يمكن أن تشكل وجهة نظر الجمهور العام حول الوضع في كل من غزة وإسرائيل، وهذا بدوره يمكن أن يضغط أيضا على السياسيين، الذين يتخذون قرارات مهمة بشأن ما يتكشف.
واستمرارا لمسلسل الإدعاءات والأكاذيب الذى تقوم بها وسائل الإعلام الغربية على أخر التطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، وإظهار الجانب الفلسطينى أنه هو المعتدى، تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى لقناة CNN الأمريكية، لمخرج ينسى أنه على الهواء ويقوم بتوجيه مراسلة الأخبار والمصور معها من خلال التليفون، ويطلب منهم بأن يتظاهروا بأنهم قد تعرّضوا لصواريخ المقاومة، ويقول لها" تلفّتى حولك بطريقة تظهرى بأنك مذعورة من القصف".
ويأتى مقطع الفيديو بعد يوم من سقطة مهنية آخرى للشبكة نفسها ، حيث ذكرت مراسلة تابعة لسي إن إن ، أنه تم العثور فى مستوطنة كفار على جثامين أطفال "مقطوعة الرؤوس" وهو تصريح سبق وأن ردده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبعد يوم من التصريح الذى جاء على لسان المراسلة سارة سيدنر ، وترويجها لتلك الرواية التي تبناها الجيش الإسرائيلي والرئيس الأمريكي جو بايدن ، كتبت سيدنر على حسابها فى موقع التواصل الاجتماعى "إكس": "بالأمس، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إنهم يؤكدون أن حماس قطعت رؤوس الأطفال. لكن اليوم تقول السلطات الإسرائيلية إنها لا تستطيع تأكيد المعلومات المتعلقة بالأطفال المقطوعة الرأس. يجب أن أكون أكثر حذرا في ما يتعلق بالصياغة في المستقبل.. وأنا أعتذر".
وبرغم اعتذار "سيدنر" الشخصى، إلا أن الشبكة الأمريكية لم تقدم على أى خطوة مماثلة أو حتى التوضيح لجمهورها عن مدي الخطأ الذي ارتكبته.
يأتى هذا فى الوقت الذى تحاول فيه الشبكة الأمريكية ، والإعلام الغربي بشكل عام قلب الحقائق ، ومحاولة استمالة الرأى العام العالمي لصالح قوات الاحتلال ، وغض الطرف عن المجازر التي يتم ارتكابها منذ ما يزيد علي أسبوع ، تسود حالة من التجاهل التامة للاستهداف الإسرائيلي المتعمد للصحفيين والإعلاميين العرب والأجانب ، في محاولة لطمس الحقائق.
وفى هذا الصدد، قالت صحيفة واشنطن بوست إن أكثر من 750 صحفيا من عشرات وسائل الإعلام وقعوا خطابا مفتوحا نشر أمس، الخميس، يدين قتل إسرائيل للصحفيين فى غزة وينتقد التغطية الإعلامية الغربية للحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطاب، الذى قال إن غرف الأخبار مسئولى عن اللغة غير الإنسانية التى تم استخدامها لتبرير التطهير العرقى للفلسطينيين، هو الأحدث فى سلسلة من البيانات الجماعية الحماسية التى ترتكز على رد الفعل من جانب الولايات المتحدة على حرب إسرائيل على غزة.
وفى حين انتقد كتاب وفنانون وعلماء وأكاديميون التغطية الإعلامية للصراع، فإن الخطاب الأخير الذى شمل موقعون من رويترز ولوس أنجلوس تايمز وبوسطن جلوب وواشنطن بوست، يتسم بكشف الانقسامات والإحباطات داخل غرف الأخبار.
وبالنسبة لبعض الصحفيين، فإن التوقيع على الخطاب هو خطوة جريئة أو محفوفة بالمخاطر. فقد تم طرد صحفيين من بعض غرف الأخبار بسبب تبنيهم مواقف سياسية عامة قد تعرضهم لاتهامات بالتحيز.
إلا أن منظمى الخطاب الأخير يجادلون بأنه دعوة إلى إعادة الالتزام بالنزاهة، وليس التخلى عنها.
وقال عبدالله فياض، عضو مجلس التحرير السابق بصحيفة بوسطن جلوب، والذى وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة بوليتزر عام 2022، والذى وقع الخطاب إنه يأمل أن يكون هذا الخطاب ردا على ثقافة الخوف حول هذه القضية. وأضاف: وأن يفكر أصحاب القرار والصحفيين ورؤساء التحرير مرتين فى اللغة التى يستخدمونها.
من جانبها، قالت سوهانا حسين، مراسلة صحيفة لوس أنجلوس تايمز التى وقعت الخطاب، إن الأمر يتعلق فقط بمطالبة الصحفيين بالقيام بعملهم، ومحاسبة السلطة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الخطاب يقول إنه ينبغى على الصحفيين أن يستخدموا كلمات مثل الفصل العنصرى والتطهير العرقى والإبادة الجماعية لوصف معاملة إسرائيل للفلسطينيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة