- طبيب تجميل: الجلد البشرى يمكن بيعه والاستفادة منه طبيا
- مسئول إسرائيلى يعترف: نحصل على الجلود من الفلسطينيين والعمال الأفارقة
- المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان يدعو لتحقيق دولى
الجلد البشرى هو الساتر لأجسادنا، والحائل الوحيد بين الجسم وبين البيئة المحيطة به، قد لا يخطر على بالنا يوما التفكير فى مدى أهميته أو طبيعة وظيفته، وقد لا يخطر على قلب إنسان أن يتم نزعه من شهيد بعد قتله، ولكن ما حدث أن هذه جريمة ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، تضاف إلى سجل جرائم وانتهاكات لا ينتهى.
بداية القصة
ففى فلسطين أثارت بعض التقارير والتصريحات أمرا خطيرا، يبرهن على جرائم الاحتلال البشعة ضد الفلسطينيين، الجرائم التي لا تقتصر على الأحياء فقط بل طالت الشهداء أيضا.
فقد كشف عدد من المسئولين والأطباء الفلسطينيين عن خطف قوات الاحتلال وسرقة المئات من جثث الشهداء الفلسطينيين، حيث اتهم عمر الغول عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الاحتلال بسرقة الأعضاء البشرية، مستنكرا الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ومنها خطف جثث الشهداء من داخل مستشفى الشفاء بغزة.
فيما قال منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة، إن قوات الاحتلال اختطفت أكثر من 145 جثة لشهداء فلسطينيين أثناء اقتحامها الهمجى لمستشفى الشفاء.
وهذا ما دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة واصدار تقرير حول احتجاز الجيش الإسرائيلي جثث عشرات القتلى الفلسطينيين خلال حربه على قطاع غزة.واتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الجيش الإسرائيلي بسرقة أعضاء من الشهداء في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل ومحايد، معرباً عن مخاوفه من احتمال سرقة أعضاء من جثث فلسطينيين، بعد أن وردت تقارير من أطباء في غزة قاموا بفحص بعض الجثث بعد أن أفرج عنها جيش الاحتلال.
قالت المنظمة إنها وثقت قيام قوات الاحتلال بمصادرة عشرات الجثث من مستشفى الشفاء والإندونيسى في شمال غزة، إلى جانب جثث أخرى في الجنوب.
واستشهد المرصد بتقارير من أطباء في غزة قاموا بفحص بعض الجثث بعد أن أفرج عنها جيش الاحتلال، ووجد هؤلاء المتخصصون الطبيون أدلة على سرقة الأعضاء.
ومع هذه التقارير والتصريحات الخطيرة يعود إلى السطح الحديث عن سرقة إسرائيل لأعضاء الفلسطينيين، والعديد من الشهادات التى أدلى بها أطباء اسرائيليون حول هذه الجرائم وحول امتلاك اسرائيل لأكبر بنك للجلد فى العالم.
جريمة تاريخية واعترافات إسرائيلية
أثار تحقيق تلفزيوني أذيع عام 2014 على قناة إسرائيلية جدلًا واسعًا حول العالم، وذلك عندما كشفت مديرة بنك الجلد الإسرائيلي أن احتياطي إسرائيل من "الجلد البشري" وصل إلى 170 مترًا مربعًا، وهو عدد هائل نسبة لعدد سكان البلاد، وخلال التحقيق اعترف عدد من المسئولين الإسرائيليين رفيعي المستوى بنزع الأعضاء من جثامين "القتلى" الفلسطينيين والعمال الأفارقة، واستخدامها في علاج الإسرائيليين، وكذلك استخدامها في مختبرات كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية.
كما كشفت الطبيبة الإسرائيلية "مئيرة فايس" فى كتابها الذى حمل عنوان "على جثثهم الميتة"، عن سرقة أعضاء من جثث قتلى فلسطينيين لزرعها في أجساد مرضى يهود، واستعمالها في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لإجراء الأبحاث عليها.
و أقر "يهودا هس" المدير السابق لمعهد الطب الشرعي في إسرائيل، بسرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلد لـ "قتلى" فلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، دون علم أو موافقة ذويهم، حيث أكد المسئولون الإسرائيليون أنهم لا يقتربون من جثث الموتى الاسرائيليين ولا يحصلون منها على أى أعضاء بل يعتمدون فى ذلك على جثث الفلسطينيين والعمال الأفارقة.
ما سبق وما أثير حول بنك الجلد الإسرائيلى و نزع جلود جثث الشهداء الفلسطينيين يثير العديد من التساؤلات، فهل يمكن للجلد البشرى أن يعيش بعد موت صاحبه؟! هل يمكن الاستفادة به فى أغراض طبية أخرى؟! وما هى هذه الاستخدامات؟
هل يعيش الجلد البشرى بعد موت صاحبه؟
بنك الجلد هو نظام تخزين عينات من الجلد ، يتم استخدامها في عمليات ترقيع أو زراعة الجلد.ومن وجهة نظر علمية، قال الدكتور عبد الرحمن عصفور استشاري جراحة التجميل والحروق والليزر مستشفيات التأمين جامعة القاهرة، وعضو الجمعية المصرية للتجميل والإصلاح، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الجلد البشرى هو أكبر عضو من حيث المساحة فى جسم الانسان، يحميه من التلف والالتهاب والميكروبات والتلوث، ويحمى الإنسان من الهلاك، حيث يغطى الأعصاب الطرفية، وله الكثير من الاستخدامات العلمية بالفعل، فهو عنصر هام وحيوى وقد تتوقف عليه حياة مريض بين " الحياة والموت"، ومن هنا جاءت أهميته وإنشاء بنوك خاصة للحفاظ عليه صالحا لفترات ليست بقصيرة.
وتابع استشارى التجميل مؤكدا على أن استخدامات الجلد البشرى متنوعة ولا حصر لها، فهو العنصر الأهم فى عمليات "الترقيع" ، خاصة لمصابى الحروق والحوادث، وحالات فقدان الجلد المختلفة نتيجة العلاج الإشعاعي لبعض حالات السرطان، وآثار الجروح العميقة، ويستخدم كغطاء كبير لمساحات الحروق الكبيرة، وحالات السرطانات الخبيثة، والالتهابات الملوثة والقرح الشديدة، والقدم السكرى المتضرر، وهنا قد يتم إزالة الجلد المتضرر وإبداله بآخر جيد وسليم.
بنوك الجلد فى العالم
وتابع أن عملية "الترقيع" هي العملية الجراحية الأشهر في مجال استخدامات الجلد البشرى، وقدرته على إنقاذ حياة شخص على شفا "الموت"، وهى عملية جراحية دقيقة، تتم تحت التخدير الكامل ، ويقوم الأطباء بنزع الطبقتين الأولى والثانية أو على حسب الحالة، من الجلد السليم "الحى"، ليوضع في حضانات متخصصة داخل بنوك "الجلد" العادية، لتعقيمه وإعادة هيكلته بأسرع وقت، لحمايته من التلوث أو الالتهاب، وكذا الاختناق، ويتم استخدامه في "ترقيع" مناطق متضررة في جسم المريض الذى يعانى على سبيل المثال لا الحصر من الحروق البالغة التي تعدت نسبتها الـ 70 بالمائة تقريبا.
وأكد "عصفور" موضحا أن التقنية سالفة الذكر هي التقنية العادية المستخدمة في اصلاح الجلد المتضرر من الحوادث والحروق في مصر والعالم، وتتم بثلاث أشكال إما بأخذ الجلد من جزء سليم في جسم المصاب، كجلد الفخذ أو منطقة البطن على سبيل المثال، وترقيع المنطقة المتضررة من الحرق وتسمى بـ"الرقعة".
كحل آخر – قليل الحدوث نسبيا- يمكن اللجوء إلى الحصول على الجلد السليم من أحد أقرباء الشخص "لمتضرر جلده بسبب الحرق ويحتاج لزراعة رقعة، من أصحاب الصفة الأولى، مثل الأم أو الأب أو توأمه – إن وجد- لرفع فرص تقبل الجسم لهذه الرقعة الخارجية من الجلد، وهنا تؤخذ "رقعة" أو عينة بسيطة من الجلد السليم لزرعها في مسطحات، تسمى بالمزرعة الجلدية، لزيادة حجمها وطولها وعرضها، وتتزايد عدد الخلايا وتتسع، ويقوم المختصون بإرجاعها في جسم المريض المتضرر لإمكانية قبولها وعدم رفضها من قبل الجسم.
جلود الموتى..هل يمكنها إنقاذ الأحياء؟
أما الحلول الأخرى التى ما زالت تحت الدراسة والتجارب حسب تأكيد دكتور عبد الرحمن، فتلك التي تتعلق بنقل الجلد من شخص حى إلى آخر متضرر، ولكنه ليس من الأقرباء من الدرجة الأولى، أي من "الغرباء"، ، أو كذلك الاستعانة بجلد شخص "ميت" ، إلى آخر حى متضرر لإنقاذ حياته، وهذه المحاولات ما زالت تحت البحث والتجارب في العديد من دول العالم المتقدمة في مجال جراحات الجلد والحروق، وذلك لندرة فرص قبول الجسم المتضرر لمثل هذه الأنسجة الغريبة عليه.
وعن إمكانية استخدام جلد "الميت" لإنقاذ متضرر حى، قال "د.عبد الرحمن" إنه يمكن الاستفادة بالفعل من جلد الشخص "الميت" ، شريطة أن يتم إزالة الجلد عنه فور وفاته من 3 إلى 6 ساعات بحد أقصى، يكون فيها الجلد ما زال "حيا" في بعض الحالات وليست جميعها، وبعد مرور الست ساعات تقريبا يتعرض الجلد للتجمد والتصلب نتيجة توقف وصول الدم للخلايا فتضمر وتموت ويتحول الى حالة "اسمرار الجلد" أو بالمعنى الدارج "الغرغرينا"، وقد يصل الجلد لهذه الحالة فور الوفاة ولا يصمد حتى مرور هذه الساعات السالفة الذكر.
وانتجت الأبحاث الجارية نتائج ضئيلة وفقيرة وليست نهائية -حسب تأكيد الدكتور عصفور- حول هذه الاستخدامات وذلك لأنها -ان وجدت- تتم فقط ليس لعلاج الحالة بل لإنقاذ حياتها "بشكل مؤقت" من خلال زرع خلايا بسيطة في الجسم لزيادة فرص تقبل الجسم المتضرر لها.
بنوك الجلد العالمية وتقنية نزع جلود الموتى
فيما قال الدكتور حازم أحمد أيوب، استشارى التجميل والحروق وجراحات اليد، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إنه يمكن استخدام جلود "الأموات" بالفعل في استخدامات طبية وجراحية، مشيرا إلى أن هناك بلدان تقدمت في المجال الجراحى للحروق وأجرت أكثر من تجربة بحثية في هذا المجال، مثل إنجلترا وفى بعض ولايات "بلجيكا"، ولكن لم تثمر هذه التجارب عن نتائج مؤكدة معتمدة حتى الآن.
وعن تقنية نزع جلد "الميت"، قال الدكتور حازم إن الجراحين المتخصصين يقومون بتقشير الطبقتين السطحيتين من الجلد "الأولى والوسطى" باستخدام سكينة "الترقيع"، فور الوفاة، وتؤخذ سريعا للتعقيم في ثلاجات "الجلد" لتحفظ تحت درجات حرارة معينة، وبتقنيات كثيرة ومعقدة للغاية، لحين نقلها واستخدامها لجسم متضرر يحتاجها"، مؤكداً أن هذه العمليات تشهد اختبارات عديدة فى دول العالم المتقدم حالياً، وأن استخدام الجلد من شخص "ميت" تكون لإنقاذ الحياة السريع.
الجلود البشرية " منتجات" يمكن بيعها
أما عن استخدامات جلود "الموتى"، فحدثنا الدكتور محمد سويد استشارى جراحات التجميل والحروق ورئيس قسم الحروق مستشفى رأس التين العام، مؤكدا أنه في الدول المتقدمة وفي مجال الحروق وبالأخص فى "الصين"، يتم إجراء التجارب البحثية على جلود "الموتى" للعديد من الاستخدامات الجراحية البشرية، وكذا جلود الحيوانات، بأخذ عينات بسيطة منها لتخليقها معمليا ومعالجتها، وإضافة السليكون وتعقيمها، وتختلف استخداماتها كـ" منتجات " وليس لنقلها المباشر للمريض المتضرر كما في عمليات الترقيع المعروفة الشائعة.
وأوضح أن المنتجات المخلقة من جلود "الموتى" تستخدم بأشكال عدة وكثيرة، كزرعها في جسم شخص متضرر للمساعدة في إنبات خلايا جديدة، ولكن تحتاج أيضا بعد ذلك لتغطيتها بطبقة أخرى من الجلد السليم من الشخص "المتضرر" نفسه، ولكن ، أكد "سويد" على أنه لا تقنية محددة أو ثابتة أو معتمدة في هذا الصدد حتى الآن.
وأكد " سويد" على أنه بالفعل يمكن بيع هذه المنتجات البشرية تحت مسمى " الجلد الصناعى"، لأنه تم تصنيعه من عينة بشرية، ويباع لإنقاذ الحياة ومصابى الحروق للاستخدامات الطبية البحتة، والعمليات الجراحية المعقدة.
و أما عن إمكانية استخدام جلود "الموتى" في أغراض طبية، فقال الدكتور محسن سليمان أستاذ الامراض الجلدية والمناعية قصر العينى، ورئيس الجمعية المصرية لأمراض الجلد، خلال تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أنه ومنذ أكثر من 25 عام وتلك التجارب البحثية على جلود "الموتى" يتم إجراؤها واختبارها، وتشهد اسرائيل العديد من التجارب والاختبارات فى هذا المجال حيث تمتلك أحد أكبر بنوك الجلد فى العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة