أصبحت سرقة جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ جلود وأعضاء جثث الشهداء الفلسطينيين، القضية الأشهر مؤخرًا، في ظل ما تتعرض له فلسطين من انتهاكات وممارسات وحشية على يد الكيان الغاشم المحتل، خاصة بعد سرقة قوات الاحتلال مؤخرًا جثث الفلسطينيين الذين استشهدوا غدرًا قبل انسحاب قوات الاحتلال من هجوم مستشفى الشفاء بغزة، وهنا ثارت التساؤلات، ماذا يفعل هؤلاء بجثث الشهداء؟!، وما هذا الحرص على جمعها؟!.
وهنا عادت التقارير لتثير قضية "بنك الجلود البشرية الإسرائيلى" الذى يعد الأكبر فى العالم - باعترافهم - والذى يحتوى على كميات وأمتار كبيرة من الجلود البشرية، فهل يمكن أن يكون الجلد البشرى له فائدة بعد وفاة صاحبه؟!
وكان "اليوم السابع" قد تابع القضية، وبحث مع الأطباء والباحثين حول أهمية الجلد البشرى واستخداماته، وفوائده العظيمة فى عمليات الحروق والتشوهات والحوادث، وخلص إلى أن الجلد البشرى "منتج" للبيع مهم ويدخل فى الكثير من الاستخدامات الطبية.
شهد شاهد من أهلها.. كتاب "على جثامينهم الميتة".. اعترافات الطبيبة الإسرائيلية بسرقة أعضاء الشهداء
فى كتابها المثير للجدل تحت عنوان "على جثامينهم الميتة"، ذكرت صاحبة الكتاب وعالمة الطب الشرعى والإنسانيات الدكتورة الإسرائيلية "مائيرا فايس"، أنها خلال فترة عملها فى معهد الطب الشرعى الإسرائيلى فى الفترة من عام 1996حتى العام 2001، كان يتم تفريغ جثث الشهداء الفلسطينيين، من معظم أعضائها، كما كان يتم الحصول على أجزاء من جلودها - ومن الظهر خصيصًا - حتى لا تكون آثار التشريح ظاهرة على مظهر الجثمان عند استلام أهالى الشهيد له.
صحفى سويدى لقب بـ"المزعج" يوثق جريمة الكيان الصهيونى فى جثث الشهداء بكتاب مصور
أما عن الصحفي السويدي الشهير دونالدو بوستروم، الذي أطلق عليه البعض لقب "المزعج"، الذى شاكس دولة الاحتلال بالكثير من الحقائق الدامغة، خلال فترة تغطيته فى فلسطين فى فترة التسعينيات، كصحفى ومصور، ونشر القضية الشهيرة عام 2009 عن نهب وبيع أعضاء وجثث الشهداء الفلسطينيين، والذى أثار حينها حفيظة دولة الاحتلال، وتوترت العلاقة بينها وبين دولة السويد حين ذاك.
وقال "دونالد" خلال العديد من اللقاءات الصحفية أنه تعرض للكثير من الضغوط لعدم عرض الصور التي كان يلتقطها خلال فترة تغطيته للأحداث في فلسطين، إلا أنه وثقها ونشر بعضها فى كتابة المصور الذى أطلقه فى عام 2001 لأكثر من 200 صورة، تبرهن بالأدلة الدامغة على انتهاكات قوات الاحتلال تجاه الفلسطينيين وتجاه جثثهم، ذاكرًا قصة الشاب الفلسطينى بلال أحمد غانم الذى قتله جنود الاحتلال غدرًا بطلقات بالرصاص فى الضفة الغربية، وعندما تسلم أهله جثته بعد بضعة أيام فقط من استشهاده، وجدوها تحمل شقًا طويلاً ومخيطة من الرقبة حتى البطن، فضلاً عن تشوه جلد ظهره ونقصه، ما أكد حينها وحشية الاحتلال الصهيونى فى التعامل مع جثث الشهداء، وسرقة أعضائهم وجلودهم.
القصة منذ البداية
ففى فلسطين أثارت بعض التقارير والتصريحات أمرًا خطيرًا، يبرهن على جرائم الاحتلال البشعة ضد الفلسطينيين، الجرائم التي لا تقتصر على الأحياء فقط بل طالت الشهداء أيضًا، فلم تسلم حتى الجثامين من هؤلاء!
ففى البداية اتهم عمر الغول عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الاحتلال بسرقة الأعضاء البشرية، مستنكرًا الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ومنها خطف جثث الشهداء من داخل مستشفى الشفاء بغزة.
فيما قال منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة، إن قوات الاحتلال اختطفت أكثر من 145 جثة لشهداء فلسطينيين أثناء اقتحامها الهمجى لمستشفى الشفاء، وهذا ما دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة واصدار تقرير حول احتجاز الجيش الإسرائيلي جثث عشرات القتلى الفلسطينيين خلال حربه على قطاع غزة.
واتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الجيش الإسرائيلي بسرقة أعضاء من الشهداء في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل ومحايد، معربًا عن مخاوفه من احتمال سرقة أعضاء من جثث فلسطينيين، بعد أن وردت تقارير من أطباء في غزة قاموا بفحص بعض الجثث بعد أن أفرج عنها جيش الاحتلال.
وقالت المنظمة إنها وثقت قيام قوات الاحتلال بمصادرة عشرات الجثث من مستشفى الشفاء والإندونيسى في شمال غزة، إلى جانب جثث أخرى في الجنوب.
واستشهد المرصد بتقارير من أطباء في غزة قاموا بفحص بعض الجثث بعد أن أفرج عنها جيش الاحتلال، ووجد هؤلاء المتخصصون أدلة على سرقة الأعضاء.
ومع هذه التقارير والتصريحات الخطيرة يعود إلى السطح الحديث عن سرقة إسرائيل لأعضاء الفلسطينيين، والعديد من الشهادات التى أدلى بها أطباء إسرائيليون حول هذه الجرائم وحول امتلاك إسرائيل لأكبر بنك للجلد فى العالم.
مديرة بنك الجلد الإسرائيلى تعترف: نحتفظ بأمتار عديدة من الجلد البشرى
أثار تحقيق تليفزيوني أذيع عام 2014 على قناة إسرائيلية جدلًا واسعًا حول العالم، وذلك عندما كشفت مديرة بنك الجلد الإسرائيلي أن احتياطي إسرائيل من "الجلد البشري" وصل إلى 170 مترًا مربعًا، وهو عدد هائل نسبة لعدد سكان البلاد، وخلال التحقيق اعترف عدد من المسئولين الإسرائيليين رفيعي المستوى بنزع الأعضاء من جثامين "القتلى" الفلسطينيين والعمال الأفارقة، واستخدامها في علاج الإسرائيليين، وكذلك استخدامها في مختبرات كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية.
مدير الطب الشرعى الاسرائيلى يعترف بالجرائم الوحشية تجاه جثث الشهداء
وأقر "يهودا هس" المدير الطب الشرعى الإسرائيلى: جمعنا جلود وأعضاء وأنسجة من جثث الشهداء دون إخبار أهاليهم، معترفا بسرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلد لـ شهداء فلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، دون علم أو موافقة ذويهم، حيث أكد المسئولون الإسرائيليون أنهم لا يقتربون من جثث الموتى الإسرائيليين ولا يحصلون منها على أى أعضاء بل يعتمدون فى ذلك على جثث الفلسطينيين والعمال الأفارقة.
هل لجلد البشر فائدة بعد موتهم؟! الأطباء يجيبون
بنك الجلد هو نظام تخزين عينات من الجلد، يتم استخدامها في عمليات ترقيع أو زراعة الجلد، ومن وجهة نظر علمية، قال الدكتور عبد الرحمن عصفور استشاري جراحة التجميل والحروق والليزر بمستشفيات التأمين جامعة القاهرة، وعضو الجمعية المصرية للتجميل والإصلاح، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الجلد البشرى هو أكبر عضو من حيث المساحة فى جسم الإنسان، يحميه من التلف والالتهاب والميكروبات والتلوث، ويحمى الإنسان من الهلاك، حيث يغطى الأعصاب الطرفية، وله الكثير من الاستخدامات العلمية بالفعل، فهو عنصر هام وحيوى وقد تتوقف عليه حياة مريض بين "الحياة والموت"، ومن هنا جاءت أهميته وإنشاء بنوك خاصة للحفاظ عليه صالحًا لفترات ليست بقصيرة.
وتابع استشارى التجميل مؤكدًا أن استخدامات الجلد البشرى متنوعة ولا حصر لها، فهو العنصر الأهم فى عمليات "الترقيع"، خاصة لمصابى الحروق والحوادث، وحالات فقدان الجلد المختلفة نتيجة العلاج الإشعاعي لبعض حالات السرطان، وآثار الجروح العميقة، ويستخدم كغطاء كبير لمساحات الحروق الكبيرة، وحالات السرطانات الخبيثة، والالتهابات الملوثة والقرح الشديدة، والقدم السكرى المتضرر، وهنا قد يتم إزالة الجلد المتضرر وإبداله بآخر جيد وسليم.
جلود الموتى.. هل يمكنها إنقاذ الأحياء؟
وعن إمكانية استخدام جلد "الميت" لإنقاذ متضرر حى، قال عبد الرحمن إنه يمكن الاستفادة بالفعل من جلد الشخص "الميت"، شريطة أن يتم إزالة الجلد عنه فور وفاته من 3 إلى 6 ساعات بحد أقصى، يكون فيها الجلد ما زال "حيا" في بعض الحالات وليست جميعها، وبعد مرور الست ساعات تقريبًا يتعرض الجلد للتجمد والتصلب نتيجة توقف وصول الدم للخلايا فتضمر وتموت ويتحول إلى حالة "اسمرار الجلد" أو بالمعنى الدارج "الغرغرينا"، وقد يصل الجلد لهذه الحالة فور الوفاة ولا يصمد حتى مرور هذه الساعات السالفة الذكر.
وانتجت الأبحاث الجارية نتائج ضئيلة وفقيرة وليست نهائية -حسب تأكيد الدكتور عصفور- حول هذه الاستخدامات وذلك لأنها -إن وجدت- تتم فقط ليس لعلاج الحالة بل لإنقاذ حياتها "بشكل مؤقت" من خلال زرع خلايا بسيطة في الجسم لزيادة فرص تقبل الجسم المتضرر لها.
بنوك الجلد العالمية وتقنية نزع جلود الموتى
فيما قال الدكتور حازم أحمد أيوب، استشارى التجميل والحروق وجراحات اليد، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إنه يمكن استخدام جلود "الأموات" بالفعل في استخدامات طبية وجراحية، مشيرًا إلى أن هناك بلدان تقدمت في المجال الجراحى للحروق وأجرت أكثر من تجربة بحثية في هذا المجال، مثل إنجلترا وفى بعض ولايات "بلجيكا"، ولكن لم تثمر هذه التجارب عن نتائج مؤكدة معتمدة حتى الآن.
وعن تقنية نزع جلد "الميت"، قال الدكتور حازم إن الجراحين المتخصصين يقومون بتقشير الطبقتين السطحيتين من الجلد "الأولى والوسطى" باستخدام سكينة "الترقيع"، فور الوفاة، وتؤخذ سريعًا للتعقيم في ثلاجات "الجلد" لتحفظ تحت درجات حرارة معينة، وبتقنيات كثيرة ومعقدة للغاية، لحين نقلها واستخدامها لجسم متضرر يحتاجها"، مؤكدًا أن هذه العمليات تشهد اختبارات عديدة فى دول العالم المتقدم حالياً، وأن استخدام الجلد من شخص "ميت" تكون لإنقاذ الحياة السريع.
الجلود البشرية "منتجات" يمكن بيعها
أما عن استخدامات جلود "الموتى"، فحدثنا الدكتور محمد سويد استشارى جراحات التجميل والحروق ورئيس قسم الحروق مستشفى رأس التين العام، مؤكدًا أنه في الدول المتقدمة وفي مجال الحروق وبالأخص فى "الصين"، يتم إجراء التجارب البحثية على جلود "الموتى" للعديد من الاستخدامات الجراحية البشرية، وكذا جلود الحيوانات، بأخذ عينات بسيطة منها لتخليقها معمليا ومعالجتها، وإضافة السليكون وتعقيمها، وتختلف استخداماتها كـ"منتجات" وليس لنقلها المباشر للمريض المتضرر كما في عمليات الترقيع المعروفة الشائعة.
وأوضح أن المنتجات المخلقة من جلود "الموتى" تستخدم بأشكال عدة وكثيرة، كزرعها في جسم شخص متضرر للمساعدة في إنبات خلايا جديدة، ولكن تحتاج أيضًا بعد ذلك لتغطيتها بطبقة أخرى من الجلد السليم من الشخص "المتضرر" نفسه، ولكن أكد "سويد" أنه لا تقنية محددة أو ثابتة أو معتمدة في هذا الصدد حتى الآن.
وأكد "سويد" على أنه بالفعل يمكن بيع هذه المنتجات البشرية تحت مسمى "الجلد الصناعى"، لأنه تم تصنيعه من عينة بشرية، ويباع لإنقاذ الحياة ومصابى الحروق للاستخدامات الطبية البحتة، والعمليات الجراحية المعقدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة